الإتلاف (الأطفال والمجانين)
احفظ هذه المقالة بتنسيق PDF
لتصفح عناوين مشابهة، انظر
الإتلاف (توضيح).
الأطفال و
المجانين فهم ضامنون لما يُتلفونه في
مالهم إن كان لهم مال، وإلّا اتبعوا به في
ذمّتهم متى اكتسبوا، إلّا أن يدفعه
المالك إليهم
باختياره ويسلّطهم على إتلافه، فلا يكون مضموناً عليهم إن أتلفوه.
قال: «ما يتلف في يد
الصبيّ على ثلاثة أضرب:
أمّا ما دفع إليه باختياره وسلّطه على
هلاكه مثل
البيع و
القرض و
الهبة إذا وهبه وأقبضه فإنّ هاهنا لا يضمن؛ لأنّه باختياره هلك؛ لأنّ بيع الصبيّ وهبته كلا بيع، فإذا باعه من صبيّ وعلم أنّ بيعه كلا بيع فقد رضي بهلاكه وإتلافه، كما لو دفع إلى بالغ شيئاً فقال: أتلفه فأتلفه لم يكن عليه
الضمان ؛ لأنّه باختياره أتلفه، كذلك الصبي.
إذا جنى هذا الصبيّ على مال رجل فإنّ الضمان يتعلّق بذمّته في ماله؛ لأنّ في باب إتلاف الأموال الصبي و
البالغ سواء.
وإن كانت
الجناية على بدن فعلى ما مضى إن كان
خطأً أو عمداً على عاقلته؛ لأنّ عمد الصبي وخطأه سواء و... هذا إذا لم يدفع إليه باختياره ولم يسلّط عليه.
إذا دفع إليه باختياره ولم يسلِّطه على
الإتلاف فهو كما إذا كان قد أودع وديعة عند صبي وتلفت في يده، فهل يلزمه الضمان؟
قيل: فيه وجهان:
لا يلزمه الضمان، وهو
الأقوى ؛ لأنّ باختياره سلّطه على إتلافها وهلاكها فأشبه البيع كما لو باع.
أنّه يضمن؛ لأنّه ما اختار
التسليط ».
وقد يستثنى الصبي غير المميِّز و
المجنون فيما يتلفانه ولو مع عدم دفع المالك إليهما وتسليطهما على إتلافه؛ لأنّهما
كالعجماوات إتلافهما جُبار.
كما يستثنى من عدم الضمان الصبي المميّز فيما يُتلفه
بتقصيره مما هو
أمانة عنده إن سلّطه المالك عليه؛ لأنّه كالبالغ دون غير المميِّز والمجنون فإنّهما كسائر الحيوانات، كما صرّح بذلك
المحقق الكركي حيث قال: «وحكم الصبي والمجنون- لو أتلفا مال غيرهما أو غصباه فتلف في يدهما- في وجوب الضمان في مالهما كحكم
السفيه . وكذا في
انتفاء الضمان فيما حصل في أيديهما باختيار صاحبه مع التسليط على الإتلاف كالبيع والقرض. أمّا
الوديعة و
العارية ونحوهما إذا أتلفاها أو تلفت بتفريطهما ففي الضمان تردّد.
وقرّب المصنّف (
العلّامة الحلّي ) في
التذكرة و
التحرير عدم الضمان. لكن ضمان الصبي المميّز إذا باشر الإتلاف قويّ، و
التفريط لا يقصر عن الإتلاف، أمّا غير المميّز والمجنون فهما كسائر الحيوانات».
لكنه
تراجع عن بعض ذلك في بحث الوديعة حيث قال: «والحقّ أن يقال: إنّ الصبي إذا كان مميّزاً يضمن بالإتلاف قطعاً؛ لوجود
المقتضي وانتفاء
المانع ؛ إذ ليس إلّا كونه غير بالغ، وذلك لا يصلح للمانعية، خصوصاً
المراهق فانّه كالبالغ في فعله وقصده وركون الناس إليه، نعم لا يضمن بالتقصير؛ لعدم وجوب
الحفظ عليه. فإن قيل: إذا تلفت في يده بالتقصير يجب أن يضمن؛ لعموم «على اليد ما أخذت حتى تؤدّي» ولهذا لو وضع يده عدواناً فتلفت العين في يده يضمن. قلنا: يمكن أن يفرق بين وضع يده عدواناً وبين ما إذا كان
الوضع بإذن المالك وتسليطه؛ إذ لا
عدوان وهو ظاهر، ولا تقصير؛ لعدم وجوب الحفظ عليه حينئذٍ.
أمّا إذا كان غير مميّز أو كان مجنوناً ففي
ثبوت الضمان في مالهما بالإتلاف تردّد. وليس ببعيد القول بالضمان؛ لوجود المقتضي وهو الإتلاف، ولا مانع إلّا تسليط المالك إيّاهما، وهو غير صالح للمانعية؛ لأنّه لم يسلّطهما على الإتلاف، بل أراد منهما الحفظ. غاية ما في الباب أنّه لعدم صلاحيتهما للحفظ عرّض ماله للإتلاف، وهذا
القدر غير كافٍ في سقوط الضمان عن متلفهما، وإنّما قلنا: انّه لا مانع إلّا هذا؛ لأنّهما لو أتلفا المال بدون
إيداع المالك يضمنان قطعاً، فانحصر المانع فيما ذكرناه، وهذا القول قويّ متين».
ويظهر من كلمات بعض الفقهاء في الوديعة و
اللقطة وغيرهما أنّ ما يتلفانه إنّما يكون مضموناً في مالهما مع عدم تفريط
الولي في التحفّظ عليهما أو على ما يقع في أيديهما من أموال حيث يجب، وإلّا فيكون مضموناً عليه.
قال: «لو تلفت اللقطة في يد الصبي قبل
الانتزاع من غير تقصير فلا ضمان على الصبي، وإن كان الوليّ قصّر بتركها في يده حتى تلفت أو أتلفها فعليه الضمان، كما لو احتطب الصبي وتركه الولي في يده حتى تلف أو أتلفه يجب الضمان على الوليّ؛ لأنّ عليه حفظ الصبي عن مثله».
قال: «ويد الطفل والمجنون يد الوليّ مع
اطّلاعه ، ومع
القبض يضمن بكلّه مع تعلّق
التلف بكلّه، ومع تعلّقه ببعضه لبعض، وإذا أطلقه ( الصيد)
سليماً فلا ضمان عليه».
وقال أيضاً: «إن أتلفا (أي
الطفل والمجنون) شيئاً منهما مع تفريط الوليّ كان الضمان عليه، ومع عدمه يكون الضمان عليهما، فيؤدّي الوليّ
العوض من مالهما».
وللتفصيل في هذا البحث محالٌّ اخرى يأتي فيها إن شاء
اللَّه تعالى.
الموسوعة الفقهية، ج۳، ص۳۰۰-۳۰۲.