الإسدال
احفظ هذه المقالة بتنسيق PDF
هو
الإرخاء الشىءو يستعملونه الفقهاء في معاني المختلفة.
الإسدال- لغة- هو
إرخاء الشيء
وإرساله .
ولا يختلف
المعنى الاصطلاحي للإسدال عن
المعنى اللغوي ، وإن اختلفت معانيه باختلاف موارده كما سيتّضح ذلك خلال البحث.
صرّح غير واحد من
الفقهاء بكراهة إسدال
الرداء في
الصلاة ،
بل نسب ذلك إلى الأكثر؛
ولعلّه
لخبر
زرارة عن
أبي جعفر عليه السلام، قال: «خرج
أمير المؤمنين علي عليه السلام على قوم فرآهم يصلّون في
المسجد قد سدلوا أرديتهم، فقال لهم:ما لكم قد سدلتم ثيابكم كأنّكم يهود قد خرجوا من فهرهم- يعني بيعتهم- إيّاكم وسدل ثيابكم».
والمراد من الرداء- على ما صرّح به بعضهم- الثوب الذي يجعل على
المنكبين ،
وهو ثوب مخصوص ليس بذي
أكمام يستر أعالي البدن، يوضع فوق الثياب، كما يستفاد ذلك من
النصوص وغيرها،
فيكون المراد من كراهة إسدال الرداء إرساله إلى الصدر بعد وضعه على الكتفين.
إلّاأنّه قد يستفاد من ظاهر بعض
الروايات عدم كراهة ذلك، كرواية
عبد اللَّه ابن بكير ، حيث سأل
أبا عبد اللَّه عليه السلام عن الرجل يصلّي ويرسل جانبي ثوبه، قال:«لا بأس».
ورواية
علي بن جعفر عن أخيه
موسى ابن جعفر عليهما السلام قال: سألته عن الرجل هل يصلح له أن يجمع طرفي ردائه على يساره؟ قال: «لا يصلح جمعهما على اليسار، ولكن اجمعهما على يمينك أو دعهما...».
وقد بذلت عدّة محاولات للجمع بين هذه الأخبار:
منها: حمل عدم
البأس وجملة (دعهما) على نفي التحريم.
ومنها: حمل الإسدال المكروه على
الالتحاف بالثوب وإدخال اليد تحته في حالتي
الركوع والسجود ، وحمل الإسدال غير المكروه على غير هاتين الحالتين.
ومنها: حمل الكراهة على وضع الرداء فوق الرأس ثمّ إسداله، وحمل
الجواز على وضعه فوق المنكب.
استفاضت
الأخبار في
استحباب إسدال
العمامة مطلقاً في الصلاة وغيرها، كما في رواية
علي بن أبي علي اللهبي عن أبي عبد اللَّه عليه السلام قال: «عمّم
رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عليّاً عليه السلام بيده، فسدلها من بين يديه، وقصّرها من خلفه قدر أربع أصابع، ثمّ قال: أدبر، فأدبر، ثمّ قال: أقبل، فأقبل، ثمّ قال: هكذا تيجان الملائكة».
وكذا في رواية عبد اللَّه بن سليمان عن أبيه، قال: إنّ
علي بن الحسين عليه السلام دخل المسجد وعليه عمامة سوداء قد أرسل طرفيها بين كتفيه.
إلى غير ذلك من الروايات الدالّة على استحباب الإسدال في العمامة.
وهناك روايات اخرى دالّة على استحباب
التحنّك الذي تختلف كيفيته عن الإسدال، بإمرار طرف العمامة تحت الحنك، بينما لا يكون الإسدال إلّابإرسال طرفها إلى الصدر أو الظهر مباشرة. ولأجل التوفيق بين هذين المستحبّين بذلت محاولات عديدة للجمع بينهما:
منها: حمل أخبار الإسدال على استحبابه حال
الحرب ونحوها ممّا يراد إظهار القوّة والتفوّق على العدوّ، وحمل أخبار التحنّك على استحبابه في حالتي الخشوع والسكينة أمام اللَّه تعالى.
ومنها: حمل أخبار التحنّك على الاستحباب حين لفّ العمامة، وحمل أخبار الإسدال على الاستحباب بعد لفّها.
ومنها: اختصاص الإسدال بالرسول صلى الله عليه وآله وسلم والعترة الطاهرة عليهم السلام؛ لورود أخبار الإسدال فيهم خاصة، واختصاص التحنّك بعامّة الناس.نقل هذه المحاولات في الرياض.
ومنها:
التخيير بين أخبار الإسدال والتحنّك ممّا يعني تسليماً
باستقرار التعارض بينهما.
لا خلاف في جواز إسدال المرأة الثوب من رأسها على وجهها في الجملة حال
الإحرام ،
وإنّما
الخلاف في مقداره؛ لاختلاف الروايات الدالّ بعضها على جوازه إلى الطرف الأعلى للأنف- وهو ملتقى الحاجبين- وبعضها إلى
الفم ، وثالثة إلى
الذقن ، ورابعة إلى
النحر ، وخامسة إلى النحر أيضاً في حال الركوب.
وجواز إسدال الثوب على الوجه حال الإحرام في جميع الصور المذكورة لا ينافي حرمة تغطيته حاله؛ لملازمة
التغطية لإلصاق الثوب بالوجه، بخلاف الإسدال فإنّه لا يكون كذلك دائماً، والجائز منه صورة عدم
إلصاق الثوب بالوجه خاصة.
الموسوعة الفقهية ج۱۲، ص۴۳۷-۴۳۹.