الانتساب (إلى الأبوين)
احفظ هذه المقالة بتنسيق PDF
لتصفح عناوين مشابهة، انظر
الانتساب (توضيح) .
ذكر
الفقهاء شروطاً لانتساب
الولد إلى
الأبوين ، بحيث لو لم تتحقّق هذه
الشروط لا يمكن نسبته إليهما.
منها:
النكاح الصحيح، بمعنى
الوطء المستحقّ في نفس
الأمر بأصل
الشرع ، سواء كان
بالعقد أو
الملك .
ومنها: مضيّ أقلّ مدّة
الحمل (ستّة أشهر) من حين الوطء.
ومنها: عدم
تجاوز الحمل أقصى مدّته.
ولو اشتبهت عليه
أجنبيّة فظنّها زوجته أو مملوكته فوطأها لحق به
الولد .
ولهذه الشروط تفاصيل ومسائل كثيرة ترتبط بها تذكر في محلّها.
ويترتّب على هذه الشروط و
الإخلال بها عناوين اخرى، وهي:
إذا لاعن
الزوج زوجته وذلك بعد أن قذفها ونفى الولد منه وتمّت
الملاعنة بشروطها، يترتّب على ذلك أنّ الولد بعد
اللعان لا يُدعى لأبيه؛
لانقطاع نسبه باللعان.
نعم، لو أكذب الزوج نفسه بعد
اللعان يلحق به الولد، كما هو
المتّفق عليه بين
الفقهاء ، وقالوا بأنّ
الإلحاق هنا يكون فيما على
الأب لا فيما له، فبعد أن كان
الإرث بينهما بعد اللعان
منقطعاً يرجع بعد
الإلحاق للولد دون الأب، أي يرث الولد أباه
المعترف به، ولا يرثه الأب
إجماعاً ونصّاً.
ذكر بعض الفقهاء عدم ثبوت النسب شرعاً بين
ولد الزنا وبين من تولّد من مائه.
قال: «لا يثبت النسب مع
الزنا إجماعاً بقسميه، بل يمكن دعوى ضروريّته فضلًا عن
دعوى معلوميّته من
النصوص أو
تواترها فيه، فلو زنى فانخلق من مائه ولد على
الجزم لم ينسب إليه شرعاً على وجهٍ يلحقه الأحكام، وكذا بالنسبة إلى
امّه ».
ولكن قد يقع هنا توهّم بحكمنا بنفي النسب شرعاً عن ولد الزنا.
ومفاده: إذا كان ولد الزنا لا ينسب شرعاً إلى من تولّد من مائه فلابدّ والحال هذه أن لا يحرم على
الرجل نكاح
ابنته من الزنا، ولا على
ابن الزنا أن ينكح
اخته أو عمّته ما دام
أجنبياً عمّن خلق من مائه.
وهذا ما وقع فيه بعض
أصحاب المذاهب الاخرى
كمالك و
الشافعي ، حيث حكموا بالجواز؛ وعلّلوا بأنّها أجنبيّة لا تنسب إليه شرعاً.
إلّاأنّ فقهاء
الإماميّة - ووافقهم بقية فقهاء المذاهب الاخرى، منهم:
أبو حنيفة وابن حنبل - التزموا بالتفصيل في حكم ولد الزنا، فقالوا
بتحريم المصاهرة بينه وبين محارمه، واستدلّوا عليه بأنّ ولد الزنا ولد لغة وعرفاً، فيحرم عليه وعلى أبيه ما يحرم على الآباء و
الأبناء .
ومن جهة اخرى ذهبوا إلى عدم
التوارث بينهم،
مستدلّين عليه بأنّه ليس بولد شرعاً،
فانتفاء النسب إنّما يكون شرعاً وبلحاظ التوارث فقط.
قال: «إنّ الولد- لغة- من يتكوّن من ماء الشخص، وليس له حقيقة شرعيّة، و
الشارع لم ينف النسب في باب الزنا ولم يرد منه أنّ ولد الزنا ليس بولد، وإنّما نفى الإرث عنه فقط، فأحكام النسب تترتّب في باب الزنا ما عدا الإرث، فهو ولد لغة وشرعاً؛ ولذا لا يجوز أن يتزوّج الزاني ببنته من الزنا، ولا ابن الزانية بامّه».
الموسوعة الفقهية، ج۱۷، ص۳۹۳-۳۹۵.