الانقراض
احفظ هذه المقالة بتنسيق PDF
هو
اختفاء الشىء
وانقطاعه.
الانقراض- لغة-: مصدر انقرض، وهو في اللغة بمعنى
الانقطاع والموت، يقال:قرضتُ الشيء قرضاً، أي قطعته، وقَرَضَ فلان، أي مات، وانقرض القوم، أي ماتوا ولم يبق منهم أحد.
واستعمله الفقهاء في معناه اللغوي.
وهو- لغة- مصدر انقطع، ومن معانيه
الانفصال ، أي الفصل بين الأجزاء المتّصلة
.
والفرق بين الانقطاع والانقراض أنّ الانقطاع قد يراد منه الشيء الذي لم يوجد أصلًا كالوقوف على منقطع الأوّل، أمّا الانقراض، فيكون- حصراً- في الأشياء التي وجدت ثمّ انعدمت.
هذا، وهناك موارد في
الفقه استعمل الفقهاء فيها الانقراض بمعنى الانقطاع وعدم البقاء، كانقراض حول
الزكاة ،
أي انقطاع الحول الذي لوحظ للمال الزكوي.
وانقراض المستحقّ،
أي انقطاعه بموته أو
باستغنائه . وانقراض المخالف،
أي عدم بقاء واحد ممّن خالف في المسألة المتنازع فيها، حيث يقال ذلك لتثبيت [[|الإجماع]]
واستقراره .وجميع هذه المباحث يأتي الكلام فيها في محلّها وفي مصطلح (انقطاع).
يختلف حكم الانقراض باختلاف موارده وما يضاف إليه، وفيما يلي نشير إلى تلك الموارد التي وردت في كلمات الفقهاء:
المشهور صحّة الوقف على من ينقرض غالباً وبحسب العادة، كالوقف على الأولاد وأولاد الأولاد من دون ذكر المصرف بعد انقراضهم،
بل صرّح بعضهم بعدم الفرق في صحّة الوقف ورجوعه إلى ورثة الواقف بين كون الموقوف عليه ممّا ينقرض غالباً وبين كونه ممّا لا ينقرض غالباً فاتّفق انقراضه.
وذهب جماعة إلى أنّه حبس، وعلّله بشرطية
الدوام في الوقف.
وعلى القول بأنّه حبس لا إشكال في أنّه بعد الانقراض يرجع إلى الواقف أو وارثه، بل من الأوّل لم يخرج عن ملكه ويتعيّن رجوعه مع موت الواقف إلى ورثته.
وأمّا على رأي المشهور فقد ذهب الأكثر
- بل المشهور
- إلى أنّه يعود بعد انقراضهم إلى ورثة الواقف؛
لظاهر توقيع
الإمام العسكري عليه السلام: «الوقوف تكون على حسب ما يوقفها أهلها إن شاء اللَّه».
واختار جماعة من الفقهاء أنّه يعود إلى ورثة الموقوف عليهم؛
لانتقال الملك إلى الموقوف عليهم قبل الانقراض فيستصحب.
ويوجد في المسألة قول ثالث يرى صرفه في وجوه البرّ.
ولو ادّعى بعض الورثة أنّ
الميّت وقف عليهم داراً- مثلًا- وبعدهم على نسلهم، فإن حلف المدّعون أجمع مع الشاهدالواحد قضي لهم بالوقفيّة ولم يؤدّ منه دَين ولا
وصيّة .
فإن انقرض المدّعون معاً أو على التعاقب، فهل يأخذ البطن الثاني الدار بغير يمين، أم يتوقّف حقّهم على اليمين؟
ذكر
الشهيد في
المسالك وجهين مبنيّين على أنّ البطن الثاني إن كانوا يتلقّون الوقف من البطن الأوّل فلا حاجة إلى اليمين، وإن كانوا يتلقّونه من الواقف فهم بحاجة إلى اليمين، واعتبر الأوّل هو الأشهر.
واختار بعضهم
أنّه متوقّف على اليمين حتى على الوجه الأوّل.وإن امتنع المدّعون عن الحلف وانقرضوا لم يبطل حقّ البطن الثاني
بامتناع البطن الأوّل، بل يقضى لهم بالوقفية مع اليمين والشاهد.
استثني من حرمة بيع الأصنام ما لو انقرض عبدتها وعدم
احتمال عابد لها في المستقبل؛ ضرورة أنّ الأدلّة اللفظية قاصرة عن
إثبات الحكم لهذه الصورة ومنصرفة عنها، ومعقد الإجماع وعدم الخلاف غير شامل لها.وأمّا
الاستصحاب فإنّما يجري لو احرز تعلّق الأحكام بصنم- ولو من باب التطبيق- وشكّ في بقائها، وأمّا إذا احتمل عدم التعلّق فلا، وذلك كالصنم الذي يحتمل صنعته بعد انقراض عابديه لأغراض اخرى.بل لا يجري الاستصحاب في الأصنام التي علم صنعتها والعبادة لها قبل
الإسلام مع انقراض عبدتها في تلك الأعصار؛ لعدم جريان استصحاب أحكام الشرائع السابقة.
عدّ الفقهاء من
الأنفال كلّ أرض خربة باد أهلها،
والمراد من باد أهلها موتهم وانقراضهم بتاتاً، بحيث أصبحت الأرض ممّا لا مالك له.
ويشهد
لكونها من الأنفال بهذا المعنى جملة من النصوص الدالّة على أنّ كلّ أرض لا ربّ لها من الأنفال،
والنصوص المتضمّنة أنّ من لا وراث له فماله من الأنفال.
لا دليل على حرمة تنظيم النسل وتحديده بما هو، اللهمّ إلّاأن ينطبق عليه عنوان ثانوي كحفظ النظام،
أو يشكّل تحديد
النسل وتقليل المواليد خطراً على الدين أو المذهب.
نعم، تحديد النسل النوعي- بمعنى توقيف نسل الامّة إلى حدّ معيّن بحيث يؤدّي إلى الانقراض- حرام شرعاً.بل يستظهر من قوله تعالى: «وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ وَاللّهُ لَايُحِبُّ الْفَسَادَ»،
مرجوحية
إهلاك الحرث والنسل عامّة.ولم يتحدّث الفقهاء عن انقراض الحيوان أو النباتات، وظاهرهم أنّه بعنوانه الأوّلي لا إشكال فيه، فلا يجب الحفاظ على أيّ حيوان أو نبات من الانقراض، إلّاإذا لزم من ذلك الضرر على الناس، كانقراض الأنعام الثلاثة مع حاجة الناس نوعاً إلى لحومها وألبانها وأصوافها ونحو ذلك، فيجب
الحيلولة دون انقراض ما يكون في انقراضه ضررٌ على الإنسان أو تفويت منافع صحّية أو علاجية طبية كبيرة عليهم بما لا يرضى الشارع به.
الموسوعة الفقهية، ج۱۸، ص۴۴۳-۴۴۶.