الرهن أمانة في يد المرتهن
احفظ هذه المقالة بتنسيق PDF
(والرهن أمانة في يد
المرتهن ، ولا يسقط بتلفه شيء من ماله ما لم يتلف بتعدٍ أو تفريط) بلا خلاف بين الأصحاب على الظاهر، بل عليه
الإجماع عن الشيخ وفي التذكرة ونهج الحق للفاضل والسرائر والغنية؛
وهو الحجة.
مضافاً إلى
الأصل ، والمعتبرة المستفيضة، منها الصحاح، في أحدها : رجل رهن عند رجل رهناً فضاع الرهن، قال : «هو من مال الراهن، ويرتجع المرتهن عليه بماله».
وفي الثاني : الرجل يرهن عند الرجل رهناً فيصيبه شيء أو يضيع، قال : «يرجع عليه بماله».
وفي الثالث : الرجل يرهن الغلام أو الدار فتصيبه
الآفة ، على من يكون؟ قال : «على مولاه» ثم قال لي : «أرأيت لو قتل قتيلاً على من يكون؟» قلت : هو في عنق العبد، قال : «ألا ترى لِمَ يذهب من مال هذا؟» ثم قال : «أرأيت لو كان ثمنه مائة دينار فزاد وبلغ مائتي دينار لمن كان يكون؟» قلت : لمولاه، قال : «وكذا يكون عليه ما يكون له».
ومنه ومما في معناه مما دلّ على
التلازم بين النقصان والمنفعة يظهر وجه إمكان
الاستناد في المقام إلى المعتبرة المتقدمة الدالّة على أن نماء الرهن للراهن ، ولكن بإزائها أخباراً ظاهرة المخالفة بحسب
الإطلاق في الحكم، منها الصحيح : عن قول
علي عليه السلام في
الرهن : «يترادّان الفضل» قال : «كان عليه السلام يقول ذلك» قلت : كيف يترادّان الفضل؟ فقال : «إن كان الرهن أفضل مما رهن به ثم عطب ردّ
المرتهن الفضل على صاحبه، وإن كان لا يسوى ردّ الراهن ما ينقص من حقّ المرتهن» قال : «وكان ذلك قول علي عليه السلام في الحيوان وغير ذلك».
ونحوه الموثق كالصحيح.
وحملا على تفريط المرتهن؛ للمرسل في الرهن : «إذا ضاع من عند المرتهن من غير أن يستهلكه رجع في حقه على الراهن فأخذه، فإن استهلكه ترادّا الفضل بينهما».
وبه أيضاً يشعر ظاهر الصحيح : عن الرجل يرهن الرهن بمائة درهم وهو يسوي ثلاثمائة درهم فهلك، أعلى الرجل أن يردّ على صاحبه مأتي درهم؟ قال : «نعم، لأنه أخذ رهناً فيه فضل فضيّعه» قلت : فهلك نصف الرهن، قال : «على حساب ذلك».
ونحوه الخبر : «إذا رهنت عبداً أو دابةً فماتا فلا شيء عليك، وإن هلكت الدابة أو أبق الغلام فأنت ضامن».
لحمل الهلاكة فيه على
الإهلاك ليرتفع المنافاة بين حكمية بالنفي
والإثبات ، وهو وجه
الإشعار فيه، كالتعليل بالتضييع في الأوّل.
ويمكن أيضاً حملهما على التقيّة؛ لكون الضمان مذهب العامة، كما يظهر من عبائر نقله الإجماع في المسألة، وحكاه الفاضل صريحاً عن أبي حنيفة،
واحتجّ عليه كابن زهرة في الغنية
بالنبويين المشهورين بين الخاصّة والعامّة، في أحدهما : «لا يغلق الرهن، الرهن من صاحبه، له غنمه وعليه غرمه».
وفي الثاني : «الخراج بالضمان»
وخراجه للراهن إجماعاً.وربما يشعر بالورود عليها نسبة الحكم في الأوّل إلى علي عليه السلام خاصة، من دون أن ينسبه إلى نفسه بالمرّة، وهو ظاهر في الورود تقيّة، سيّما مع تكرار ذكر النسبة.
مضافاً إلى صريح بعض المعتبرة، كالموثق : قلت له : الرجل يرتهن العبد فيصيبه عوراً وينقص من جسده شيء، على مَن يكون نقصان ذلك؟ قال : «على مولاه» قلت : إنّ الناس يقولون : إن رهنت العبد فمرض أو انفقأت عينه فأصابه نقصان في جسده، ينقص من مال الرجل بقدر ما ينقص من العبد، قال : «أرأيت لو أنّ العبد قتل قتيلاً على من يكون جنايته؟» قال : «جنايته في عنقه».
ثم إن مفهوم العبارة هنا وفي الشرائع
سقوط الحق بتلف الرهن مع الضمان، وهو صريح المعتبرة المتقدمة.
ويشكل الاستناد إلى إطلاقها مع مخالفة ظاهر أكثرها المجمع عليه بين الطائفة، واحتمالها الحمل على التقية، كما مرّت إليه الإشارة، وضعف الرواية السليمة عن القدحين وعدم جابر لها في البين.مضافاً إلى مخالفتها
القاعدة فيما إذا لم يكن الدين من جنس ما يضمن به التالف، فلا يسقط من الحق شيء وإن كان التالف مضموناً،
لاختلاف الحقين.ويمكن حملها على
التراضي أو التقاصّ، وإلاّ فيشكل الاستناد إليها؛ لما مضى.
(وليس له) أي المرتهن (التصرف فيه) أي الرهن؛ لما مضى في منع الراهن عنه الجاري هنا عموماً وفحوى.مضافاً إلى المعتبرة، منها الموثق كالصحيح : عن رجل رهن رهناً ثم انطلق فلا يقدر عليه، أيباع الرهن؟ قال : «لا، حتى يجيء».
ونحوه في آخر،
مثله في القرب من الصحة، يتضمن سنده كالأوّل من أجمعت
العصابة على تصحيح ما يصحّ عنه.
رياض المسائل، ج۹، ص۲۱۹-۲۲۳.