الصفات المستحبة للمؤذن
احفظ هذه المقالة بتنسيق PDF
هناك عدّة صفات يستحبّ أن يتّصف بها المؤذّن وهي كما يلي:
يستحبّ أن يكون
المؤذّن عدلًا
بغير خلاف فيه،
بل ادّعي عليه
الإجماع ؛
لقول
النبي صلى الله عليه وآله وسلم: «يؤذّن لكم خياركم».
وقوله عليه السلام: «المؤذّن مؤتمن».
ولأنّه مخبر عن الوقت ويقلّده ذوو الأعذار، فينبغي أن يكون معتمداً في ذلك ليقبل إخباره.
ولأنّ
الفاسق لا يؤمن تطلّعه على العورات حال أذانه على مرتفع.
ويصحّ أذان الفاسق؛ لإطلاق
الأمر بالأذان والحثّ عليه،
ولجواز أذان
الصبي مع عدم تعقّل اتّصافه
بالعدالة بناءً على أنّها من أوصاف المكلّفين،
ولأنّه يصحّ أذانه الشرعي لنفسه؛ لكونه عاقلًا فيعتبر في حقّ غيره؛ لعدم المانع.
وأمّا عدم قبول إخبار الفاسق فلاحتمال
الكذب ، وليس كذا
إيقاعه للأذان.
وخالف في ذلك
ابن الجنيد فاعتبرها فيه ومنع من
الاعتداد بأذان الفاسق.
وإن احتمل بعض أن يريد عدم الاعتداد به في دخول الوقت،
وقال المحقق النجفي : «نعم، قد يومئ إلى عدم اعتباره اشتهار عدم التعويل على أذان العدل العارف للمتمكّن من معرفة الوقت».
بل قال
المحقّق النجفي : «وكذا العدل لغير ذوي الأعذار، وإن كان هو مقتضى ما ورد من ائتمانهم
القاضي بتصديقهم، فالأولى حينئذٍ
إرادته عدم حصول الموظّف من نفي الاعتداد».
واستوجه الشهيدان اعتبار العدالة في
المستأجر أو المرتزق من
بيت المال للإمام أو المجتهد؛ لما فيه من كمال
المصلحة .
ونوقش فيه بأنّه لا دليل على وجوب مراعاة
الكمال عليهما، ولو سلّم فليس شرطاً في وظيفة الأذان بحيث لا يعتدّ به لو كان من فاسق، بل هو تكليف آخر يأثم
المجتهد بعدم مراعاته.
ثمّ إنّ مرجع هذا
الندب إلى المكلّفين لا المؤذّن، أي يستحبّ لهم في تأدية هذه الوظيفة الكفائيّة اختيار الثقة العدل؛ لصحّة أذان الفاسق مع كونه مأموراً بالأذان.
وذهب بعض آخر إلى أنّ مرجعه
الإمام والحاكم .
وقال المحقق النجفي: «لا بأس به إذا اريد ذلك حيث يكون لهما الاختيار وأنّهما أحد المخاطبين بالوظيفة المزبورة».
ويظهر من
المحقّق الأردبيلي أنّ مرجعه كلّ من الحاكم والمكلّفين، حيث قال:«استحباب كونه عدلًا بمعنى شدّة استحباب اختيار العدل ذلك، وترك الفاسق أو نصب الحاكم إيّاه ظاهراً».
ويستحبّ أن يكون المؤذّن أميناً كما هو صريح
الشيخ الطوسي والقاضي ابن البرّاج وغيرهما.
وممّا يستحبّ أن يتّصف به المؤذّن
البلوغ ؛
لأنّ البالغ أكمل وأعرف وإسلامه حقيقيّ، ولقول النبي صلى الله عليه وآله وسلم- المتقدّم-: «يؤذّن لكم خياركم»، مضافاً إلى أنّ مؤذّنيه صلى الله عليه وآله وسلم كانوا بالغين.
وليس شرطاً إجماعاً، بل يجوز من المميّز ويعتدّ به؛
لاجتماع الشرائط فيه، كما تقدّم.
ويستحبّ أن يكون المؤذّن مبصراً،
وادّعي عليه الإجماع؛
وذلك لأنّه يأمن من الغلط ويتمكّن من معرفة الأوقات.
وليس شرطاً، فلو أذّن
الأعمى جاز ويعتدّ به؛
للأصل ، والإطلاقات، ولما ورد في
ابن امّ مكتوم أنّه كان يؤذّن للنبي صلى الله عليه وآله وسلم وهو أعمى.
ولكن يكره أن يؤذّن الأعمى إذا لم يتقدّمه بصير
أو لم يكن معه من يسدّده ويعرّفه الوقت؛
ولعلّ هذا هو مراد من قيّد جواز تأذين الأعمى بما إذا كان معه من يسدّده ويعرّفه الوقت.
لما ورد من أنّ ابن امّ مكتوم الأعمى كان يؤذّن للنبي صلى الله عليه وآله وسلم ولا ينادي حتى يقال له: أصبحت أصبحت، وكان يؤذّن بعد أذان
بلال .
ثمّ إنّ فاقد احدى العينين من المبصر كغير صحيح العينين حتى الأرمد.
ويستحبّ أن يكون المؤذّن بصيراً بمعرفة الأوقات
بلا خلاف فيه؛
لأنّه إذا لم يكن عالماً بالمواقيت ربّما أذّن في غير وقت الصلاة وقلّده غيره من ذوي الأعذار،
ولأشدّية عمى البصيرة من عمى البصر، واحتمال كونه المراد من العارف
في قوله عليه السلام: «لا يستقيم الأذان ولا يجوز أن يؤذّن به إلّا رجل مسلم عارف...».
وليست البصارة شرطاً فيجوز الاعتداد بأذان
الجاهل إذا كان في الوقت؛
للأصل والعمومات
ولحصول المطلوب.
والكلام فيه من حيث اشتراط المسدّد وعدمه كالأعمى.
ذهب الشيخ الطوسي
وابن حمزة
إلى استحباب كون المؤذّن مضطلعاً بالعمل، أي قيّماً به وقادراً عليه كما في
السرائر ،
ولم يتعرّض لها أكثر الفقهاء.
ويستحبّ أن يكون المؤذّن صيّتاً
أي شديد الصوت؛ لقوله صلى الله عليه وآله وسلم لعبد اللَّه بن زيد: «ألقه على بلال؛ فإنّه أندى منك صوتاً»،
ولقول
الصادق عليه السلام في خبر عبد الرحمن بن أبي عبد اللَّه: «إذا أذّنت فلا تخفينّ صوتك؛ فإنّ اللَّه يأجرك مدّ صوتك فيه».
وإلى غير ذلك من الروايات.
ويستحبّ أيضاً أن يكون المؤذّن حسن الصوت؛
لتقبل القلوب على سماعه،
وناقش
المحدث البحراني في الدليل بأنّ
الاستحباب حكم شرعي
وإثبات الأحكام الشرعية بمثل هذه التعليلات العليلة مجازفة.
ويستحبّ أن يكون فصيحاً؛
لما في
دعائم الإسلام نقلًا عن
عليّ عليه السلام أنّه قال:«ليؤذّن لكم أفصحكم».
والمراد
بالفصاحة هنا معناها اللغوي، بمعنى خلوص كلماته وحروفه عن
اللكنة واللثغة ونحوهما بحيث تتبيّن حروفه بياناً كاملًا، لا
المعنى الاصطلاحي أي ملكة البيان والتعبير؛ لأنّ الملكة التي يقتدر بها على التعبير عن المقصود بلفظ فصيح لا دخل لها في ألفاظ الأذان المتلقّاة من غير زيادة ولا نقصان.نسبه إلى ثاني الشهيدين في
الحدائق.
الموسوعة الفقهية، ج۸، ص۱۶۴-۱۶۸.