النوح بالباطل
احفظ هذه المقالة بتنسيق PDF
(والنوح بالباطل) بأن تصفه بما ليس فيه، إجماعاً ظاهراً، وحكي عن
المنتهى صريحاً.
وهو الحجة فيه، مع ما دلّ على حرمة الباطل، وربما يحمل عليه
إطلاق المستفيضة المانعة، كحديث المناهي المروي في الفقيه «نهى عن النياحة
والاستماع إليها».
ونحوه المروي عن معاني الأخبار في وصيّة
النبي صلى الله عليه وآله وسلم لفاطمة سلام الله علیها : «إذا أنا متُّ فلا تقيمنّ عليّ نياحة».
وعن الخصال : «إنّ النائحة إذا لم تتب قبل موتها تقوم يوم القيامة وعليها سِربال من قَطِران ودِرع من جَرَب».
وبظاهرها أخذ
المبسوط وابن حمزة،
مدّعياً الأوّل
الإجماع عليه.و (أمّا) الأكثر فقالوا : إذا كان (بالحق فجائز) عن المنتهى الإجماع عليه؛
وهو الحجة، بعد
الأصل ، والمعتبرة المستفيضة :
منها الصحيح : «لا بأس بأجر النائحة التي تنوح على
الميت ».
وأظهر منه الصحيح المشهور في تجويز النبي صلى الله عليه وآله وسلم وتقرير نياحة
أُمّ سلمة على ابن عمّها بحضرته.
وقريب منهما الموثق، المتضمّن لوصيّة مولانا
الباقر عليه السلام إلى
الصادق عليه السلام بوقف مال مخصوص لنوادب تندبه عشر سنين بمنى أيّام منى.
ونحوه الموثق الآخر، إلاّ أنّ فيه النهي عن اشتراط الأُجرة،
وحمل معه على الكراهة.والمرسل : عن أجر النائحة، فقال : «لا بأس به، قد نيح على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم».
إلى غير ذلك من الأخبار المعتضدة بالأصل، والشهرة العظيمة، وحكاية الإجماع المتقدّمة، والمخالفة للعامّة كما قاله بعض الأجلّة حاملاً للأخبار السابقة على التقيّة.
وهو حسن. مضافاً إلى قصور أسانيدها، واحتمالها الحمل على ما مرّ، بقرينة المرسل في الفقيه، ولعلّه الرضوي : «لا بأس بكسب النائحة إذا قالت صدقاً».
أو الحمل على
الكراهة ، كما يشعر بها الموثق : عن كسب المغنية والنائحة، فكرهه.
والمروي عن
علي بن جعفر في كتاب مسائله، عن أخيه عليه السلام عن
النوح على الميت أيصلح؟ قال : «يكره».
أو على عدم الرضاء بقضائه سبحانه وترك الصبر لأجله، ففي الخبر : «من أقام النياحة فقد ترك الصبر وأخذ في غير طريقه»
الحديث، فتأمّل.
وإجماع الشيخ مع معارضته بأقوى منه، وتطرّق الوهن إليه بمصير الأكثر إلى خلافه مردود كإخباره، مع ما هي عليه من القصور سنداً،
واحتمال الورود تقيّة إلى القول الأوّل.نعم، الكراهة على الإطلاق غير بعيدة، وفاقاً للتهذيب،
مسامحة في أدلّة الكراهة. ولا ينافيها وصيّة الباقر عليه السلام؛ لاحتمال الفرق بينهم : وبين سائر الأُمّة، مع أنّه قائم بالضرورة،
لاستحبابه لهم : دونهم.
رياض المسائل، ج۸، ص۱۵۹-۱۶۱.