الواقف بصفة الموقوف عليه
احفظ هذه المقالة بتنسيق PDF
إذا وقف على الفقراء وكان الواقف منهم جاز أن يشركهم
(السابعة : إذا وقف على الفقراء) أو الفقهاء، أو العلماء، أو نحوهم من ذوي الأوصاف الذين جعل
الوقف لهم من حيث الوصف دون الشخص (وكان) الواقف (منهم) أي بصفتهم حال الوقف، أو اتّصف بها بعده (جاز أن يشركهم) فيه في المشهور بين الأصحاب، بل في
الغنية وعن المبسوط
نفي الخلاف عنه.
وهو الحجّة المؤيّدة بما ذكره جماعة
: من أن الوقف على مثل ذلك ليس وقفاً على الأشخاص المتّصفين بهذه الصفة، بل على الجهة المخصوصة، ولهذا لا يعتبر قبولهم ولا قبول بعضهم ولا قبضهم وإن أمكن، ولا ينتقل الملك إليهم، وإنما ينتقل إلى الله سبحانه، ولا يجب صرف
النماء إلى جميعهم، ومثل هذا يسمّى وقفاً على الجهة؛ لأن الواقف ينظر فيه إلى جهة الفقر والمسكنة، ويقصد نفع موصوف بهذه الصفة، لا أشخاصاً معيّنة. خلافاً للحلّي،
فلا يصحّ له المشاركة؛ بناءً منه على
الإجماع على اشتراط أن يخرج الواقف نفسه، ولا يحصل مع الشركة.
والمناقشة فيه واضحة؛ لمنع الإجماع على
الاشتراط كلّية بحيث يشمل مفروض المسألة، كيف لا وهو محل النزاع والمشاجرة، مع أن المشهور كما عرفت على جواز المشاركة، فليخصّ الاشتراط بالوقف على جماعة خاصّة أو عامة، ويكون المراد بالشرط في الوقف عليهم أن لا يقصد
ابتداءً دخول نفسه معهم أو إدخاله، فلو لم يقصد ذلك صحّ الوقف بحصول ما شرط له، ولا ينافيه الدخول بعدُ والمشاركة، فإن الشرط إنما هو عدم قصد الدخول لا عدم
الانتفاع من الوقف بالكلّية. لكن مقتضى هذا تخصيص جواز المشاركة بصورة لم يحصل منه القصد إلى الدخول والمشاركة، ولو حصل بطل الوقف من أصله، إلاّ أن عبائر الأصحاب على الجواز مطلقة.
نعم، حكي ذلك عن الشهيد في بعض فتاويه،
واستحسنه في
المسالك فلم يجوّز الانتفاع مع القصد المزبور، ولا مع القصد إلى المنع عن نفسه، وعلّل الأوّل : باستلزامه الوقف على نفسه وعدم القصد إلى الجهة، والثاني : بتخصيصه العام بالنية، وهو جائز، فيجب
اتّباع ما شرطه. وهو حسن لولا الفتاوى المطلقة المؤيّدة بإطلاق حكاية نفي الخلاف عنه في الكتب المتقدمة.
وللمختلف هنا تفصيل آخر، فرّق فيه بين الوقف على المصالح العامة كالمساجد والقناطر وشبهها فالأوّل، والوقف على أرباب الصفة من نحو الفقر والمسكنة فلا يجوز المشاركة.
ولا وجه له يعتدّ به، سيّما في مقابلة حكاية نفي الخلاف المتقدمة، المعتضدة بالشهرة الظاهرة، والمحكية في كلام بعض الأجلّة،
فلا مسرح عن قولهم ولا مندوحة.
رياض المسائل، ج۱۰، ص۱۷۹- ۱۸۱.