بطلان الإجارة
احفظ هذه المقالة بتنسيق PDF
معنى
البطلان فی
الإجارة هو عدم ترتّب الأثر على العقد من رأس، بخلاف
الانفساخ فانّه يترتب على العقد إلى حين حصول سبب الانفساخ.
وهو عبارة عن فقدان أحد الشروط المعتبرة في
العقد ، وعدم توفّره حين العقد، كما إذا كانت الاجرة تالفة، أو لم تكن
المنفعة موجودة، أو لم تكن مقدورة، أو كانت مجهولة سواء كان ذلك الفقدان معلوماً في وقت العقد أو انكشف بعده. أمّا فقدان هذه الشروط في الأثناء فهو قد يوجب انكشاف البطلان بالنسبة لبعض متعلّق العقد فيوجب بطلان الإجارة بالنسبة إلى تلك المنفعة، وقد لا يوجب ذلك كما إذا غصب
الظالم العين المستأجرة من يد المالك قبل
إقباضها للمستأجر أو
إتلافها من قبله، فانّه قيل بأنّه موجب لانفساخ الإجارة، وقد تقدم شرح ذلك فيما سبق.
والبحث فيه تارة يكون في إجارة الأعيان وأخرى في إجارة الأعمال.
•
أثر البطلان في إجارة الأعيان، إذا تبيّن بطلان
الإجارة رجعت العين المستأجرة إلى المؤجر والاجرة إلى ملك المستأجر، ويتفرّع على ذلك امور تأتي فيما يلي.
لو تبيّن بطلان الإجارة في إجارة الأعمال قبل العمل لم يستحق الأجير شيئاً، ولم يجب عليه العمل، كما أنّ عليه ردّ الاجرة إن كان أخذها.
وهذا واضح ويبقى البحث في
ضمان عمل الأجير إذا انكشف بطلان الإجارة بعد العمل أو في أثنائه، فهل يضمن المستأجر اجرة مثل العمل أو المقدار الذي عمله الأجير أم لا؟ وكذلك هل يضمن الأجير العين التي عمل بها إذا تلفت عنده في الإجارة الفاسدة أم لا؟ وهذا ما سنبحثه الآن.
إذا جهل العامل بطلان الإجارة فعمل استحق
أجرة المثل لعمله؛ لما مرّ من قاعدة الاحترام والإتلاف واليد وغيرها،
وهذا مما لا إشكال فيه إلّا من بعضهم حيث قال: «لو اشتغل العامل بتوهّم لزوم العمل عليه بسبب جهله من دون إلزام من المستأجر يشكل استحقاقه اجرة المثل».
ولعلّ هذا خارج عن الفرض؛ إذ المفروض أداء الأجير للعمل بعنوان
الوفاء بعقد الإجارة لا بداعٍ آخر أجنبي عنه.
أمّا إذا كان عالماً بالبطلان فقد ذكر
السيد اليزدي بأنّه يكون متبرّعاً بعمله سواء كان بأمر من المستأجر أو لا، فيجب عليه ردّ الاجرة المسمّاة أو عوضها، ولا يستحق اجرة المثل.
وخالفه أكثر الفقهاء في ذلك؛ لعدم إقدام الأجير على هتك حرمة عمله بنفسه بل صدر منه العمل وفاءً بالإجارة، وبمقتضى طلب المستأجر وأمره المعاملي وهو هنا كاليد على المنفعة في إجارة الأعيان، والحاصل: الأجير لم يقدم عليه إلّا مع
الضمان .
وأمّا علمه بالفساد فلا يوجب اتصاف
الإقدام بالمجانية كما تقدم في ضمان المنفعة في الإجارة الفاسدة.
هذا كلّه فيما إذا لم يرجع الفساد إلى شرط عدم الاجرة.
أمّا إذا كان الفساد من جهة شرط عدم الاجرة فالمنسوب إلى الشهيد عدم استحقاق اجرة المثل؛ لإقدام العامل على ذلك، وتبعه عليه
المحقق الثاني وأكثر الفقهاء المتأخّرين بنفس البيان المتقدم في عدم ضمان المنفعة إذا كانت الإجارة بشرط عدم الاجرة؛ إذ لا فرق بين إجارة الأعمال والأعيان من هذه الناحية، فكلّ ما تقدم هناك يجري هنا أيضاً، غاية الأمر أنّ سبب الضمان وموضوعه في باب منافع الأعيان يكون هو الإتلاف أو الاستيفاء أو وضع اليد، وفي باب الأعمال يكون هو الاستيفاء أو الأمر والطلب المعاملي.
تقدم أنّ العين التي عمل فيها الأجير أمانة بيده لا يضمن تلفها أو نقصها إلّا بالتعدّي والتفريط، هذا هو المشهور بين الفقهاء،
بل في الخلاف أنّه
إجماعي .
والظاهر كون الحكم كذلك في الإجارة الفاسدة.
أمّا لو اشترط الضمان فقد تقدم أنّ المشهور صحة شرط الضمان على الأجير في الإجارة الصحيحة.
أمّا في الإجارة الفاسدة فالظاهر من بعضهم عدم نفوذ شرط الضمان فيها؛ نظراً إلى أنّ الشرط في ضمن العقد الفاسد بمثابة الشرط الابتدائي في عدم الدليل على نفوذه.
إلّا أنّه يمكن أن يقال بأنّ وجه الضمان لا ينحصر في الشرط؛ لثبوت الضمان باليد بعد أن لم يكن مأذوناً في
التلف بحكم الاشتراط ولو ضمن العقد الفاسد، أو بقاعدة (ما يضمن بصحيحه يضمن بفاسده) إذا قلنا بأنّها قاعدة مستقلّة وبأنّها تشمل ما يكون مضموناً بصحيحه من باب الاشتراط ضمن العقد.
الموسوعة الفقهية، ج۴، ص۴۰۶-۴۱۳.