جواز ابتياع ما يسبيه الظالم
احفظ هذه المقالة بتنسيق PDF
(السادسة : يجوز
ابتياع ما يسبيه الظالم) مطلقاً، مسلماً كان أم كافراً (وإن كان للإمام بعضه) فيما لو أُخذ غيلة ونحوها ممّا لا قتال فيه، فإنّه لآخذه وعليه
الخمس (أو كلّه) فيما لو أُخذ بالقتال بغير
إذن منه عليه السلام، فإنّه حينئذٍ بأجمعه له عليه السلام على الأظهر الأشهر، بل عن الخلاف والحلّي
الإجماع عليه
خلافاً للماتن، فجعله كالأوّل.
ومن هنا ينقدح وجه احتمال كون الترديد بسبب الخلاف في أنّ المغنوم بغير إذن
الإمام هل هو له، كما هو المشهور ووردت به الرواية،
أم لآخذه وعليه الخمس، نظراً إلى قطع الرواية؟
وكيف ما كان، لا خلاف في
إباحة التملّك له حال الغيبة للشيعة، وأنّه لا يجب
إخراج حصّة الموجودين من الهاشمييّن؛
لإباحة الأئمّة : ذلك لتطيب مواليدهم كما في النصوص المستفيضة
المتّفق عليها بين الطائفة، كما حكاه جماعة.
وتمام الكلام في المسألة يطلب من كتاب الخمس، فإنّه محلّه ولا ريب في ثبوت الرخصة لنا.
وأمّا غيرنا فعن الأصحاب وبه صرّح جماعة
أنّه تقرّ يده عليه ويحكم له بظاهر الملك؛ للشبهة الناشئة عن
اعتقادهم الملكيّة كتملّك
الخراج والمقاسمة ، فلا يؤخذ منه من دون رضاه مطلقاً، لا سرّاً ولا علانيةً. فإن كان إجماع، وإلاّ فما ذكروه محلّ ريبة ومناقشة، فإنّ ظاهر الأخبار وكلام الأصحاب
اختصاص الإباحة له بالشيعة وحصول التملّك لهم بمجرّد
الاستيلاء عليه ولو من دون بذل عوض. إلاّ أن يقال : إنّ هذه يد ظاهراً، ولا بدّ من بذل عوضٍ في مقابلها، فيكون
استنقاذاً لا بيعاً حقيقة. ولكنّه كما ترى،
والاحتياط لا يخفى.
(ولو اشترى أمةً سرقت من
أرض الصلح ردّها على البائع واستعاد ثمنها) منه إن كان حيّاً (فإن مات) البائع (ولا عقب) ولا وارث (له سَعَتِ الأمة في) ثمن (رقبتها على رواية مسكين السمّان)
الصحيحةإليه، القاصرة بجهالته، ولكن عمل بها
النهاية وتبعه القاضي والشهيد الأوّل
القاضي في الكامل نقله عنه في
المختلف .
وفيها مضافاً إلى القصور بالجهالة مع عدم جابر لها في المسألة مخالفتها للقواعد المقرّرة، إحداها : وجوب الردّ على البائع أو وارثه مع فقده، فإنّه غير مالك ولا ذو يد شرعيّة، فكيف يجوز تسليم المال المعصوم إليه، بل لا يجوز بالضرورة.
وثانيتها : أنّ
استسعاءها في الثمن المدفوع إلى البائع كما فيها يقتضي أخذه من غير آخذه، لأنّ ما بيدها لمالكها. وما ربما يعتذر به عن الأوّل : بأنّ البائع لم يثبت كونه سارقاً، ويده أقدم، ومخاطبته بالردّ ألزم، خصوصاً مع بُعد دار الكفر.وعن الثاني : بأن مال الحربي فيء في الحقيقة وبالصلح صار محترماً احتراماً عرضيا، فلا يعارض ذهاب مال محترم احتراماً حقيقيّا.مضعّف، فالأوّل : بأنّ يده إن كانت شرعية فالبيع صحيح ماضٍ ولا ردّ، وإن كانت يد عدوان لم يجز التسليم إليه، ومخاطبته بالردّ لا تقتضي جواز تسليم مَن هي في يده وإن وجب عليه السعي في ذلك، فإنّ له طريقاً إليه، إمّا بمراجعة المالك أو الحاكم.
والثاني : بأنّ
الاحترام يقتضي عصمة المال، ولا تفاوت في ذلك بين كون الاحترام حقيقيّا أو عرضيّاً، والمتلِف للمال المحترم ليس هو مولى الجارية حقيقة، بل الذي غرّه، والمغرور يرجع على الغارّ لا من لم يغرّه لا مباشرةً ولا تسبيباً، وحقيقة الحال أنّ كلاًّ منهما مظلوم بضياع ماله،ولا يرجع أحد المظلومين على الآخر، بل على ظالمه.
(و) لما ذكرنا (قيل :) كما عن الحلّي
(يحفظها كاللقطة. ولو قيل تدفع إلى الحاكم ولا تكلّف)
الأمة (السعي)
لأداء الثمن (كان حسناً) لكن لا مطلقاً، بل يجب التسليم إلى المالك أو وكيله، فإن تعذّر الوصول إليهما فإلى الحاكم. ويمكن تنزيل
الإطلاق عليه بحمله على تعذّر الوصول إلى المالك ومن في حكمه، ولعلّه الغالب، لبعد دار الكفر. وصار إلى هذا القول كثير من المتأخّرين،
ووجهه واضح ممّا قرّرناه.
وظاهره كسابقه أنّ الدفع إلى الحاكم إنّما هو لكونه وليّاً عن الغائب، وأنّه يجب
إيصاله إليه. خلافاً لتوهّم بعض من تأخّر،
فحسب أنّ ذلك من حيث كونه نائباً عن الإمام، وأنّ الجارية له عليه السلام يجب عليه إيصاله إلى مصارفه. وليس في كلام الجماعة ما يوجب التوهّم، بل عبائر جملة منهم بخلافه مصرّحة، ومتعلّق الموت في الرواية ليس هو المالك بالضرورة بل إنّما هو البائع خاصّة.
رياض المسائل، ج۹، ص۹۲-۹۵.