جواز صلاة النساء في الحرير
احفظ هذه المقالة بتنسيق PDF
(وهل يجوز للنساء) الصلاة فيه (من غير ضرورة؟ فيه قولان، أظهرهما الجواز) وهو أشهرهما، بل لا خلاف فيه ظاهرا إلّا من
الصدوق في الفقيه حيث قال بالمنع،
والفاضل في المنتهى حيث توقف بينهما.
وهما شاذّان، بل على خلافهما
إطباق باقي الأصحاب، كما صرح به في المختلف
ويفهم أيضا من الشهيدين في الذكرى وروض الجنان
وغيرهما.
ولعلّه كذلك، سيّما بملاحظة حال المسلمين في الأعصار والأمصار من عدم منعهم النساء عن الصلاة فيه كما لا يمنعونهنّ عن لبسه في غيرها، وهو
إجماع قطعيّ لا يكاد ينكر، ومع ذلك معاضد
بالأصل السليم عن المعارض، عدا
إطلاق النصوص المانعة عن الصلاة وحلّها فيه بقول مطلق، كالصحيحين في أحدهما : هل يصلّى في قلنسوة حرير محض أو قلنسوة ديباج؟ فكتب : «لا تحلّ الصلاة في حرير محض»
ونحوه الثاني لكن بزيادة السؤال فيه عن الصلاة في تكة حرير.
والموثق : عن الثوب يكون علمه ديباجا، قال : «لا يصلّى فيه».
ونحوه الرواية السابقة المسوّية بين الرجل والمرأة في كراهة الحرير لهما، بناء على عدم
إمكان حملها على مطلق اللبس لمخالفة النص والإجماع، كما مر، فينبغي التقييد بحال الصلاة.
وخصوص المروي في الخصال : «يجوز للمرأة لبس الحرير والديباج في غير صلاة
وإحرام ، وحرّم ذلك على الرجال إلّا في
الجهاد ».
وشيء من ذلك لا يصلح دليلا
لإثبات المنع، لمعارضة الإطلاق ـ بعد تسليمه ـ بإطلاق النصوص المتقدمة المرخّصة لهنّ في لبسه الشاملة لحال الصلاة وغيرها، بل عموم بعضها لهما، كالمرسل كالموثق بابن بكير المجمع على تصحيح ما يصح عنه : «النساء يلبسن الحرير والديباج إلّا في الإحرام»
وقضيّة
الاستثناء جواز لبسهن في الصلاة.
وقريب منه الموثق : «لا ينبغي للمرأة أن تلبس الحرير المحض وهي محرمة، فأمّا في الحر والبرد فلا بأس».
وقصور الأسانيد أو ضعفها مجبور بعمل العلماء كافّة كما مضى .
والتعارض بين الإطلاقين وإن كان من قبيل تعارض العمومين من وجه يمكن تقييد كل منهما بالآخر، إلّا أن تقييد الإطلاق الأوّل بهذا ـ بأن يراد منه المنع وعدم الحلّ لخصوص الرجال، كما ربما يشعر به سياق الصحيحة الأولى ـ أولى من العكس، بأن يقيّد الإطلاق الأخير بحلّ اللبس في غير الصلاة، وذلك لرجحان هذا الإطلاق بالأصل والشهرة العظيمة المحققة والمحكية في كلام جماعة حد
الاستفاضة ، بل قد عرفت قوة
احتمال كونها إجماعاً. والرواية السابقة ـ مع ضعف دلالتها ومخالفة إطلاقها إجماع العلماء ـ قد عرفت أنها ضعيفة سندا ، وكذلك رواية الخصال ضعيف سندها بعدّة من المجاهيل، فلا حجّة فيهما من أصلهما وإن اتضح دلالتهما، فكيف تقاومان أدلّة المشهور وتخصّصانها؟! بل ينبغي طرحهما، أو حملهما على الأفضليّة كما عن
المبسوط والجامع وفي السرائر،
أو الكراهة كما عن الوسيلة والنزهة.
ولا بأس بهما، خروجا عن الشبهة، ومسامحة في أدلّة السنن والكراهة.
رياض المسائل، ج۲، ص۳۲۳-۳۲۶.