حد الإحصان
احفظ هذه المقالة بتنسيق PDF
ولا يثبت
الإحصان الذي يجب معه
الرجم حتى يكون الزانى بالغا حدا له فرج مملوك
بالعقد الدائم أو
الملك، يغدو عليه ويروح، ويستوى فيه المسلمة والذمية؛ وإحصان المرأة كإحصان الرجل لكن يراعى فيها
العقل إجماعا؛ ولا تخرج المطلقة
رجعية عن الإحصان، وتخرج
البائن وكذا المطلق؛ ولو تزوج معتدة عالما حد مع الدخول، وكذا المرأة؛ ولو ادعيا الجهالة أو أحدهما قبل على الأصح إذا كان ممكنا في حقه.
ولا يثبت
الإحصان الذي يجب معه الرجم كما يأتي حتى يكون الزاني بالغاً عاقلاً حرّا، له فرجٌ مملوك له
بالعقد الدائم الصحيح أو الملك خاصّة، بحيث يغدو عليه ويروح أي يكون متمكّناً من وطئه متى أراد، بلا خلاف إلاّ في اعتبار
العقل كما مرّ ، وفي حصول الإحصان
بملك اليمين، كما هو المشهور بين الأصحاب، بل عليه الإجماع في الانتصار والغنية
؛ وهو
الحجّة، مضافاً إلى المعتبرة المستفيضة الدالّة عليه عموماً وخصوصاً.
ففي الصحيح: «من كان له فرجٌ يغدو عليه ويروح فهو محصن»
.
وفي آخر عن
المحصن، فقال: «الذي يزني وعنده ما يغنيه»
.
وفي الموثّق: عن الرجل إذا هو زنى وعنده السرية والأمة يطؤها، تحصنه
الأمة تكون عنده؟ فقال: «نعم، إنّما ذلك لأنّ عنده ما يغنيه عن الزنا» قلت: فإن كان عنده أمة زعم أنّه لا يطؤها؟ فقال: «لا يُصدَّق» قلت: فإن كان عنده امرأة
متعة، تحصنه؟ قال: «لا، إنّما هو على الشيء الدائم عنده»
.
وفي آخر: الرجل تكون له الجارية، أتحصنه؟ قال: فقال: «نعم، إنّما هو على وجه الاستغناء» قلت: والمرأة المتعة؟ قال: فقال: «لا، إنّما ذلك على الشيء الدائم»
.
وقصور
السند منجبر بالعمل؛ مع أنّه مرويّ عن كتاب
عليّ بن جعفر في الصحيح: عن الحرّ تحته المملوكة، هل عليه الرجم إذا زنى؟ قال: «نعم»
.
خلافاً
للصدوق والقديمَين
والديلمي، فلم يروا الإحصان بالأمة؛
للأصل،
والاحتياط.
ويندفعان بما مرّ.
وللصحيح: «كما لا تحصن الأمة والنصرانيّة واليهوديّة إذا زنى بحرّة، فكذلك لا يكون عليه حدّ المحصن إن زنى بيهوديّة أو نصرانيّة أو أمة وتحته حرّة»
.
وحمله
الشيخ على المتعة. ولا بأس به وإن بَعُد؛ جمعاً بينه وبين الأدلّة المتقدّمة، بإرجاعه إليها؛ لكونها أقوى منه بالكثرة والشهرة العظيمة، بحيث نقل عليه إجماع الطائفة.
ونحوه الجواب عن الصحيح الآخر: عن الرجل يزني ولم يدخل بأهله، أيحصن؟ قال: «لا، ولا الأمة»
.
ويحتملان الحمل على
التقيّة، كما يستفاد من
الانتصار، حيث نسب مضمونهما إلى
أبي حنيفة وأصحابه
.
وصريح الصحيح الأخير كغيره ممّا يأتي اعتبار الدخول في الفرج المملوك له قبل الزنا لتحقّق الإحصان، كما عن
المبسوط والنهاية والسرائر والجامع [[|والإصباح]]
والغنية مدّعياً إجماع
الإماميّة، وبه صرّح أيضاً من المتأخّرين جماعة
من غير نقل خلاف.
ولكن العبارة مطلقة لا ذكر له فيها ولا في كتب كثير من القدماء، كالمقنعة والانتصار والخلاف
والتبيان ومجمع البيان، ولكن يمكن الذبّ عن
الإطلاق بحمله على الغالب؛ مع وقوع التصريح باعتباره فيما سيأتي من النصّ وعبارة المتن.
ومنه يظهر اعتبار كون الفرج هو القبل دون الدبر، كما صرّح به جماعة
، من غير خلاف بينهم أجده، إلاّ من إطلاق نحو العبارة، وفيه ما عرفته.
وهل يشمل ملك اليمين ملك الوطء بالتحليل؟ الظاهر: العدم، لعدم انصراف
الإطلاق إليه، مع أنّه كالمتعة لا يحصل بهما الغنية على الاستدامة، وقد اعتبرها جملة من المعتبرة المتقدّمة، معلّلة به عدم الإحصان بالمتعة، كما هو المشهور، بل لا خلاف فيه أجده، وإن حكي عن الانتصار ما يشعر بوجوده
.
خلافاً
للروضة، فاستوجه إلحاق التحليل بملك اليمين، قال: لدخوله فيه من حيث الحلّ، وإلاّ لبطل الحصر المستفاد من
الآية وهي قوله تعالى «وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حافِظُونَ. إِلاّ عَلى أَزْواجِهِمْ أَوْ ما مَلَكَتْ أَيْمانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ»
، ولم أقف فيه هنا على شيء
.
ويستوي المسلمة والذمّية حيث صحّ زوجيّتها دائمة في حصول الإحصان بهما، على الأظهر الأشهر، بل عليه عامّة من تأخّر، وفي صريح الانتصار والغنية
وظاهر غيرهما
دعوى
الإجماع عليه؛ وهو الحجّة، مضافاً إلى عموم جملة من المستفيضة المتقدّمة.
خلافاً للمحكيّ عن
الإسكافي والعماني والصدوق
، فاعتبروا إسلامها؛ للصحيح لاعتبار
الحرّية في
الزوجيّة، وجوابه قد عرفته.
وإحصان المرأة كإحصان الرجل في اشتراط أن تكون بالغة، عاقلة، حرّة، لها زوج دائم أو مولى، وقد وطئها وهي حرّة بالغة عاقلة، وهو عندها يتمكن من وطئها غدوّاً ورواحاً، بلا خلاف أجده حتى في اعتبار كمال العقل فيها، بل عليه الإجماع ظاهراً، كما صرّح به الفاضلان هنا وفي
الشرائع والتحرير وغيرهما
، بقولهم: لكن يراعى فيها
العقل إجماعاً فلا رجم ولا حدّ على مجنونة زنى بها عاقل حال جنونها وإن كانت محصنة، وعليه بل على أصل الحكم بأنّ إحصانها كإحصانه ادّعى الإجماع في الغنية
، فلا إشكال في المسألة، سيّما بعد عدم ظهور الخلاف الذي عرفته، واستفادته ولو في الجملة من بعض
النصوص الآتية.
ولا تخرج
المطلّقة رجعيّةً بالطلاق عن الإحصان، وتخرج
البائن مطلقاً، بطلاق كانت البينونة أو غيره، بلا خلاف ظاهر؛ لبقاء الزوجيّة المغنية عن الزنا في الأوّل، وعدمه في الثاني. فلو زنت، أو تزوّجت فوُطِئت عالمةً بالتحريم، رُجِمت؛ كما في الحسن: عن امرأة تزوّجت في عدّتها، فقال: «إن كانت تزوّجت في عدّة طلاقٍ لزوجها عليها الرجعة فإنّ عليها الرجم، وإن كانت تزوّجت في عدّةٍ ليس لزوجها عليه الرجعة فإنّ عليها حدّ الزاني غير المحصن»
.
وكذا المطلِّق إن طلّق امرأته رجعيّاً لم يخرج عن الإحصان، وإن طلّق بائناً خرج؛ لتمكنّه من الرجعة متى شاء في الأوّل، وعدمه في الثاني.
وعليه يحمل إطلاق
الموثّق: عن رجل كانت له امرأة فطلّقها أو ماتت فزنى، فقال: «عليه
الرجم» وعن امرأة كان لها زوج فطلّقها أو مات ثم زنت، عليها الرجم؟ قال: «نعم»
.
والمرويّ في
قرب الإسناد، عن رجل طلّق امرأته أو بانت منه ثم زنى، ما عليه؟ قال: «الرجم» وعن امرأة طُلِّقت فزنت بعد ما طُلِّقت بسنة، هل عليها الرجم؟ قال: «نعم»
.
ولكن ظاهرهما ثبوت الرجم مع البينونة، وهو خلاف ما عرفته من القاعدة، ولذا حمل
الشيخ ذكر
الموت في الأوّل على وهم
الراوي، ونحوه جارٍ في الثاني، لكن ينافيه قوله: بسنة، إلاّ أن يُقرَأ: بسنّة، بتشديد النون، مراداً بها ما يقابل
البدعة.
ولو تزوّج الرجل معتدّةً عالماً
بالعدّة والحرمة حُدَّ مع الدخول بها جلداً، أو رجماً إن كان محصناً، ولا مع العدم.
وكذا المرأة تُحَدّ لو تزوّجت في عدّتها مطلقاً، إلاّ أنّها لا ترجم في البائن منها، بل تُجلَد خاصّة مع علمها بما مرّ من الأمرين، ولا مع العدم.
ولو ادّعيا الجهالة بهما أو بأحدهما أو ادّعاها أحدهما، قُبِل من المدّعى على الأصحّ إذا كان ممكناً في حقّه بأن كان مقيماً في بادية بعيدة عن معالم الدين، أو قريب العهد
بالإسلام، ونحو ذلك، وفاقاً للحلّي
وعامّة المتأخّرين.
خلافاً للمحكيّ في
المختلف عن
المقنعة والنهاية
، فأطلقا عدم القبول من دون تقييد بعدم الإمكان، ولكن حمل كلامهما عليه، قال: فلا منازعة هنا في الحقيقة؟
أقول: ووجهه واضح بعد شهرة
الحديث النبويّ بدرء الحدود بالشبهات
، مع عدم المعارض، فيجلّ عن مخالفته نحو كلام
الشيخين.
ولقد أغرب في
التنقيح، فنسب الخلاف إلى الحلّي،
والوفاق إليهما
. وعبارتهم المحكيّة في المختلف تفيد العكس كما ذكرنا.
رياض المسائل في تحقيق الأحكام بالدّلائل، الطباطبائي، السيد علي، ج۱۵، ص۴۴۱-۴۴۷.