حكم الإفضاء
احفظ هذه المقالة بتنسيق PDF
لا يجوز الدخول قبل
إكمال الصبية (تسع) سنين هلالية (فتحرم عليه مؤبدا لو أفضاها) بالوطء بأن صير مسلك البول و
الحيض واحدا، أو مسلك الحيض والغائط.
(السابعة :) (إذا دخل) الزوج (بصبية لم تبلغ تسعاً فأفضاها) بالوطء، بأن صيّر مسلك الحيض والبول واحداً كما هو الغالب المشهور في تفسيره فإنّه
الإيصال ، وقيل : أو مسلك الحيض والغائط،
و
الأصل في المطلق يقتضي المصير إلى الأول؛ بناءً على كونه الغالب، ولعلّ
إلحاق الأخير به من باب فحوى الخطاب، وعموم تعليل بعض الأحكام المترتّبة عليه من التعطيل للأزواج له، ولا قائل بالفرق، فتأمّل جدّاً.
(حَرُمَ عليه مؤبّداً وطؤها) مطلقاً - أي قبلاً أو دبراً. -، بل مطلق
الاستمتاع في قولٍ أحوط في المشهور بين الأصحاب، بل قيل : بلا خلاف،
وعن صريح الإيضاح
وظاهر غيره
الإجماع عليه. للمرسل المتقدّم،
المعتضد ضعفه هنا بالشهرة، ولا يقدح فيه عدم ذكر
الإفضاء فيه بعد عمومه له، بل وظهوره فيه؛ للغلبة. فالقول بالحِلّ كما عن النزهة
محلّ المناقشة.
(و) لكن (لم تخرج من حباله) بل زوجته على الأظهر، وفاقاً لجماعة، كما في
الشرائع والروضة والسرائر والجامع.
للأصل، وظاهر الخبرين، في أحدهما : رجل اقتضّ جارية فأفضاها، قال : «عليه
الدية إن كان دخل بها قبل أن تبلغ تسع سنين» قال : «فإن أمسكها ولم يطلّقها فلا شيء عليه، إن شاء أمسك وإن شاء طلّق» - واقتضّ الجارية : افترعها وأزال بكارتها، و
الافتضاض بالفاء بمعناه-.
وفي الثاني وهو صحيح ـ : عن رجل تزوّج جارية بكراً لم تدرك، فلمّا دخل بها اقتضّها فأفضاها، قال : «إن كان دخل بها حين دخل بها ولها تسع سنين فلا شيء عليه، وإن كانت لم تبلغ تسع سنين أو كان أقلّ من ذلك بقليل حين دخل بها فاقتضّها فإنّه قد أفسدها وعطّلها على الأزواج، فعلى
الإمام أن يغرمه ديتها، وإن أمسكها ولم يطلّقها حتى تموت فلا شيء عليه».
وقيل بالخروج؛
لظاهر المرسل المتقدّم.
ويحتمل التفريق فيه : الكناية عن الطلاق و
الإرشاد إليه؛ خوفاً من الوقوع في المحرّم، فلا يعارض شيئاً ممّا قدّمناه.
وعلى المختار : تحرم
الأخت والخامسة مع عدم الطلاق، أو الخروج عن العدّة إن قلنا بها.
وعليه
الإنفاق عليها في الجملة إجماعاً؛ للصحيح : عن رجل تزوّج جارية فوقع بها فأفضاها، قال : «عليه
الإجراء عليها ما دامت حيّة» - الإجراء أي النفقة والكسوة وما يلزمه-.
ولإطلاقه يتّجه إطلاق القول بوجوبه حتى مع
الطلاق ولو بائناً، بل ولو تزوّجت بغيره في وجه، وفي آخر : العدم؛ اقتصاراً فيما خالف الأصل على الفرد المتبادر من المستند. ولكن
الاستصحاب يؤيّد الأول، فهو الأحوط لو لم يكن أولى، وأولى منه بالوجوب لو طلّقها الثاني بائناً أو رجعيّاً وتمّ عدّتها، وكذا لو تعذّر إنفاقه عليها لغيبة أو فقر.
قيل : ولا فرق في الحكم بين الدائم والمتمتّع بها.
وفيه لو لم يكن عليه إجماع نظر؛ لمخالفته الأصل، فيقتصر على المتبادر من النصّ الدالّ عليه. وعموم التعليل بالإفساد والتعطيل عن الأزواج في الصحيح
مختصٌّ بمعلوله، وهو وجوب الدية، ولا كلام فيه.
ومنه ينقدح قوّة القول باختصاص الحكم بالزوجة دون الأجنبيّة، بل هو أقوى؛ لعدم شمول النصّ لها بالمرّة، ولا أولويّة إلاّ على تقدير كون الأحكام للعقوبة، وهي ممنوعة. وعلى تقديرها فلعلّه لا ينفع في الأجنبي؛ لزيادة إثمه وفحش فعله، كذا قيل،
فتأمّل. والتحقيق أن يقال : إنّ العمدة في ثبوت الأحكام المخالفة للأصل هو
الإجماع ؛ لضعف الرواية، وهو فيما نحن فيه مفقود؛ للاختلاف، و
الأولويّة لعلّها لا تجري فيما مستند أصله الإجماع، فتأمّل. مضافاً إلى اختصاصها بالزناء، فلا يعمّ الشبهة. ولا ريب أنّ التعميم أحوط وأولى في التحريم، بل والإنفاق، وإن قيل بعدم لزومه ولو مع القول بسابقه، كما عن الخلاف و
السرائر في الزناء.
وفي الأمة : الوجهان، وأولى بالتحريم، ويقوى
الإشكال في الإنفاق لو أعتقها.
ولو أفضى الزوجة بعد التسع، ففي تحريمها الوجهان، أوجههما : العدم؛ للصحيح المتقدّم
كسابقه. وأولى بالعدم : إفضاء الأجنبي كذلك -أي بعد التسع-.
وفي تعدّي الحكم في الإفضاء بغير الوطء وجهان ، أجودهما : العدم ؛ اقتصاراً فيما خالف الأصل على المتيقّن ، وإن وجبت الدية في الجميع ، والله أعلم .
رياض المسائل، ج۱۱، ۶۸- ۷۳.