حكم النساء في الإحرام
احفظ هذه المقالة بتنسيق PDF
النساء وطئاً وتقبيلاً ولمساً ونظراً بشهوة لا بدونها وعقداً عليهم مطلقاً له أي للمحرم نفسه أو لغيره، وشهادةً له على
العقد عليهن.
بلا خلاف يظهر للعبد فيما عدا النظر، بل عليه
الإجماع في عبائر جماعة، كالتحرير في الأوّل،
والمدارك صريحاً وغيره ظاهراً فيه وفي العقد،
والخلاف و
الغنية والمنتهى والتذكرة
كما حكي في العقد، وصريح المحكي عن الخلاف وظاهر غيره في الأخير؛
وفيه الحجة.
مضافاً إلى الكتاب في الأوّل؛ لنفي الرفث فيه في الحج،
بناءً على تفسيره بالوطء في الصحيحين.
والصحاحِ المستفيضة وغيرها من المعتبرة القريبة من التواتر، بل المتواترة في الجميع، وسيأتي إلى جملة منها
الإشارة في بحث الكفّارات إن شاء الله تعالى.
وأما النظر بشهوة فقيل فيه أيضاً أنه لعلّه لا خلاف فيه،
بل زيد في بعض العبارات فادّعى الإجماع عليه،
مع أنه صرّح الصدوق في
الفقيه بأنه لا شيء عليه.
ويعضده
الأصل ، مع عدم دليل على تحريمه من حيث
الإحرام عدا النصوص الدالة على لزوم الكفارة به مع
الإمناء ،
كالصحيح : في المحرم ينظر إلى
امرأته وينزلها بشهوة حتى ينزل، قال : «عليه
بدنة ».
والحسن : «ومن نظر إلى امرأته نظر شهوة فأمنى فعليه جزور، وإن مسّ امرأته ولازمها من غير شهوة فلا شيء عليه».
وهي مخصوصة بصورة الإمناء، فلعلّ
الكفارة لأجله، لا للنظر، بل هو المفهوم من الخبر الثاني.
وأما الموثق الموجب للكفارة في هذه الصورة، معلّلاً ب «إني لم أجعلها عليه لأنه أمنى، إنما جعلتها عليه لأنه نظر إلى ما لا يحلّ له»
فهو وإن كان ظاهراً في لزوم الكفارة بالنظر خاصة، لكنه ليس نصّاً في النظر مطلقاً حتى إلى المحلّلة، فلعلّه النظر إلى الأجنبية خاصة، كما ربما يفهم من التعليل، ويرشد إليه تنكير
المرأة في الرواية، وفهم الشيخ لها منها، فذكرها في حرمة النظر إليها، وأردفها بالصحيح : في محرم نظر إلى غير أهله فأمنى، قال : «عليه دم، لأنه نظر إلى غير ما يحلّ له، وإن لم يكن أنزل فليتّق الله ولا يعد، وليس عليه شيء».
ويستفاد منه أن للإمناء مدخلاً في لزوم الكفارة مع تضمنه التعليل المذكور في الموثقة، وعليه فيزيد ضعف دلالتها على خلاف ما قلناه، ويتأتى فيها
الاحتمال الذي ذكرناه في الخبرين السابقين عليها، وحينئذٍ فالجواز أقوى إن لم يكن خلافه إجماعاً.
واعلم أن الظاهر رجوع القيد في العبارة إلى مجموع الأُمور الثلاثة، فلا تحرم بدون الشهوة، وفاقاً لجماعة؛
للأصل، والمعتبرة، منها الصحيح : عن المحرم يضع يده من غير شهوة على امرأته، قال : «نعم يصلح عليها خمارها، ويصلح عليها ثوبها ويحملها» قال : أفيمسّها وهي محرمة؟ قال : «نعم» قال : المحرم يضع يده بشهوة، قال : «يهريق دم شاة».
والحسن : «من مسّ امرأته وهو محرم على شهوة فعليه دم شاة، ومن نظر إلى امرأته نظر شهوة فأمنى فعليه
جزور ، وإن مسّ امرأته ولازمها من غير شهوة فلا شيء عليه».
إلى غير ذلك من النصوص المتقدم بعضها أيضاً، وهي صريحة في الحكمين، وعليه يحمل ما أُطلق فيه المنع من الأخبار، حملَ المطلق على المقيّد، مع كونه الغالب، فيحمل عليه أيضاً ما أُطلق فيه من الفتاوى المحكية عن جمل العلم والعمل و
السرائر والكافي،
ويحتمله الكتاب فيما عدا النظر.
ولا فرق في حرمة الشهادة على العقد بين كونه لمحلّ أو محرم، كما صرّح به جمع؛
لإطلاق المرسل : «المحرم لا يَنكَح ولا يُنِكح ولا يشهد».
وصريح آخر في الأوّل : في المحرم يشهد على نكاح محلّين، قال : «لا يشهد».
وبفحواه يستدل على الثاني، وضعف السند مجبور بالعمل، بل
الإجماع كما مرّ.
والشهادة هو الحضور لغةً، فيحتمل حرمته وإن لم يحضر للشهادة عليه، كما عن الجامع.
ولم يذكر الماتن حرمة
إقامة الشهادة عليه هنا، مع أنه ذكرها في الشرائع،
تبعاً للمبسوط والسرائر،
وعزيت إلى المشهور.
واستشكل فيها في القواعد،
ولعلّه من احتمال دخولها في عموم الشهادة المنهية في الخبرين والفتاوي؛ ومن عموم أدلة النهي عن الكتمان، وتوقف ثبوت النكاح شرعاً عليها، ووقوع مفاسد عظيمة إن لم يثبت، بخلاف
إيقاعه ، إذ لا يتوقف عليه عندنا.
قيل : ولأنها إخبار لا
إنشاء ، والخبر إذا صدق ولم يستلزم ضرراً لم يحسن
تحريمه ، ولأنها أولى بالإباحة من الرجعة، فإنها
إيجاد النكاح في الخارج، وإقامة الشهادة إيجاد له في الذهن.
ولعلّ هذا أولى؛ لقوة أدلته، مضافاً إلى الأصل، وعدم ثبوت المنع باحتمال الدخول في الخبرين، مضافاً إلى ضعفهما وعدم وضوح جابر معتدّ به لهما هنا. وبالجواز مع ترتب الضرر على تركها قطع بعض الأصحاب.
والمنع على القول به ثابت مطلقاً ولو تحمّلها محلا، على الأشهر، كما قيل. خلافاً للشيخ فيما إذا تحمّلها محلا،
وللتذكرة فخصّه بما إذا وقع بين محرمين، أو محرم ومحلّ.
رياض المسائل، ج۶، ص۲۶۴- ۲۶۹.