خيار الغبن
احفظ هذه المقالة بتنسيق PDF
(الرابع : خيار الغبن) بسكون الباء، واصلة الخديعة، والمراد به هنا
البيع والشراء بغير القيمة (ومن ثبوته وقت العقد)
باعتراف الغابن، أو البيّنة (بما لا يتغابن) ولا يتسامح (فيه غالباً) والمرجع فيه إلى العادة : لعدم تقديره في الشريعة (و) ثبوت (جهالة المغبون) بالغبن، ويكون بأحد
الأمرين ، بلا خلاف فيه وفي عدم الثبوت بقوله ولو مع يمينه مع عدم إمكانها في حقّه.
وفي ثبوتها بذلك مع
الإمكان قولان، من أصالة عدم العلم، وكونه كالجهل من الأُمور التي تخفى غالباً فلا يطّلع عليه إلاّ من قِبَل مَن هي به، ومن أصالة لزوم العقد ووجوب الوفاء به فيستصحب إلى ثبوت المُزيل. وكيف كان، إذا ثبت الأمران (يثبت له) أي المغبون كائناً من كان (الخيار في الفسخ
والإمضاء ) في المشهور بين الأصحاب، بل عليه
الإجماع في الغنية والتذكرة؛
وهو الحجة، مضافاً إلى نفي الضرر والضرار في الشريعة، والنهي عن أكل مال الغير إلاّ أن يكون
تجارة عن تراضٍ في الكتاب
والسنّة.
وفي النصوص : «غبن المسترسل حرام» كما في أحدها ولم نجد رواية بهذا النص. وغبن المسترسل ربا. نعم وجدنا روايات تنص على أن غبن المسترسل سحت.
أو المؤمن، كما في ثانيها.
وفي ثالثها : «لا يغبن المسترسل فإنّ غبنه لا يحلّ».
وفي مجمع البحرين :
الاسترسال :
الاستيناس والطمأنينة إلى
الإنسان والثقة فيما يحدّثه.
انتهى.
وبالجملة لا شبهة في المسألة وإن نقل عن الماتن في درسه
إنكار هذا الخيار.
وظاهر العبارة كصريح الجماعة أنّه لا
أرش مع الإمضاء، بل عليه الإجماع في التذكرة،
وهو الحجة، مضافاً إلى
أصالة البراءة ،
واندفاع الضرر بالخيار بالضرورة، فلا موجب له بالمرّة.
وفي سقوط
الخيار ببذل الغابن التفاوت قولان، للأول :
الاقتصار فيما خالف الأصل الدالّ على لزوم العقد على المتيقّن المجمع عليه والمتحقق به الضرر، وليس منهما محلّ الفرض، أمّا الأوّل فللخلاف، وأمّا الثاني فلاندفاع الضرر بالبذل.
وللثاني ـ وهو الأشهر ـ :
الاستصحاب لما ثبت، وهو الأظهر إن كان الإجماع في
إثبات أصل هذا الخيار هو المستند، ولا ينافيه وقوع الخلاف في محلّ الفرض، لأنه غير محلّ الإجماع، وثبوت الحكم فيه به يقتضي
انسحابه في محلّ الخلاف بالاستصحاب. ولا كذلك لو كان المستند للإثبات أدلّة نفي الضرر خاصّة؛ لدوران الحكم معه حيث دار، فيندفع بالبذل، فتأمّل وحيث إنّ
الاعتماد فيه على الأوّل أيضاً كان القول الثاني متّجهاً.
والمشهور أنّه لا يسقط بالتصرّف مطلقاً سواء كان المتصرّف الغابن أو المغبون، وسواء خرج به عن الملك كالبيع، أو منع مانع من الردّ
كالاستيلاد ، أم لا؛ للأصل. إلاّ أن يكون المغبون المشتري وقد أخرجه عن ملكه، أو عرض له مانع عن ردّه وإن لم يخرج عن ملكه، فيسقط خياره؛ إذ لا يمكنه ردّ العين المنتقلة إليه ليأخذ الثمن.
خلافاً لجماعة،
فتنظّروا في إطلاق
الاستثناء ؛ للضرر على المشتري مع تصرّفه فيه على وجه يمنع من ردّه لو قلنا بسقوط خياره به مع الجهل بالغبن أو الخيار؛ لبقاء الضرر المثبت للخيار، وحينئذٍ فيمكن الفسخ مع تصرّفه كذلك،
وإلزامه بالقيمة إن كان قيميّاً أو المثل إن كان مثلياً، جمعاً بين الحقّين.وكذا لو تلفت العين أو استولد
الأمة ، كما يثبت ذلك لو كان المتصرّف المشتري والمغبون البائع، فإنّه إذا فسخ فلم يجد العين يرجع إلى المثل أو القيمة.
رياض المسائل، ج۸، ص۳۰۳-۳۰۶.