سقوط أذان الداخل في الجماعة
احفظ هذه المقالة بتنسيق PDF
لا إشكال ولا شبهة في
سقوط الأذان عمّن دخل في الجماعة التي اذِّن لها،
وهو ما تعرّض له كثير من الفقهاء.
قال
الشيخ في
النهاية : «إذا صلّيت خلف من يقتدى به فليس عليك أذان...وإن لحقت بعض الصلاة».
وقال
ابن البرّاج : «فإن صلّى (إنسان) خلف من يأتمّ به لم يكن عليه أذان».
واستدلّ له:
منها: ما دلّ على سقوط الأذان عمّن دخل
المسجد للصلاة وقد تمّت الجماعة قبل تفرّق الصفوف،
فإنّه يدلّ على سقوطه عمّن دخل في الجماعة بطريق أولى.
ومنها: موثّق
عمّار عن
أبي عبد اللَّه عليه السلام: سئل عن الرجل يؤذّن ويقيم ليصلّي وحده فيجيء رجل آخر فيقول له:نصلّي جماعة هل يجوز أن يصلّيا بذلك
الأذان والإقامة ؟ قال عليه السلام: «لا، ولكن يؤذّن ويقيم».
بدعوى ظهوره في مفروغيّة السائل عن
الاكتفاء بأذان الإمام وإقامته، وإنّما سئل عن تطبيق ذلك على المورد.
وهكذا غيرها من الروايات الظاهرة في أنّ من أدرك الجماعة لا أذان عليه ولا إقامة.
بالسيرة القطعيّة العمليّة خلفاً عن سلف، مؤيّدةً بما حكي أنّ
النبي صلى الله عليه وآله وسلم كان يجتزئ بأذان
بلال وغيره وإن لم يسمعهما.
وينبغي التنبيه هنا على امور:
ظاهر أكثر الفقهاء اختصاص ذلك بالمأموم،
إلّا أنّ
السيد الخوئي صرّح بالتعميم،
كما هو ظاهر
السيد الحكيم والشهيد الصدر ؛
لمعتبرة
حفص بن سالم عن أبي عبد اللَّه عليه السلام: إذا قال المؤذّن: قد قامت الصلاة أ يقوم الناس على أرجلهم أو يجلسون حتى يجيء إمامهم؟ قال: «لا، بل يقومون على أرجلهم، فإن جاء إمامهم وإلّا فليؤخذ بيد رجل من القوم فيقدّم».
فهي واضحة الدلالة على أنّ
الإمام إذا جاء بعد
الانتهاء من الأذان والإقامة يكتفي بهما ولا يعيد.
ولجريان السيرة على اجتزائه به وعدم
إعادته .
ظاهر كلمات الفقهاء اختصاص السقوط بالجماعة التي أذّن لها، حيث قيّدوا السقوط بذلك،
فلا يشمل
الاقتداء بإمام اكتفى بسماعه من الغير من دون سماع المأمومين.
وخالفهم السيد الخوئي حيث قال:«
التقييد غير ظاهر، بل لو سمعهما الإمام من شخص آخر ولو كان منفرداً واكتفى بهما فأقام الجماعة سقطا عنه وعن المأمومين؛ لما... عن
عمرو بن خالد عن
أبي جعفر عليه السلام قال: كنّا معه فسمع إقامة جارٍ له بالصلاة، فقال: «قوموا»، فقمنا فصلّينا معه بغير أذان ولا إقامة، وقال:«يجزئكم أذان جاركم»،
فإنّ تخصيص السماع بالإمام عليه السلام يكشف عن أنّ الراوي ومن معه لم يسمعوا ذلك الأذان، وإلّا لقال:(فسمعنا) بدل قوله: (فسمع)، فهي إذاً واضحة الدلالة».
ومثلها معتبرة
أبي مريم الأنصاري .قال: صلّى بنا أبو جعفر عليه السلام في قميص بلا إزار ولا رداء ولا أذان ولا إقامة، إلى أن قال: فقال: «وأنّي مررت بجعفر وهو يؤذّن ويقيم فلم أتكلّم فأجزأني ذلك».
قد أطلق أكثر من تعرّض للمسألة، إلّا أنّ السيد الخوئي صرّح بكونه عزيمة،
وهو ظاهر
السيد اليزدي ؛
لأنّ السقوط لو كان رخصة لصدر عن الأئمة عليهم السلام أو أصحابهم، ولنقل ذلك عنهم عليهم السلام.
واستدلّ له أيضاً بظهور قوله عليه السلام في خبر معاوية بن شريح: «ليس عليه أذان ولا إقامة»،
في انتفاء الأمر به،
إلّا أنّه نوقش فيه- مضافاً إلى ضعف السند- بأنّها قاصرة الدلالة؛ لأنّ مفاده نفي اللزوم المحمول على نفي تأكّد
الاستحباب .
الموسوعة الفقهية، ج۸، ص۱۹۵-۱۹۷.