سقوط الاستبراء عن الصغيرة واليائسة والمستبرأة
احفظ هذه المقالة بتنسيق PDF
(ويسقط
الاستبراء عن الصغيرة) الغير البالغة (واليائسة) عن الحيض،
بالبلوغ إلى سنّ اليأس (والمستبرأة) بلا خلاف في الثلاثة، وهو الحجة. مضافاً إلى
الأصل ،
واختصاص النصوص بحكم
التبادر في بعض، وبه وبوجه الحكمة في الباقي بغير الثلاثة، فالتعدية لمخالفتها الأصل لا بدّ لها من حجّة ودلالة هي في المقام مفقودة.
مع تظافر المعتبرة بعدمها بالضرورة، منها مضافاً إلى ما مرّ إليه
الإشارة الموثّق كالصحيح، بل ربما عدّ من الصحيح : عن الرجل يشتري الجارية التي لم تبلغ المحيض وإذا قعدت عن المحيض، ما عدّتها؟ وما يحلّ للرجل من
الأمة قبل أن تحيض؟ قال : «إذا قعدت عن المحيض أو لم تحض فلا عدّة لها»
الحديث.
(و) من النصوص الثالثة الأخبار الدالّة على السقوط عن (أمة المرأة و) أنّه (يقبل قول) البائع (العدل إذا أخبر بالاستبراء) أو عدم الوطء أصلاً، وهي مستفيضة. فممّا يتعلّق بالأوّل المعتبرة، منها الصحيح : «عن الأمة تكون لامرأةٍ فتبيعها، قال : «لا بأس أن يطأها من غير أن يستبرئها»
ونحوه الموثق كالصحيح،
بل قيل : صحيح.
وفي مضاهيه في الوصفين على القولين : اشتريت جارية بالبصرة من امرأة فخبّرتني أنّه لم يطأها أحد، فوقعت عليها ولم أستبرئها، فسألت ذلك
أبا جعفر عليه السلام ، فقال : «هو ذا أنا قد فعلت ذلك وما أُريد أن أعود».
وربما يستشعر منه
اشتراط الحكم هنا بعدم معلوميّة وطء في ملك المرأة بتحليل ونحوه، بل مطلقاً، ومقتضاه وجوب الاستبراء عند عدم الشرط، ولعلّه كذلك، ويعضده
انسحاب وجه الحكمة هنا أيضاً، إلاّ أنّ مقتضاه الاكتفاء
باحتمال الوطء لا اشتراط العلم به. ولا ريب أنّه أحوط إذا لم تخبر بعدم الوطء، بل مطلقاً، كما عن الحلّي وفخر المحققين
أي : أصالة عدم الدخول وأصالة عدم وجوب الاستبراء منه رحمه الله.
وإن كان في تعيّنه نظر،
لإطلاق الصحيحين الأوّلين المعتضدين بالأصلين، وبإطلاق الفتاوي في البين، فيقيّد بهما الحكمة إن عمّت، مع أنّ عمومها محلّ نظر، لاحتمال الخوف الذي هو الأصل فيها الغالب كما في الشراء من الرجل لا مطلقه.
وينبغي
القطع باشتراط عدم المعلوميّة؛ التفاتاً إلى الحكمة وعليه ينزّل الإطلاقات. ويفرق حينئذٍ بين الشراء منها ومن الرجل بوجوب الاستبراء في الثاني مطلقاً إلاّ مع العلم أو ما في حكمه بعدم الوطء أصلاً، وعدمه في الأوّل كذلك إلاّ مع العلم بالدخول المحترم أو المطلق على الأقوى.
وممّا يتعلق بالثاني المستفيضة، وهي ما بين مطلقة في المخبِر، كالخبر : «إذا اشتريت جارية فضمن لك مولاها أنها على طهر فلا بأس أن تقع عليها».
ومقيّدةٍ له بالوثاقة والأمانة، منها : في رجل يشتري الأمة من رجل فيقول : إنّي لم أطأها، فقال : «إن وثق به فلا بأس بأن يأتيها».
ومنها : الرجل يشتري الجارية وهي طاهر ويزعم صاحبها أنّه لم يمسّها منذ حاضت، فقال : «إن ائتمنته فمسّها».
وقصور الأولى بالجهالة والثانية
بالاشتراك بل احتمال الضعيف بالقرينة يعني احتمال أن يكون المراد بأبي بصير هو
يحيى بن القاسم الضعيف بقرينة رواية شعيب العقرقوفي عنه. منجبر بالشهرة، مع أنّهما معدودان في الحسن والصحيح في كلام جماعة.
مضافاً إلى كون الأولى في
الكافي صحيحة، أو حسنة كالصحيحة، ووجود من أجمعت على تصحيح ما يصحّ عنه العصابة في سند الثانية، مع
اعتضادهما بالأصل، واختصاص النصوص المثبتة للحكم بحكم التبادر بغير مفروض المسألة.ودعوى عموم الحكمة لنحوها غير ظاهرة يظهر وجهه ممّا تقدّم إليه الإشارة. فإذاً الأظهر ما عليه الأكثر، بل ربما يظهر من الغنية
الإجماع عليه.
خلافاً للفاضلين المتقدّم ذكرهما ، فأوجب الاستبراء هنا أيضاً؛ لروايات هي ما بين قاصرة السند، أو ضعيفة الدلالة، أو مخالفة في الظاهر للمجمع عليه بين الطائفة، فأولاها : أشتري الجارية من الرجل المأمون، فيخبرني أنّه لم يمسّها منذ طمثت عنده وطهرت، قال : «ليس بجائز أن تأتيها حتى تستبرئها بحيضة»
الحديث. وثانيتها الصحيح : عن جارية تشترى من رجل مسلم يزعم أنّه قد استبرأها، أيجزئ ذلك أم لا بد من استبرائها؟ قال : «أستبرئها بحيضتين».
وثالثتها الصحيح : في رجل اشترى جارية ولم يكن صاحبها يطؤها، أيستبرئ رحمها؟ قال : «نعم».
فلتطرح، أو تؤوّل بما يؤول إلى الأوّل بالحمل على عدم أمانة المخبر، والأوّل الظاهر فيها بحسب السند قاصر، أو على
الاستحباب ، كما يشعر به الصحيح الأوّل، من حيث تضمّنه
الأمر بالاستبراء حيضتين الذي هو للاستحباب بلا خلاف في الظاهر.
ويفصح عنه الخبر بل الحسن كما قيل ـ
: أفرأيت إن ابتاعها وهي طاهرة وزعم صاحبها أنّه لم يطأها منذ طهرت، فقال عليه السلام : «إن كان عندك أميناً فمسّها» وقال عليه السلام : «إنّ ذا الأمر شديد، فإن كنت لا بدّ فاعلاً فتحفظ لا تنزل عليها».
فما عليه الأكثر أقوى، وإن كان
الاحتياط الأكيد فيما ذكراه جدّاً، كاعتبار العدالة بعده، وفاقاً لظاهر العبارة وجماعة،
وإن كان
الاكتفاء بمن تسكن النفس إليه لا يخلو عن قوّة؛ لظاهر المعتبرة المتقدمة، لخلوّها عن اعتبارها بالمعنى المصطلح بين المتشرّعة، وإنّما غايتها اشتراط
الأمانة والوثاقة، وهما أعم منها لغةً وعادةً.
رياض المسائل، ج۹، ص۷۳-۷۸.