شروط التغسيل
احفظ هذه المقالة بتنسيق PDF
يشترط في الغاسل المماثلة أو المحرمية فلا يغسّل الرجل إلّا الرجل أو ذات محرم له وكذا
المرأة لا يغسّلها إلّا المرأة أو ذو محرم لها.
يشترط في الغاسل المماثلة أو المحرمية ف (لا يغسّل الرجل إلّا الرجل) أو ذات محرم له (وكذا
المرأة ) لا يغسّلها إلّا المرأة أو ذو محرم لها على الأشهر الأظهر، بل عليه
الإجماع عن المعتبر،
وبه صرّح جماعة؛
للصحاح المستفيضة وغيرها من المعتبرة.
ففي الصحيح : في الرجل يموت في السفر في
أرض ليس معه إلّا النساء قال : «يدفن ولا يغسّل، والمرأة تكون مع الرجال بتلك المنزلة تدفن ولا تغسّل».
خلافاً للمفيد فأوجب التغسيل من وراء الثياب،
ونحوه عن
ابن زهرة مع
اشتراطه تغميض العينين؛
لأخبار هي مع ضعفها شاذة ولما قدّمناه غير مكافئة من وجوه عديدة. ومقتضاه سقوط التيمم؛ لعدم
الأمر به فيها مع ورودها في مقام البيان. وعن الشيخ التصريح بالسقوط في جملة من كتبه،
وعلّل
باتحاد المانع فيه وفي التغسيل وإن قلّ في طرفه. وما دلّ على الأمر به من الأخبار
ضعيف لا يعوّل عليه.
(ويغسّل الرجل بنت ثلاث سنين مجرّدة)
اختياراً و اضطراراً (وكذا المرأة) تغسّل صبيا له ثلاث سنين مطلقا، على الأشهر بين الأصحاب، بل عليه الإجماع في الأوّل عن نهاية الإحكام،
وفي الثاني عنه وعن التذكرة والمنتهى.
وهو الحجّة فيهما، كالخبر المنجبر ضعفه بالشهرة في الأخير : «عن الصبي إلى كم تغسّله النساء؟ فقال : إلى ثلاث سنين».
وبه يقيّد
إطلاق الموثق : عن الصبي تغسله امرأة، قال : «إنما تغسّل الصبيان النساء».
خلافاً للشيخ وغيره، فاشترط فقد المماثل.
وهو أحوط.
وللمفيد وسلّار، فجوّزا للمرأة تغسيل
ابن الخمس مجرداً.
وللصدوق فجوّز للرجل تغسيل ابنة الخمس مجردة.
ولا دليل على الأوّل. والخبر في الثاني مع ضعفه
بالإرسال مضطرب المتن لأنه مروي في
التهذيب هكذا : «إذا كانت بنت أقلّ من خمس سنين أو ست دفنت».
وفي
الفقيه والذكرى
بدل الأقل : أكثر، مع التصريح بالتغسيل في الأقل، وفيه الدلالة عليه دون الأوّل، وفي تعيّنه نظر. ومال إلى القول بالخمس مطلقاً بعض المتأخرين،
لا لما ذكر، بل للأصل والعمومات. وفيه نظر لعدم إثبات العبادة التوقيفية بالأول،
وتوقف الإثبات بالثاني على وجوده. وفيه تأمل، و
الإجماع في محل النزاع ممنوع.
وللمعتبر، فخصّ الجواز بتغسيل المرأة الصبي دون العكس، فارقاً بينهما بإذن الشرع في
اطلاع النساء على الصبي
لافتقاره إليهن في التربية، وليس كذلك الصبية، قال : و
الأصل حرمة النظر.
وفيه نظر، بناء على عدم ثبوته بالإطلاق، مضافا إلى ما يستفاد من النص الصحيح من جواز النظر إلى الصبية إلى عدم
البلوغ ،
وحكي عليه عدم الخلاف،
وفي المعتبرة جواز تقبيلها إلى الست كما في كثير منها،
أو الخمس كما في بعضها.
نعم : يؤيده الموثق المتقدم حيث سئل في ذيله : عن الصبية ولا تصاب امرأة تغسّلها، قال : «يغسّلها رجل أولى الناس بها». لكن ليس نصاً في إطلاق المنع حتى فيما إذا لم يوجد رجل أولى بها، نعم ظاهر في المنع إذا وجد. إلّا أنه لا يقاوم الإجماع المحكي في
نهاية الإحكام المصرّح بالجواز هنا.
ولكنه أحوط.
(ويغسّل الرجل محارمه) المحرّمات عليه مؤبدا بنسب (أو رضاع) أو مصاهرة بلا خلاف في الجملة؛ للنصوص المستفيضة، وعليه الإجماع عن
التذكرة .
ويشترط في المشهور كونه من وراء الثياب للأمر به في المعتبرة المستفيضة، منها الموثق : عن الرجل يموت وليس عنده من يغسّله إلّا النساء هل تغسّله؟ فقال : «تغسّله امرأته أو ذات محرم، وتصبّ عليه النساء الماء من فوق الثياب».
وآخر : عن الرجل يموت في السفر وليس معه رجل
مسلم ومعه رجال نصارى ومعه عمته وخالته مسلمتان، كيف يصنع في غسله؟ قال : «تغسّله عمته وخالته في قميصه» وعن المرأة تموت في السفر وليس معها امرأة مسلمة ومعها نساء نصارى وعمها وخالها مسلمان؟ قال : «يغسّلانها ـ ولا تقربها النصرانية ـ كما كانت المسلمة تغسّلها غير أنه عليها درع فيصب الماء من فوق الدرع».
وآخر : عن رجل مات وليس عنده إلّا النساء، قال : «تغسله امرأة ذات محرم وتصب النساء عليه الماء ولا يخلع ثوبه». وقال نحوه في المرأة : «وإن كان معها ذو محرم لها غسّلها من فوق ثيابها».
ونحوها خبران آخران.
وعليها يحمل المطلق من الأخبار كالصحيح : عن الرجل يموت وليس عنده من يغسله إلّا النساء، قال : «تغسله امرأته أو ذو قرابته إن كانت وتصبّ النساء عليه الماء».
وربما جمع بينهما بحمل الأوّلة على
الاستحباب لاستصحاب؛ حلية النظر واللمس المجمع عليهما، والنص الصحيح : عن الرجل يخرج في السفر ومعه امرأته يغسّلها؟ قال : «نعم وامه وأخته ونحو هذا. يلقي على عورتها خرقة».
والخبر : «إذا كان معه نساء ذوات محرم يؤزرنه ويصببن عليه الماء جميعا ويمسسن جسده ولا يمسسن فرجه».
ولا يخلو عن القوة ـ لو لا الشهرة العظيمة ـ كما عن ظاهر
الكافي والإصباح والغنية.
وبه صرّح بعض الأصحاب
لتقديم النص على الظاهر. سيّما مع اعتضاده بالأصل والإطلاقات و
استصحاب حلّية التكشف حال الحياة مع
احتمال كون الأمر بذلك لعارض خارجي كوجود أجنبي أو أجنبيات كما يشعر به بعض ما تقدّم من الروايات مضافا إلى ظهور سياق بعضها باتحاد حكم الزوجة والمحارم في ذلك. وسيأتي أن الحكم فيها للاستحباب.
(وكذا) الحكم (في المرأة) تغسّل محارمها من وراء الثياب. وإطلاق العبارة كالمصرّح به في كلام جماعة
إطلاق الحكم بالجواز. خلافا للأكثر فخصّوه بحال الاضطرار لعموم الخبر : «لا يغسّل الرجل المرأة إلا أن لا توجد امرأة».
و
اختصاص المجوّزة بصورة
الاضطرار . وعورض بالأصل وإطلاق الصحيح المتقدم المجوّز للتغسيل مجرّداً. وهو حسن، إلّا أن الأوّل أولى. كلّ ذا فيما عدا الزوجين، وأما فيهما فالأشهر الأظهر في المقامين ما تقدّم من القولين بجواز التغسيل مجرداً وحال الاختيار، كما عن المرتضى ; والخلاف والإسكافي والجعفي
وأكثر المتأخرين.
خلافاً للشيخ وابن زهرة في الأول
فمن وراء الثياب، ولأوّلهما في الثاني فالاضطرار خاصة.
والصحيحان حجّة عليه، في أحدهما : عن الرجل يصلح له أن ينظر إلى امرأته حين تموت أو يغسّلها إن لم يكن عنده من يغسّلها، وعن المرأة هل تنظر إلى مثل ذلك من زوجها حين يموت؟ قال : «لا بأس بذلك إنما يفعل ذلك
أهل المرأة كراهة أن ينظر زوجها إلى شيء يكرهونه»
ونحوه الثاني.
ويعضدهما إطلاق الصحيح المتقدم.
ولا يعارضه الخبر : «يغسل الزوج امرأته في السفر والمرأة زوجها في السفر إذا لم يكن معهم رجل»
لقصور السند. ونحوه الكلام في الخبرين المضاهيين له. وإطلاقهما كصريح الثالث حجة عليهما في الأول، مضافاً إلى ما تقدم، وعدم دليل عليه في تغسيل الزوجة صاحبها إلّا الموثق الأوّل والثالث وليسا نصّا لاحتمال كون الأمر بالصب فوق الثياب لمانع خارجي من وجود أجنبية كما يشعران به. فتأمل. و
الاحتياط في هذه المسائل أولى.
رياض المسائل، ج۱، ص۴۶۸- ۴۷۵.