قطع الشجر في الإحرام
احفظ هذه المقالة بتنسيق PDF
يحرم قطع الشجر والحشيش النابتين في الحرم، ويجوز قطع
الإذخر وشجر الفواكه والنخل سواء أنبته الله تعالى أو
الآدميون .
(وقطع الشجر والحشيش) النابتين في الحرم، بإجماع العلماء، كما في الكتابين وغيرهما؛
للصحاح المستفيضة.
قيل : ولا خلاف في جواز قطعهما في الحلّ للمحرم وغيره، ولا في عموم حرمة قطعهما في الحرم لهما، والنصوص ناطقة بالأمرين، والقطع يعمّ القلع وقطع الغصن والورق والثمر، و
الأمر كذلك؛
لعموم نحو الصحيح : «كل شيء ينبت في الحرم فهو حرام على الناس أجمعين».
والخبر أو الصحيح : المحرم ينزع
الحشيش من غير الحرم؟ قال : «نعم» قال : فمن الحرم؟ قال : «لا»
ونحوه آخر.
وعمومها يشمل
الرطب واليابس، خلافاً لجماعة فقيّدوها باليابس فلم يمنعوا قطعه.
ووجهه غير واضح، عدا
اختصاص بعض الأخبار، وهو قوله «لا يُختلى خَلاها ولا يُعضد شجرها»
_اختلاه : جزّه وقطعه ونزعه، عضد الشجر : قطعه_
به، وهو لا يفيد التقييد. هذا مع أن المحكي عن
الجوهري أن الخَلى مقصوراً الحشيش اليابس.
فيفيد الضد، ولكن المحكي عن النهاية و
القاموس خلافه.
ثم التحريم في الصحيح يعمّ القطع و
الانتفاع مطلقاً، فلو انكسر غصن أو سقط ورق لم يجز الانتفاع به، سواء كان ذلك بفعل
آدمي أو غيره، إلاّ أن المحكي عن التذكرة والمنتهى
دعوى الإجماع على جوازه في الثاني، و
استقرابه في الأول، ولعلّه لمنع عموم الصحيح للانتفاع، باحتمال اختصاصه بحكم التبادر وغيره بالقطع دون غيره.
ثم المحرّم كل شجر وحشيش في الحرم (إلاّ أن ينبت في ملكه) كما في عبارة جماعة؛
للخبر، أو القوي، بل الصحيح كما قيل
ووجهه غير واضح ـ : عن الرجل قلع الشجرة من مضربه أو داره في
الحرم ، فقال : «إن كانت الشجرة لم تزل قبل أن يبني الدار أو يتخذ المِضرب فليس له أن يقلعها، وإن كانت طرأ عليه فله قلعها».
ونحوه آخر لراويه : في
الشجرة يقلعها الرجل من منزله في الحرم، فقال : «إن بنى المنزل والشجرة فيه فليس له أن يقلعها، وإن كانت نبتت في منزله وهو له فله قلعها».
وفيهما ضعف سنداً بالجهالة، ودلالةً بالأخصية من المدّعى؛ لاختصاصهما بالشجرة والدار، كما وقع التعبير بها في عبائر جماعة،
والمنزل كما في عبائر آخرين،
ودعوى عدم القول بالفصل
لما عرفت غير مسموعة.
فإذاً الأجود
الاقتصار على موردهما إن عملنا بهما بزعم
انجبار ضعف سندهما بفتوى الجماعة، وإلاّ فيشكل هذا
الاستثناء . نعم، لا بأس باستثناء ما غرسه
الإنسان وأنبته، سواء كان في ملكه أو غيره؛ للصحيح : «إلاّ ما أنبتّه أنت أو غرسته».
وحكي الفتوى بإطلاقه كما اخترناه عن النهاية و
المبسوط والسرائر والنزهة والمنتهى والتذكرة،
خلافاً للمحكي عن ابني براج وزهرة و
الكندري ،
فقيدوه بملكه، ولم نقف على دليله.
(ويجوز قطع الإذخر) _الإذخر بكسر الهمزة والخاء : نبات معروف عريض الأوراق طيب الرائحة يسقف به البيوت _
بغير خلاف أجده، وبه صرّح في
الذخيرة ،
بل عليه
الإجماع في المنتهى والتذكرة؛
للمعتبرة.
(وشجر الفواكه والنخل) سواء أنبته الله تعالى أو الآدميون فيما قطع به الأصحاب، كما في
المدارك والذخيرة،
وفيهما : أن ظاهر المنتهى كونه موضع وفاق بينهم، وفي غيرهما عن صريح الخلاف الإجماع؛
للموثق.
وقد استثنى جماعة
عودَي المَحالة بفتح الميم، البَكَرة العظيمة؛ _البكَرَة : التي يستقى عليها، وهي خشبة مستديرة في وسطها محزّ للحبل وفي جوفها محور تدور عليه_
لرواية في سندها
إرسال وجهالة،
ولعلّه لذا لم يستثنها الماتن وجماعة.
رياض المسائل، ج۶، ص۳۰۹- ۳۱۲.