كيفية السعي
احفظ هذه المقالة بتنسيق PDF
(وأما الكيفيّة : ففيها الواجب و
الندب ) ، والواجب أربعة : النيّة والبدأه بالصفا والختم بالمروة، والسعي، بينهما سبعاً.
(والواجب أربعة : النيّة) المشتملة على الفعل، أعني به
السعي المخصوص، فلا بدّ من تصور معناه المتضمّن للذهاب من الصفا إلى المروة والعود وهكذا سبعاً؛ وعلى وجهه من الوجوب والندب (إن وجب) وكونه سعي حجّ
الإسلام أو غيره من عمرة الإسلام أو غيرها؛ والتقرب به إلى الله تعالى مقارنة لأوّله. ويجب
استدامة حكمها حتى الفراغ إن أتى به متّصلاً إلى الآخر، فإن فصل جدّدها ثانياً فما بعده.
(والبدأه بالصفا والختم بالمروة) فلو عكس بطل مطلقاً ولو سهواً أو جهلاً.
(والسعي) بينهما (سبعاً، يعدّ ذهابه) إلى المروة (شوطاً، وعوده) منها إلى الصفا (آخر) وهكذا إلى أن يكمّلها سبعاً. كلّ ذلك بالإجماع الظاهر، المصرَّح به في جملة من العبائر مستفيضاً،
والصحاح المستفيضة وغيرها من المعتبرة التي كادت تكون متواترة، بل متواترة. ففي الصحيح : «طف بينهما سبعة أشواط، تبدأ بالصفا وتختم بالمروة»
وفيه : «إنّ
رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم حين فرغ من طوافه قال : ابدءوا بما بدأ الله به من إتيان الصفا، إنّ الله عز وجل يقول : (إِنَّ الصَّفا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعائِرِ اللهِ).
وفيه : «من بدأ بالمروة قبل الصفا فليطرح ما سعى ويبدأ بالصفا قبل المروة»
ونحوه غيره.
وظاهر إطلاقهما وجوب
الإعادة لو عكس في كلّ ما قدّمناه من الأحوال الثلاثة - أي : في صورة العمد والسهو والجهل-، ويعضده الأُصول، لعدم
الإتيان بالمأمور به على وجهه. وفي الصحيح : سعيت بين
الصفا والمروة أنا وعبد الله بن راشد فقلت له : تحفّظ عليّ، فجعل يعدّ ذاهباً وجائياً شوطاً أحداً إلى أن قال ـ : فأتممنا أربعة عشر شوطاً، فذكرنا ذلك لأبي عبد الله عليه السلام فقال : «قد زادوا على ما عليهم، ليس عليهم شيء».
ويحصل البدأة بالصفا والختم بالمروة إما بالصعود عليهما، أو بجعل عقبه وكعبه أعني ما بين الساق والقدم ملاصقاً للصفا، وأصابع قدميه قدميه جميعاً ملاصقة للصفا، وأصابع قدميه جميعاً ملاصقة للمروة. ولا يجب صعودهما إجماعاً على الظاهر، المصرّح به في عبائر جماعة ومنهم : الشيخ في الخلاف والقاضي
فيما حكي، وعن الفاضل في
المنتهى والتذكرة
أيضاً؛ للأصل، والصحيح : عن النساء يطفن على
الإبل والدواب أيجزئهنّ أن يقفن تحت الصفا حيث يرين؟ فقال : «نعم».
وعن
التذكرة والمنتهى : أن من أوجب الصعود أوجبه من باب المقدّمة، لأنه لا يمكن
استيفاء ما بينهما إلاّ به، كغسل جزء من الرأس في
الوضوء ، وصيام جزء من الليل. قال : وهذا ليس بصحيح؛ لأن الواجبات هنا لا تنفصل بمفصل حسّي يمكن معه استيفاء الواجب دون فعل بعضه، فلهذا أوجبنا غسل جزء من الرأس وصيام جزء من الليل، بخلاف صورة النزاع فإنه يمكنه أن يجعل عقبه ملاصقاً للصفا.
انتهى.
وهو حسن، بل
اتفاق الأصحاب في الظاهر على وجوب
إلصاق العقب بالصفا، و
الأصابع بالمروة، لكان القول بعدم لزوم هذه الدقة و
الاكتفاء بأقلّ من ذلك ممّا يصدق معه
السعي بين الصفا والمروة عرفاً وعادةً كما اختاره بعض المعاصرين لا يخلو عن قوّة؛ لما ذكر من أن المفهوم من الأخبار أن
الأمر أوسع من ذلك، فإنّ السعي على الإبل الذي دلّت عليه الأخبار وأن
النبي صلي الله عليه وآله وسلم كان يسعى على ناقته
لا يتّفق فيه هذا التضييق، مِن جعل عقبه يلصقه بالصفا في الابتداء، وأصابعه يلصقها بالصفا موضع العقب بعد العود، فضلاً عن ركوب الدرج، بل يكفي فيه الأمر العرفي.
ولكن الأحوط ما ذكروه.وفي
الدروس : الأحوط الترقّي إلى الدرج، وتكفي الرابعة.
قيل
: لما روي أنه صلي الله عليه وآله وسلم صعده في
حجة الوداع ،
مع قوله صلي الله عليه وآله وسلم «خذوا عنّي مناسككم».
أما كفاية الرابعة فلما روي أنه صلي الله عليه وآله وسلم رَقِيَ قدر قامة حتى رأى الكعبة.
وزيد في الدروس وغيره
على الأربعة وجوب الذهاب بالطريق المعهود، و
استقبال المطلوب بوجهه، فلو اقتحم المسجد الحرام ثم خرج من باب آخر لم يجز، وكذلك لو سلك سوق الليل، وكذا لو أعرض أو مشى القهقرى لم يجز.
قيل : لأنهما المعهود من الشارع.
ولا بأس به.
رياض المسائل، ج۷، ص۱۱۶- ۱۲۰.