مكروهات التخلي
احفظ هذه المقالة بتنسيق PDF
الأمور التي تكره في
التخلي هي : الجلوس في المشارع والشوارع و
مواضع اللعن، والجلوس تحت الأشجار المثمرة ، الجلوس في فيء النزّال، و .... .
(ويكره الجلوس) حال
التخلي (في المشارع) .
جمع مشرعة، وهي موارد المياه، كشطوط الأنهار ورؤوس الآبار.
(والشوارع) جمع شارع، وهو الطريق الأعظم، كما عن الجوهري.
والمراد بها هنا مطلق الطرق النافذة، إذ المرفوعة ملك لأربابها عند الأصحاب.
(ومواضع اللعن) المفسّرة في الصحيح بأبواب الدور. ويحتمل أن يراد بها ما هو أعم منها، باحتمال خروج التفسير بها مخرج التمثيل.
(وتحت الأشجار المثمرة) بالفعل، كما يستفاد من الخبر : «نهى أن يتغوط على شفير
بئر ماء يستعذب منها، أو نهر يستعذب، أو تحت شجرة فيها ثمرتها».
ويشهد له الآخر في تعليل النهي بحضور الملائكة الموكّلين لحفظ الثمار،
هذا مضافاً إلى
الأصل .
أو مطلقاً؛ لإطلاق الصحيح الآتي مع المسامحة. فتأمل.
كلّ ذلك للمعتبرة، منها الصحيح : «تتقي شطوط الأنهار، والطرق النافذة، وتحت الأشجار المثمرة، ومواضع اللعن، قيل له : وأين مواضع اللعن؟ قال : أبواب الدور».
وظاهرها المنع. وحمل في المشهور على الكراهة للأصل.
وعن الهداية والفقيه و
المقنعة : المنع من التغوط في الأخير خاصة،
وهو أحوط.
(وفيء النزّال) أي المواضع المعدّة لنزول القوافل والمترددين، والتعبير به إمّا لغلبة الظل فيها، أو لفيئهم ورجوعهم إليها للتأذي، وكونه من مواضع اللعن بناء على
الاحتمال المتقدم، وللخبرين،
وظاهرهما
التحريم وعدم الجواز كما عن الكتب الثلاثة المتقدمة، وهو أحوط.
(و استقبال ) قرصي (الشمس والقمر) مطلقا حتى الهلال، بفرجه دون مقاديمه أو مئاخيره مطلقا على الأشهر للمرسلين في الكافي
والفقيه.
أو في البول خاصة، كما عن ظاهر الشيخ في
الاقتصاد والجمل والمصباح ومختصره وابن سعيد وسلّار،
ومحتمل
الإرشاد والبيان والنفلية
للأصل، و
اختصاص أكثر الأخبار به. وهو كما ترى.
وقيل بالمنع لظواهرها.
وهو ضعيف لضعفها، وخلو كثير من الروايات المبيّنة لحدود
الاستنجاء عمّا تضمّنته.
ولا يكره
الاستدبار عند البول والاستقبال عند الغائط مع ستر القبل للأصل، وحكاية
الإجماع عليه عن
فخر الإسلام ،
وظهور اختصاص الأخبار بالاستقبال بالحدثين. وما في المرسل : «لا تستقبل الهلال ولا تستدبره» غير صريح
لإمكان اختصاص النهي في الأول بالبول وفي الثاني بالغائط.
(والبول في
الأرض الصلبة) لما تقدّم في
ارتياد المكان المناسب.
(وفي مواطن الهوامّ) ولا يحرم.
خلافاً للهداية فلم يجوّزه.
والأصل مع ضعف ما فيه النهي عنه
حجةٌ عليه.
(وفي الماء جارياً أو ساكناً) وفاقاً للأكثر للمستفيضة، منها : الصحيح عن العلل : «ولا تبل في ماء نقيع، فإنّه من فعل فأصابه شيء فلا يلومنّ إلّا نفسه».
ومنها : الخبر المحكي عن
جامع البزنطي : «لا تشرب وأنت قائم، ولا تنم وبيدك ريح الغمر، ولا تبل في الماء، ولا تخلّ على قبر، ولا تمش في نعل واحدة، فإنّ الشيطان أسرع ما يكون على بعض هذه الأحوال» وقال : «ما أصاب أحداً على هذه الحال فكان يفارقه إلّا أن يشاء اللّه تعالى».
ومنها : الخبر المروي في
الخصال : «لا يبولنّ الرجل من سطح في الهواء، ولا يبولنّ في ماء جار، فإن فعل ذلك فأصابه شيء فلا يلومنّ إلّا نفسه، فإنّ للماء أهلاً وللهواء أهلا».
وروي أنّ البول في الراكد يورث النسيان،
وأنه من الجفاء.
وعن بعض أنه فيه يورث الحصر، وفي الجاري السلس.
خلافاً لظاهر
الهداية ووالده
في الأول، فنفيا البأس عنه للصحيح : «لا بأس بأن يبول الرجل في
الماء الجاري ، وكره أن يبول في الماء الراكد».
ويحمل على عدم تأكد الكراهة فيه، أو عدم التنجيس أو التقذير وإن كره من جهة أخرى جمعاً. ولا يعتبر التكافؤ هنا مسامحة، ويحتملهما كلامهما.
ولظاهرهما وظاهر المفيد
في الثاني، فلم يجوّزوه. وهو أحوط.
وتتأكد كراهتهما في الليل لما ينقل من أنّ الماء بالليل للجن، فلا يبال فيه ولا يغتسل، حذراً من
إصابة آفة من جهتهم.
وظاهر الروايات ـ كالمتن ـ مع الأصل يقتضي اختصاص الكراهة بالبول خاصة.
خلافاً للأكثر ومنهم الشيخان، فألحقا به الغائط.
ولا بأس
للأولوية كما عن الذكرى.
فتأمّل.
وفي ثبوتها في الماء المعدّ في بيوت الخلاء لأخذ النجاسة و
اكتنافها كما يوجد في الشام وما جرى مجراها من البلاد الكثيرة الماء.
إشكال، ينشأ من
الإطلاق ، ومن الأصل وعدم تبادر مثله منه. والأول أحوط.
(واستقبال الريح به) أي بالبول، بل مطلقاً للمرفوع : ما حدّ الغائط؟ فقال : «لا تستقبل القبلة ولا تستدبرها، ولا تستقبل الريح ولا تستدبرها»
ومثلها في
المرسل .
وعن علل
محمّد بن علي بن إبراهيم بن هاشم : ولا يستقبل الريح لعلّتين، إحداهما : أنّ الريح يردّ البول فيصيب الثوب وربما لم يعلم الرجل ذلك أو لم يجد ما يغسله. والعلّة الثانية : أن مع الريح ملكاً فلا يستقبل بالعورة.
والخبران وإن احتملا الاستقبال عند البول والاستدبار عند الغائط، ومرجعهما جميعاً
الاستقبال بالحدث، إلّا أن الظهور بل مطلق الاحتمال في مثل المقام لعلّه كاف. واللّه العالم.
(و
الأكل والشرب) حال التخلي، كما عن جماعة،
بل مطلقاً كما عن غيرهم؛
لمهانة النفس، وفحوى مرسلة الفقيه : إنّ
أبا جعفر عليه السلام دخل الخلاء، فوجد لقمة خبز في القذر، فأخذها وغسلها ودفعها إلى مملوك له وقال : «تكون معك لآكلها إذا خرجت».
وأسند في
عيون أخبار الرضا وفي صحيفة الرضا، عن
الرضا عليه السلام : أنّ
الحسين بن علي عليه السلام فعل ذلك.
(والسواك) أي
الاستياك حال التخلي، أو مطلقاً، بناءً على
اختلاف نسختي المرسل : «إنّ السواك على الخلاء يورث البخر»
كذا في الفقيه وظاهره الأول، وفي التهذيب بدل «على» «في» وظاهره الثاني لو اُريد به بيته، وإلّا فكالأول.
(والاستنجاء) ومنه
الاستجمار (باليمين) للنهي عنه في الأخبار،
وفيها أنه من الجفاء، وفيها النهي عن مسّ الذكر باليمين.
وعنه عليه السلام أنه كانت يمناه لطهوره وطعامه، ويسراه لخلائه وما كان من أذى.
واستحب أن يجعل اليمين لما علا من الاُمور، واليسار لما دنا، ولا يدفعه ما في الخبر : «يجزيك من الغسل والاستنجاء ما بلّت يمينك»
فتدبّر.
(وباليسار وفيها خاتم عليه
اسم اللّه تعالى) بشرط عدم التلويث، ومعه يحرم قطعاً.
والأخبار بالأول مستفيضة، منها : الخبر المروي في الخصال : «من نقش على خاتمه اسم اللّه عز وجل فليحوّله عن اليد التي يستنجي بها في المتوضّإ».
(والمتوضّأ : الكنيف والمستراح
)
ومنها : الخبر المروي في
أمالي الصدوق : الرجل يستنجي وخاتمه في إصبعه ونقشه لا إله إلّا اللّه، فقال : «أكره ذلك له» فقلت : جعلت فداك أو ليس كان
رسول اللّه صلي الله عليه وآله وسلم وكلّ واحد من آبائك يفعل ذلك وخاتمه في إصبعه؟ قال : «بلى، ولكن يتختّمون في اليد اليمنى، فاتقوا اللّه وانظروا لأنفسكم».
ومنها : المروي في
قرب الإسناد : عن الرجل يجامع ويدخل الكنيف وعليه الخاتم أو الشيء من
القرآن ، أيصلح ذلك؟ قال : «لا».
وما ربما يوجد في شواذّ الأخبار من عدم الكراهة لفعل
الأئمة ذلك،
فمع ضعفه مؤوّل أو محمول على
التقية .
وربما ينقل عن الصدوق المنع من ذلك.
وهو حسن لو لا ضعف الأخبار.
ويلحق باسمه تعالى اسم الأنبياء والأئمة :. وهو حسن، وإن اختصت النصوص بالأوّل لما دلّ على
استحباب تعظيم شعائر اللّه تعالى.
ولا ينافيه ما في الخبر : الرجل يريد الخلاء وعليه خاتم فيه اسم اللّه تعالى، فقال : «ما أحبّ ذلك» قال : فيكون اسم
محمّد صلي الله عليه و آله وسلم ، قال : «لا بأس»
لضعفه، وعدم تضمنه الاستنجاء.
ويلحق بذلك الفصّة من حجر زمزم للخبر : ما تقول في الفصّ من أحجار
زمزم ؟ قال : «لا بأس به، ولكن إذا أراد الاستنجاء نزعه»
فتأمل.
قيل
: ويوجد في نسخة الكافي بلفظ «حجارة زمرّد» بدل «أحجار زمزم».
(والكلام) حال التخلي مطلقاً، كما عن جماعة،
أو التغوط خاصة، كما عن آخرين
للأخبار، منها : ما في العلل : «من تكلّم على الخلاء لم تقض حاجته»
وفي خبر آخر : «إلى أربعة أيام».
وهما مشعران بالكراهة.
وعليها يحمل النهي عن
إجابة الرجل لآخر وهو على الغائط في آخر.
وهو مع الأصل وضعف الخبر يكفي لدفع المنع كما عن الصدوق.
(الّا بذکرالله تعالي) فإنّه حسن على كلّ حال، كما في الصحيح وغيره،
وتعضده العمومات، مع عدم تبادره من الأخبار الناهية.
والخبر كالمتن مطلقان فيه، وربما يقيّدان بذكره فيما بينه وبين نفسه، وهو حسن لأخبار التسمية عند الدخول،
وعن قرب الإسناد مسنداً عن أبي جعفرعليه السلام عن
أبيه عليه السلام قال : «كان أبي يقول : إذا عطس أحدكم وهو على الخلاء فليحمد اللّه تعالى في نفسه».
أو حكاية
الأذان مطلقاً، أو سرّا في نفسه للأخبار، منها الصحيح : «ولو سمعت المنادي ينادي بالأذان وأنت على الخلاء فاذكر اللّه عزّوجلّ وقل كما يقول»
وفي رواية : «إنّه يزيد في الرزق».
ولا يحتاج إلى تبديل الحيّعلات بالحوقلات
التفاتا إمّا إلى
إطلاق النصوص من دون
إشارة فيها إلى ذلك، أو إلى الشك في دخول مثله في الكلام المنهي عنه.
(أو للضرورة) في طلب الحاجة إن لم يمكن بالإشارة أو التصفيق أو نحوهما، فربما وجب، وهو واضح.
أو لرّد السلام، وحمد العاطس، وتسميته، كما عن المنتهى و
نهاية الإحكام لعموم أدلة الوجوب والاستحباب.
رياض المسائل، ج۱، ص۱۰۷- ۱۱۶.