الآثار اللاحقة للإسلام
احفظ هذه المقالة بتنسيق PDF
الآثار التي تترتب على قبول
الإسلام عديدة ،منها : أ ـ
عصمة الدم والمال، ب ـ
التكليف بالفروع، ج ـ الحمل على الصحّة في الأقوال والأفعال، د ـ نفي تبعات ما فات.
من الواضح في
الفقه الإسلامي أنّ
الإسلام يحقن الدماء ويعصم الأموال، وقد دلّت عليه العديد من الروايات كالنبوي المشهور الدالّ على أنّ
النبي صلى الله عليه وآله وسلم مأمور بمقاتلة الناس حتى يشهدوا
الشهادتين ، فإذا فعلوا ذلك صارت دماؤهم وأموالهم
معصومة ،
وغيره من الروايات العديدة، حتى أنّه لو أسلم قوم من الكفّار على أرضهم طوعاً- كأهل
المدينة المشرّفة و
البحرين و
أطراف اليمن - فإنّ أرضهم تكون لهم،
وهو ممّا ادّعي عدم وجدان
الخلاف والإشكال فيه؛ لأنّ الإسلام يحقن الدم والمال.
نعم، هناك كلام وصور في
الأسير إذا أسلم في
دار الحرب قبل الظفر و
الغلبة ، أو بعد الوقوع في
الأسر والحرب قائمة، أو بعد الوقوع في الأسر و
انتهاء الحرب، يراجع تفصيله في مصطلح (أسير).
كما أنّ هناك بحثاً بينهم في حصول الإسلام حال
الهدنة و
الأمان ، وذلك عند نزول الكفّار على حكم
الإمام قبل وقوع الحرب، كما لو حاصرهم ثمّ عقد معهم عقد أمان بشرط أن ينزلوا على حكمه، وهي لا تخلو من حالتين:
الاولى: أن يسلموا قبل حكمه ففي هذه الحالة يكونوا كسائر أفراد المسلمين تعصم أموالهم ودماؤهم ونساؤهم وذراريهم من
الاستغنام والقتل والسبي؛ لأنّهم أسلموا وهم
أحرار ، وأموالهم لم تغنم،
فلا يجوز استرقاقهم ولا
اغتنام أموالهم؛ لقاعدة من أسلم حقن ماله ودمه.
الحالة الثانية: أن يسلموا بعد صدور الحكم في حقّهم بقتل الرجال وسبي النساء و
الذراري وأخذ الأموال، ففي هذه الحالة يسقط عنهم القتل خاصّة؛
لقوله صلى الله عليه وآله وسلم: «امرت أن اقاتل الناس حتى يقولوا: لا إله إلّا اللَّه...»،
وأمّا سبي النساء والذراري وأخذ الأموال فقد ادّعي عدم وجدان الخلاف في عدم سقوطهما عنهم؛
لإمكان اجتماع الاسترقاق ، واستغنام المال مع الإسلام، فهم من هذه الناحية كمن أسلم بعد استغنام ماله.
نعم، ليس للإمام استرقاق من حكم عليه بالقتل بعد سقوطه عنه بالإسلام.
يجب على الكافر بعد إسلامه
الالتزام بالفروع والتكاليف الشرعيّة كسائر المسلمين.
وهذا إنّما يصحّ اعتباره أثراً لاحقاً على الإسلام
إذا لم نأخذ بالرأي المشهور
القائل بتكليف الكفّار بالفروع كتكليفهم بالاصول؛
لأنّ الالتزام بالفروع حينئذٍ لا يكون من آثار الدخول في الإسلام؛
لاشتراك الجميع حينئذٍ بوجوب الالتزام بها والعمل على طبقها.
وأمّا وجوب القضاء أو تدارك ما فاته من التكاليف الشرعية في حال الكفر فيما يمكن تداركه أو عدم وجوبه، فسيأتي البحث عنه في فصل قادم.
ومن الآثار حمل قول المسلم وفعله على الصحّة عند الشكّ في شيء من عباداته أو معاملاته، فيحكم بصحّة تطهيره وغسله وصلاته وبيعه وشرائه ونكاحه وغير ذلك من الأفعال الصادرة عنه.
ويدلّ عليها- مضافاً إلى
الإجماع - الكتاب والسنّة والسيرة
:
فمن الكتاب قوله تعالى: «اجتَنِبُوا كَثِيراً مِنَ الظَّنِّ».
ومن السنّة
ما عن
الحسين بن المختار عن
أبي عبد اللَّه عليه السلام قال: «قال
أمير المؤمنين عليه السلام : «ضع أمر
أخيك على أحسنه حتى يأتيك ما يغلبك منه، ولا تظنّن بكلمةٍ خرجت من أخيك سوءً وأنت تجد لها في الخير محملًا».
وأمّا السيرة فلدعوى قيامها على ترتيب آثار الصحّة على أعمال الناس وأقوالهم، مع عدم ردع
المعصوم عليه السلام الذي اتصلت السيرة بعصره.
والصحّة بهذا المعنى يمكن اعتبارها من آثار الإسلام إذا كانت مختصّة بالمسلمين كما يظهر ذلك من بعضهم،
دون ما إذا كانت شاملة للكافرين كما عليه آخرون؛ لأنّ
السيرة العقلائية - التي هي عمدة الأدلّة هنا- كانت جارية حتى قبل
ظهور الإسلام.
ولعلّه لذلك عبّر البعض بأصالة الصحّة في فعل الغير
بدلًا من
أصالة الصحّة في فعل
المسلم . وللتوسّع في ذلك راجع مصطلح (صحّة).
وهذا
الأثر مذكور في كلمات العلماء تحت عنوان:
•
قاعدة الجب،
الجبّ بمعنى قطع الشيء من
أصله ومحوه، وقاعدة الجب هي عبارة عن محو الآثار والتبعات المترتّبة على الأفعال والتروك التي ابتلي بها
الكافر حال كفره من قضاء أو كفّارة أو مجازاة أو
عذاب إلهي .
الموسوعة الفقهية، ج۱۳، ص۴۶-۶۰.