الأسير (انتهاء الأسر)
احفظ هذه المقالة بتنسيق PDF
لتصفح عناوين مشابه، انظر
الأسير (توضيح) .
ينتهي الأسر إمّا بالمنّ أو
الفداء أو
مبادلة الأسرى، فمن حقّ
الإمام أن يمنّ على
الأسير بإطلاق سراحه والعفو عنه، كما من حقّه أن يأخذ
الفدية في مقابل ذلك بعد أن تضع
الحرب أوزارها: «فَإِمَّا مَنَّاً بَعْدُ وَإِمَّا فِدَاءً».
وقد روي أنّ
النبي صلى الله عليه وآله وسلم فعل ذلك مع أسرى بدر، فأخذ عن كلّ أسير من الكفّار أربعمئة،
وقيل: أربعة آلاف،
وفيه نزل قوله تعالى: «مَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَن يَكُونَ لَهُ أَسْرَى حَتَّى يُثْخِنَ فِي الْأَرْضِ تُرِيدُونَ عَرَضَ الدُّنْيَا وَاللّهُ يُرِيدُ الآخِرَةَ وَاللّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ».
ولا فرق بين أن يكون الفداء سلاحاً أوغيره، بل يجوز الفداء حتى
بالأسلحة التي أخذوها من المسلمين.
والقضية تابعة لتحقيق مصالح
الدولة الإسلامية ، فقد يتوسّع الواقع التطبيقي للفدية من المال أو تبادل الأسرى، إلى حصول الدولة الإسلامية على مكاسب سياسية دولية أو اقتصادية أو ما شابه ذلك، أو
انسحاب الكفار من أراضي المسلمين، أو تسليمهم معلومات يحتاجها المسلمون في شؤونهم، كخرائط الألغام ونحو ذلك، فالأمثلة التي ذكرها الفقهاء قابلة للتوسعة جداً تبعاً لنظر
الحاكم الإسلامي .
هذا بالنسبة للأسرى الكفّار، وأمّا المسلمون فقد ذكر
العلّامة الحلّي في
المنتهى أنّه يجب تحرير الأسرى المسلمين مع المكنة؛ لقول
رسول اللَّه صلى الله عليه وآله وسلم:«أطعموا الجائع، وعودوا المريض، وفكّوا العاني»،
أي الأسير.
ولقوله صلى الله عليه وآله وسلم أيضاً: «إنّ على المسلمين في فيئهم أن يفادوا أسيرهم، ويؤدّوا عن غارمهم».
ولما روي عن
الحسين(في نسخة: «الحسن») بن علي عليهما السلام أنّه قال: «فكاك الأسير المسلم على أهل الأرض التي قاتل عليها».
ولو جُعل للمشرك فدية عن أسرى المسلمين لم يجب
الوفاء بها؛ لأنّه لا عوض للحرّ.
نعم، لو جعل جُعْلًا على رفع الأسر عنه ممّن يجوز له
الجعالة على ذلك على وجه يدخل في الجعالة الشرعيّة وجب الوفاء.
ولو اشترى المسلم أسيراً من العدوّ، فإن كان بإذنه وأمره رجع عليه بالثمن الذي اشتراه به إجماعاً؛ لأنّه أدّاه
بإذنه فصار نائباً عنه في
الشراء ،
ووكيلًا عنه في فكّ أسره أو كان بأمره فإنّه أيضاً موجب
للضمان كما هو محقّق في محلّه. وإن اشتراه بغير إذنه فلا يجب على الأسير دفع
الثمن إلى المشتري؛ لأنّه متبرّع فيما أدّاه.
ولو خلّى الكفّار سبيل الأسير المسلم واستحلفوه على أن يبعث إليهم بفدائه أو يعود إليهم، فإن كان مكرهاً لم يلزمه الوفاء لهم، لا برجوع ولا بفدية إجماعاً؛ لأنّه لم يكن مختاراً في ذلك.وكذا لو لم يكره لم يجب الوفاء لا بالمال؛ لأنّه حرّ لا يقابل بمال، ولا بنفسه فلا يرجع إليهم؛
للإجماع على عدم جواز الرجوع إليهم؛ لأنّه معصية، فلا يجب عليه
الالتزام بشرطهم.
هذا ما يتعلّق بدفع المال مقابل تحرير الأسرى المسلمين.
وأمّا مفاداة الأسرى بالأسرى المعبّر عنها بمبادلة الأسرى فهي من الامور المشروعة في
الإسلام ،
بل هي من الواجبات؛
لما روي عن
النبي صلى الله عليه وآله وسلم:أنّه فادى رجلين من المسلمين برجل من المشركين.
وتشملها إطلاقات فكّ الأسير والعاني، بعد كون المنّ على أسرى الكافرين من صلاحيات
الإمام ، كما تقدّم.ثمّ إنّهم ذكروا في مبادلة أسرى المسلمين مع أسرى البغاة أنّه لابدّ من
الاستيثاق والاطمئنان بالمبادلة، فإن أطلقوا اسارى أهل
العدل اطلق أسراهم،
وإن امتنعوا عن المفاداة وحبسوهم جاز لأهل العدل حبس من معهم.
ولا يبدو أنّ هذا من مختصّات تبادل الأسرى مع البغاة، وإن تعرّضوا له هناك، بل هو شأن كلّي يخضع له نظام تبادل الأسرى، حتى لا يؤخذ المسلمون بحيلة أو خديعة.
الموسعة الفقهية، ج۱۳، ص۱۶۱-۱۶۳.