الإخلال بالأذان والإقامة
احفظ هذه المقالة بتنسيق PDF
(ولو أخلّ
بالأذان والإقامة ساهيا) (وصلّى تداركهما) استحبابا (ما لم يركع واستقبل صلاته. ولو تعمد)
الإخلال بهما (لم) يجز أن (يرجع) على الأظهر الأشهر.
(ولو أخلّ
بالأذان والإقامة ساهيا) (وصلّى تداركهما) استحبابا (ما لم يركع واستقبل صلاته. ولو تعمد)
الإخلال بهما (لم) يجز أن (يرجع) على الأظهر الأشهر، بل لعله عليه عامة من تأخر، للصحيح : «إذا افتتحت الصلاة فنسيت أن تؤذّن وتقيم ثمَّ ذكرت قبل أن تركع فانصرف وأذّن وأقم واستفتح الصلاة، وإن كنت قد ركعت فأتمّ على صلاتك.
وفيه الدلالة على حكمي النسيان والعمد منطوقا في الأول، ومفهوما في الثاني، وبه صرح فخر المحققين.
ويعضد الثاني ـ زيادة عليه ـ عموم دليل
تحريم إبطال العمل، مع اختصاص ما دلّ على جوازه هنا بالصورة الاولى.
و
الأمر بالإعادة في الرواية في هذه الصورة محمول على الندب، بدلالة المعتبرة المستفيضة، ففي الصحيح : رجل نسي
الأذان والإقامة حتى دخل في الصلاة، قال : «ليس عليه شيء».
ونحوه آخر، بزيادة التعليل بقوله : «فإنما الأذان سنّة».
وفي الخبر : رجل ينسى الأذان والإقامة حتى يكبّر، قال : «يمضي على صلاته ولا يعيد».
ونحوه غيره.
خلافا للنهاية و
السرائر ، فقالا بالعكس : يرجع إذا لم يركع مع تعمّد الإخلال، ويمضي مع النسيان.
وللمبسوط، فأطلق الرجوع ما لم يركع.
وحجة القولين غير واضحة، مع مخالفتهما
الأصل المتقدّم في العمد، مضافا إلى مخالفتهما الصحيح المعتضد بفتوى الأكثر. نعم يمكن
الاستدلال ـ لما في النهاية لصورة النسيان ـ بالمستفيضة المتقدمة، الدالة على عدم
الإعادة فيها، وحيث لا إعادة حرم، للأصل المتقدم بتحريم
إبطال العمل. ولصورة العمد بالخبر : عن رجل نسي أن يؤذّن ويقيم حتى كبّر ودخل في الصلاة، قال : «إن كان دخل المسجد ومن نيّته أن يؤذّن ويقيم فليمض في صلاته ولا ينصرف».
فإن مفهومه عدم
الإمضاء في الصلاة إذا لم يكن من نيّته الأذان، وهو عام شامل لصورة العمد.
وفي الجميع نظر، لضعف هذا الخبر سندا، بل ويحتمل دلالة، فتدبّر. وعدم دلالة المستفيضة إلاّ على عدم لزوم الرجوع لا حرمته، واستفادتها من الأصل المتقدم حسن، إن لم تكن الصحيحة السابقة ـ الصريحة في الرخصة، لا أقلّ منها ـ موجودة، وأما معها فيجب تخصيص الأصل بها، سيّما مع اعتضادها بالشهرة، وبأخبار أخر محتملة الموافقة لها في الدلالة على الرخصة،
منها الصحيح : في الرجل ينسى الأذان والإقامة حتى يدخل في الصلاة، قال : «إن كان ذكر قبل أن يقرأ فليصلّ على النبي صلي الله عليه و آله وسلم وليقم، وإن كان قد قرأ فليتمّ صلاته».
والحسن : عن الرجل يستفتح الصلاة ثمَّ يذكر أنه لم يقم، قال : «فإن ذكر أنه لم يقم قبل أن يقرأ فليسلّم على
النبي صلي الله عليه و آله و سلم ثمَّ يقيم ويصلّي، وإن ذكر بعد ما قرأ بعض السورة فليتمّ على صلاته».
قال في الذكرى ـ بعد نقلهما ـ : أشار بالصلاة على النبي أوّلا وبالسلام في هذه الرواية إلى قطع الصلاة، فيمكن أن يكون السلام على النبي صلي الله عليه و آله وسلم قاطعا لها، ويكون المراد بالصلاة هناك السلام، وأن يراد الجمع بين الصلاة والسلام، فيجعل القطع بهذا من خصوصيات هذا الموضع، لأنه قد روي أن
التسليم على النبي صلي الله عليه و آله وسلم آخر الصلاة ليس بانصراف.
ويمكن أن يراد القطع بما ينافي الصلاة إما
استدبار أو كلام، ويكون التسليم على النبي مبيحا لذلك.
وظاهره ـ كما ترى ـ القطع بموافقة هاتين الروايتين الصحيحة في الدلالة على الرخصة، كما هو أيضا ظاهر جماعة،
وأجابوا عن منافاتهما لها ـ من حيث الدلالة على المضي وعدم الرجوع إن شرع في القراءة ـ بجواز أن يكون الوجه أن الرجوع قبل القراءة آكد منه بعدها. ولعل إذعانهم بدلالتهما على ما في الصحيحة ـ من جواز القطع ـ إنما هو للجمع بين الأدلّة، وإلاّ فلا دلالة لهما عليه ظاهرا، لقوة احتمال أن يكون المراد
الإتيان بالصلاة على النبي أو السلام ثمَّ الإقامة ثمَّ
إتمام الصلاة من دون قطع.
ولا
استبعاد فيه بعد ورود جملة من النصوص بمعناه، ففي الخبر : قلت
لأبي الحسن الرضا عليه السلام : جعلت فداك، كنت في صلاتي فذكرت في الركعة الثانية وأنا في القراءة أنى لم أقم، فكيف أصنع؟ قال : «اسكت موضع قراءتك وقل : قد قامت الصلاة قد قامت الصلاة، ثمَّ امض في قراءتك وصلاتك وقد تمّت صلاتك».
وقريب منه الرضوي.
وعلى هذا
الاحتمال تخرج الروايتان عن حيّز
الاعتضاد ، ويبقى الكلام في جواز العلم بهما على هذا لاحتمال وما شابههما.
واستشكله الشهيد ; في
الذكرى ، فقال : ويشكل بأنه كلام ليس من الصلاة ولا من الأذكار.
وأجيب عنه
باحتمال كون هذا مستثنى، ولا بعد فيه بعد ورود النص به، سيّما مع وجود النظائر المتفق عليها، كغسل دم الرعاف، وقتل الحية، و
إرضاع الصبي في الصلاة، مع خروجها عنها
اتفاقا ، فلا يبعد كون ما نحن فيه كذلك أيضا.
وهو حسن إن لم تشذّ الرواية الدالّة عليه، وإلاّ ـ كما هو الظاهر ـ فلا. سيّما مع قصور الصريح منها كالرضوي وسابقة سندا، والصحيح وما بعده دلالة، لقوة احتمال ظهورهما فيما فهمه منها القوم جدّا، نظرا إلى قوله عليه السلام: «فليتم على صلاته» فيما إذا شرع في
القراءة ، الظاهر في أنه لا يتم عليها قبل الشروع فيها، ولا يكون ذلك إلاّ بإبطالها ظاهرا.
هذا، مع قصور الجميع عن مقاومة مستند المشهور جدّا. وهنا رواية صحيحة ظاهرها جواز الرجوع إلى
الإقامة ما لم يفرغ من صلاته ولو بعد الركوع.
ولكنها مطلقة محتملة للتقييد بما قبلها، كما أجاب به عنها جمع، ومنهم الفاضل في المختلف، مدّعيا
الإجماع على عدم جواز الرجوع بعد الركوع،
مع أن ظاهر الشيخ في التهذيبين العمل بإطلاقها، حيث حملها على
الاستحباب .
ولعله لمجرد الجمع بين الأخبار من غير أن يقصد به الفتوى، ولكنها ظاهر بعض متأخّر متأخّري الأصحاب.
وهو شاذ.
وهنا أقوال أخر شاذّة لا جدوى في التعرض لنقلها ولا فائدة مهمة. ثمَّ إن ظاهر العبارة ونحوها ـ كالصحيحة الاولى
ـ
اختصاص جواز الرجوع بما إذا نسي الأذان والإقامة معا. والأصحّ جوازه للإقامة خاصة أيضا، وفاقا لجماعة،
للصحيح والحسن المتقدمين،
مضافا إلى الصحيح الأخير بالتقريب الذي قدمناه في الجمع. وعدمه للأذان وحده، لعدم الدليل عليه، لاختصاص النصوص جملة بنسيانهما معا أو الإقامة خاصة، والأصل حرمة إبطال العمل كما عرفته، مضافا إلى دعوى الإجماع عليه في
الإيضاح .
خلافاً لثاني المحققين في الأول فلا،
وثاني الشهيدين في الثاني، فنعم.
وما أبعد ما بينهما. ثمَّ إن الفاضلين في
الشرائع والتحرير اقتصرا على نسيان المنفرد،
ولعله
لاكتفاء الجامع بأذان غيره، مع بعد نسيان الجميع، أو للتنبيه بالأدنى على الأعلى، كما في الإيضاح.
رياض المسائل، ج۳، ص۶۰- ۶۶.