الانتساب (التخلف في النكاح)
احفظ هذه المقالة بتنسيق PDF
لتصفح عناوين مشابهة، انظر
الانتساب (توضيح) .
إذا وقع عقد
النكاح مع
الزوج المنتسب إلى
قبيلة أو شخص فبان خلافه، فللفقهاء أقوال ثلاثة: ۱-
إبطال النكاح، ۲-
خيار الفسخ، ۳-صحة
العقد .
كما ذهب إليه
جماعة .
ولكن
المراد من
البطلان عدم
اللزوم و
ثبوت الفسخ كما صرّح به بعض
الفقهاء .
واستدلّ عليه بخبر
الحلبي عن
أبي عبد اللَّه عليه السلام - في حديث- قال: وقال: في رجل يتزوّج المرأة فيقول لها: أنا من بني فلان، فلا يكون كذلك؟ فقال: «تفسخ
النكاح »، أو قال: «تردّ».
و
بالمرسل الذي نقله
ابن إدريس في
السرائر ، قال: «قد روي أنّ
الرجل إذا انتسب إلى قبيلة فخرج من غيرها، سواء كان
أرذل منها أو
أعلى منها، يكون للمرأة الخيار في فسخ النكاح».
الخيار في الفسخ للمرأة إذا كان ما ظهر من
الخلاف في الواقع هو أدنى ممّا ادّعاه من انتساب بحيث لا يلائم شرفها،
فيكون
عيباً تفسخ به؛ حملًا للمروي عن الحلبي على ذلك، وإلّا لم تكن هناك مزيّة أو
ظهور عيب بحيث يعدّ
تدليساً .
وقد يناقش بأنّ
الأمر لا يختصّ
بالشرف ، فقد لا تريد المرأة التزوّج بهذه
الاسرة أو تلك
العشيرة لأغراض ترجع إليها أو إلى اسرتها ولو
لخصومة قديمةٍ بين الاسرتين، لا لأنّ الاسرة الاخرى أدنى من اسرتها شرفاً و
مكانة ،
فإطلاق صحيحة الحلبي المتقدّمة يشمل ذلك أيضاً.
صحّة
العقد وعدم ثبوت الخيار للمرأة، ولا يحسب ذلك من
العيوب ، إلّاأن يشترط ذلك في متن العقد فيثبت الخيار؛
لعموم قوله سبحانه وتعالى: «أَوفُوا بِالعُقُودِ»،
وقول
رسول اللَّه صلى الله عليه وآله وسلم : «
المؤمنون عند شروطهم».
واستدلّ عليه بالعمومات الدالّة على أنّ النكاح لا يُردّ إلّامن العيوب المخصوصة المذكورة في أبواب الفسخ،
وهذا ليس أحدها.
وذهب إلى هذا القول
الشيخ الطوسي في
المبسوط ،
واختاره ابن إدريس، وذكر أنّ ما نسب إلى الشيخ الطوسي في
القول الأوّل إنّما هو من الروايات التي ذكرها
الشيخ في
النهاية ، ولا يلتزم بها،
على أساس أنّ كتاب النهاية ألّفه الشيخ الطوسي وفق
منهج الفقه الروائي مع حذف أسانيد
الأخبار .
وقد يناقش هذا القول بأنّ العمومات يمكن
تخصيصها بصحيح الحلبي، وليست بتلك الآبية عن التخصيص.
هذا، وقد رتّب بعض الفقهاء على هذه المسألة فروعاً:
منها: هل يسري هذا الحكم إلى
الطرف الآخر بحيث لو انتسبت المرأة إلى قبيلة ثمّ بان خلافه، كان للرجل الفسخ كذلك؟
أمّا على القول بعدم ثبوت الخيار لها من
الواضح أنّه لا خيار له كذلك؛ لعدم
الدليل بعد العمومات القاضية
بالإلزام، أمّا على القول بثبوته لها فقد ذهب جمع من الفقهاء إلى ذلك.
قال
الشهيد الأوّل : «الأصحّ
التعدّي ، وينزّل على الأقوال».
ومنها: هل حكم الانتساب إلى
صناعة وعمل معيّن كحكم الانتساب إلى قبيلة في ثبوت خيار الفسخ أم لا؟
قال الشهيد الأوّل: «لو انتسب أحدهما إلى صناعة كعلمٍ فهل يكون كذلك أم لا؟
قال
ابن الجنيد : نعم، وهو مفهومٌ من
الرواية ، ولا بأس
بتنزيله ».
وقال
الفاضل المقداد : «هل حكم الصناعة و
الأعمال لو شرطت كذلك؟
الأقرب أيضاً نعم؛ عملًا بالشرط».
ووافقهما
المحقّق الكركي، وربّما يستظهر من
المحقّق النجفي .
والرواية التي استند إليها في الحكم هي رواية
حمّاد بن عيسى عن
جعفر عن
أبيه عليهما السلام قال: «خطب رجل إلى قوم فقالوا له: ما
تجارتك ؟ قال: أبيع الدوابّ، فزوّجوه، فإذا هو يبيع السنانير،
السنانير : جمع سنّور، وهو الهرّ، والانثى: سنّورة.
فمضوا إلى
علي عليه السلام فأجاز نكاحه، وقال: السنانير دوابّ».
ويفهم من هذه الرواية أنّه لو لم تكن السنانير دواب لكان لها الفسخ.
ومنها: الانتساب إلى
بلد أو
مذهب إذا ظهر خلاف
الواقع ، حيث صرّح بعض الفقهاء بثبوت الخيار فيه.
قال الفاضل المقداد: «لو انتسب إلى بلد أو مذهب وقلنا بجواز نكاح
المسلم فخرج بخلاف ذلك،
الأقوى أيضاً ثبوت الخيار، خصوصاً في المذهب».
وساوى في الحكم أيضاً
الشهيد الثاني في
حاشيته على
المختصر النافع -
تعليقاً على كلام
المحقّق الحلّي في المسألة: (إذا انتسب إلى قبيلة وبانَ من غيرها ففي رواية الحلبي: «تفسخ النكاح»
قال: «ومثله لو انتسب إلى
فرقة ».
الموسوعة الفقهية، ج۱۷، ص۳۹۶-۳۹۹.