النكاح بملك المنفعة
احفظ هذه المقالة بتنسيق PDF
النوع الثاني من نوعي جواز النكاح بالملك: النكاح بـملك المنفعة بتحليل
الأمة دون
الهبة والعارية؛ وصيغته أن يقول: أحللت لك وطأها أو جعلتك في حل من وطئها ولم يتعدهما
الشيخ؛ واتسع آخرون بلفظ
الإباحة ومنع الجميع لفظ العارية؛ وهل هو إباحة أو عقد؟ قال علم الهدى: هو عقد
متعة؛ وفي تحليل أمته لمملوكه تردد، ومساواته بالاجنبى أشبه؛ ولو ملك بعض الامة فأحلته نفسها لم يصح؛ وفي تحليل الشريك تردد والوجه: المنع؛ ويستبيح ما يتناوله اللفظ؛ فلو أحل التقبيل اقتصر عليه، وكذا
اللمس؛لكن لو أحل الوطأ حل له ما دونه؛ ولو أحل الخدمة لم يتعرض للوطء؛ وكذا لا يستبيح بتحليل
الوطء؛ وولد المحللة حر؛ فإن شرط
الحرية في
العقد فلا سبيل على
الأب؛ وإن لم يشترط ففى إلزامه قيمة الولد روايتان، أشبههما: أنه لا تلزم؛ ولا بأس أن يطأ الامة وفي
البيت غيره، وأن ينام بين أمتين؛ ويكره في الحرائر؛ وكذا يكره وطء الفاجرة ومن ولدت من
الزنا.
النوع الثاني من نوعي جواز النكاح بالملك: النكاح بـملك المنفعة بتحليل
الأمة دون
الهبة والعارية، ولا ريب فيه؛ لإجماع الطائفة، والصحاح المستفيضة ونحوها من المعتبرة التي كادت تكون متواترة، بل صرّح بذلك جماعة
.
ففي
الصحيح: في الرجل يحلّ لأخيه فرج جاريته وهي تخرج في حوائجه قال: «لا بأس»
.
والقول بالمنع المحكيّ في
المبسوط شاذّ، ومستنده ضعيف؛ بناءً على أنّ مثله عقد أو تمليك، فليس من ارتكبه مرتكباً عدواناً. وعلى تقدير خروجه عنهما فآية «فَمَنِ ابْتَغى وَراءَ ذلِكَ فَأُولئِكَ هُمُ العادُونَ»
بما قدّمناه من الأدلّة مخصَّصة.
والصحيح: عن الرجل يحلّ فرج جاريته؟ قال: «لا أُحبّ ذلك»
ظاهرٌ في
الكراهة، وعلى تقدير الظهور أو الصراحة في
الحرمة محمولٌ على
التقيّة بالضرورة.
وبالجملة: ليست المسألة محلّ شبهة، ولكنّها مشروطة بشرائط: كون
التحليل من المالك، ولمن يجوز له
التزويج بها، وقد تقدّمت شرائطه، التي من جملتها: كونه مؤمناً في المؤمنة، ومسلماً في المسلمة، وكونها كتابيّة لو كانت كافرة، وغير ذلك من أحكام
النسب والمصاهرة وغيرهما.
ولا خلاف في اعتبار صيغته لعدم حلّ الفروج بمجرّد
التراضي إجماعاً، وتمسّكاً بالأصل، وفحوى ما دلّ على المنع من العارية
، مع إفصاحها عنه لفظاً، فالمنع مع عدمه أولى. وهي قسمان: وفاقيّة كما حكاه جماعة
وخلافيّة، فالأول أن يقول: أحللت وطأها، أو جعلتك في حِلّ من وطئها وذلك لتضمّنها النصوص
بالخصوص، فيخصَّص بها الأُصول قطعاً، ولا مخصِّص لها فيما عداه ولذا لم يتعدّهما
الشيخ وأتباعه
،
والمرتضى والعلاّمة في أحد قوليه
، وأكثر الأصحاب كما حكاه جماعة منهم
.
ولكن اتّسع آخرون بجوازه بلفظ الإباحة وهو الثاني، كما في
الشرائع وعن المبسوط
والسرائر، واختاره من المتأخّرين جماعة
؛ للتساوي مع الأول في المعنى، فيكون كالمرادف الذي يجوز إقامته مقام رديفه.
ورُدّ بمنع المرادفة أولاً. ثم بمنع الاكتفاء بالمرادف مطلقاً ثانياً؛ فإنّ كثيراً من أحكام
النكاح توقيفيّة، وفيه شائبة
العبادة، والاحتياط فيه مهم
.
وهو في محلّه بالنظر إلى كيفيّة الاستدلال، وليس لو غُيِّرت بما ذكره بعض الأفاضل ولنِعمَ ما ذكر: إنّ الوجه فيه عموم الأخبار؛ لتضمّنها التحليل، وهو أعمّ من أن يكون بلفظه أو مرادفه؛ إذ كلاهما تحليل
. ويعضده الخبر المعتبر، المجبور قصور سنده بجهالة راويه بوجود المجمع على تصحيح رواياته فيه، وفيه: قال: قال لي
أبو عبد الله (علیهالسّلام): «يا محمّد، خذ هذه
الجارية تخدمك وتصيب منها، فإذا خرجت فاردُدها إلينا»
.
ولقائل أن يقول: إنّ التحليل وإن كان مطلقاً إلاّ أنّ الخروج بمجرّده بالإضافة إلى بعض أفراده مع شهرة خلافه مشكل جدّاً، ومع ذلك ربما دلّ ما سيأتي من
النصّ في المنع عن التحليل بالعارية على إرادة المعنى الأخصّ منه هنا، حيث إنّه بعد المنع عنها قال: «لكن لا بأس أن يحلّ الرجل جاريته لأخيه»
فلولا أنّ المراد منه ما مرّ لكان العارية منه
بالمعنى الأعمّ، فهي قسم منه بهذا المعنى، وقد جُعِلت في
الخبر قسيماً له، فتدبّر.
وأمّا الخبر، فمع قصور سنده ضعيف الدلالة؛ لاحتمال إرادة الخدمة ونحوها ممّا ليس متعلّقاً للتحليل المعنيّ هنا من متعلّق الإصابة، دون حلّ
الوطء واللمس والقبلة والنظر بشهوة. وعلى تقدير تسليم الدلالة، فليس لسنده جابر بالمرّة بحيث يعارض الأُصول المعتضدة بالشهرة، والاعتبار في الجملة غير كافٍ في تخصيصها.
فالقول بالمنع أقوى، وعلى غيره قيل: كفى: أذنتُ، وسوّغتُ، وملّكتُ، ووهبتُ، ونحوها
.
ومنع الجميع فيه إيذان بالإجماع، وهو محكيّ صريحاً عن
الانتصار وفي كشف الحقّ ونهج الصدق
لفظ العارية.
للخبر المعتبر إذ ليس في سنده سوى
قاسم بن عروة، وقد حسّنه جماعة، وجهالته المشهورة مجبورة بالشهرة العظيمة ورواية
ابن أبي عمير عنه، وهو ممّن أجمعت على تصحيح ما يصحّ عنه العصابة: عن عارية الفرج، فقال: «حرام» ثم مكث قليلاً وقال: «لكن لا بأس بأن يحلّ الرجل جاريته لأخيه».
ولكن في معتبر آخر بالسبب الذي مرّ: عن عارية الفرج، فقال «لا بأس به»
. ولكن لا يقاوم ما قابلة بوجه وإن تساويا في
السند؛ لاعتضاد الأول بالأصل والإجماع المحكيّ بل القطعي والشهرة العظيمة، فمخالفة
الحلّي ضعيفة شاذّة.
وهل هو أي التحليل إباحة محضة وتمليك منفعة؟ كما عليه مشهور
الطائفة، أو
عقد متعة؟ كما قال به
علم الهدى قولان، أصحّهما: الأول؛ لانحصار
العقد في الدائم والمتعة، وكلاهما منتفيان. لتوقّف رفع الأول على
الطلاق في غير الفسخ بأُمور محصورة ليس هذا منها، ولزوم
المهر فيه بالدخول، وغير ذلك من لوازمه، وانتفاء اللازم يدلّ على انتفاء الملزوم، مضافاً إلى مسلّميّته عند الخصم.
وتوقّف الثاني و هو كونه عقد متعة على المهر والأجل المنتفيين هنا أيضاً بالأصل وتسليم الخصم على الظاهر. خلافاً للمحكيّ عن المبسوط في الثاني، فاعتبره
، ولا ريب في ضعفه.
ولأنّ عقد النكاح لازم، ولا شيء من التحليل كذلك. وإذا انتفى كونه عقداً ثبت الملك؛ لانحصار حلّ النكاح فيهما بمقتضى القولين، فيصرف «ما مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ» عمّا هو ظاهر فيه بالتبادر وهو
ملك الرقبة إلى ما يعمّه
وملك المنفعة؛ هرباً ممّا هو أشدّ محذوراً، أو يبقى على ظاهره، ويُخَصّ عموم «فَمَنِ ابْتَغى وَراءَ ذلِكَ» بما عدا التحليل، وهو شائع، بل وأظهر من الأول إن لم يكن مخالفاً للإجماع؛ بناءً على المختار من رجحانه على
المجاز حيث تعارضا، وبه صرّح بعض متأخّري الأصحاب
. فسقط حجّة المرتضى، وتعيّن المصير إلى ما عليه باقي أصحابنا.
وعلى القولين، لا بُدّ من القبول؛ لتوقّف الملك عليه، كذا قيل
، وظاهرهم الوفاق عليه، والنصوص خالية من اعتباره.
ومع ذلك، ذكر المفلح الصيمري عن
إطلاق الأكثر: عدم اعتباره، وحكى عن الحلّي ما يدلّ على تفرّع ذلك على كلام المرتضى. فالوجه العدم، ومراعاة
الاحتياط أولى.
وقيل: إنّ الفائدة بين القولين تظهر فيما لو أباح أمته لعبده، فإن قلنا: إنّه عقد أو تمليك وأنّ العبد يملك، حلّت، وإلاّ فلا. وفيه نظر؛ لأنّ الملك فيه ليس على حدّه الملك المحض، بحيث لا يكون العبد أهلاً له، بل المراد به الاستحقاق، كما يقال: يملك زيد إحضار مجلس الحكم، ونحوه، ومثله يستوي فيه الحرّ والعبد، فصحّة التحليل في حقّه على القول متّجهة إن جوّزناه في حقّه
.
وقيل
: مُظهرها اعتبار إذن الحرّة أو العمّة والخالة إذا كانتا عنده على قول المرتضى، ولا على غيره، وعدم جواز نظر السيّد إليها ولمسها وتقبيلها بشهوة وغير
شهوة على الأول، دون الثاني.
والأخير ينافي ما حكيناه عن بعض الأصحاب فيما مضى قريباً من اتّحاد الأمة المزوّجة والمحلّلة في حرمة الأُمور المزبورة على مولاهما.
وفي تحليل أمته لمملوكه أو مملوك غيره بإذنه تردّد ينشأ:
من
الصحيح: عن المملوك يحلّ له أن يطأ الأمة من غير تزويج إذا أحلّ له مولاه؟ قال: «لا تحلّ له»
.
ومن المعتبر كالصحيح بوجود ابن أبي عمير في سنده، فلا يقدح جهالة راويه: لمولاي في يدي مال، فسألته أن يحلّ لي ما أشتري من الجواري؟ فقال: إن كان يحلّ لي أن أُحلّ فهو لك
حلال، فسألت
أبا عبد الله (علیهالسّلام) عن ذلك، فقال: «إن أحلّ لك
جارية بعينها فهي لك حلال» الخبر
.
ويعضده الصحيح: عن قوله تعالى «وَالْمُحْصَناتُ مِنَ النِّساءِ إِلاّ ما مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ»
«هو أن يأمر الرجل عبده وتحته أمته، فيقول له: اعتزل امرأتك ولا تقربها، ثم يحبسها عنه حتى تحيض، ثم يمسكها، فإذا حاضت بعد مسّه إيّاها ردّها عليه بغير نكاح»
وظاهره كما ترى كونه عقداً كما ذهب إليه المرتضى
، فتأمّل.
والمعتبرة المستفيضة الدالّة على جواز تسرّي العبد الجواري بإذن مولاه، كالصحيح: «لا بأس أن يأذن الرجل لمملوكه أن يشتري من ماله إن كان له جارية أو جواري يطؤهنّ ورقيقه له حلال»
الحديث، وفي معناه غيره
.
ولا يخفى عليك قوّة هذه الأدلّة، وعدم معارضة الصحيح المتقدّم لها بالمرّة، مع ظهور حمله على
التقيّة؛ لاتّفاق
العامّة على المنع من التحليل مطلقاً، ويعضده كون
الراوي وزير الخليفة، والمرويّ عنه ممّن اشتدّت في زمانه التقيّة.
ولذا يكون مساواته أي العبد للأجنبي في جواز تحليل المولى أمته له أشبه وفاقاً للحلّي
وجماعة
. وخلافاً للشيخ
وآخرين
، وهو ضعيف جدّاً. وإن كان الاقتصار في تزويج المولى عبده أمته على نحو قوله: أنكحتك لفلانة، وإعطائها شيئاً من قبله، أولى وأحوط.
ولو ملك بعض الأمة التي هي في البعض الآخر حرّة فأحلّت نفسها له لم يصحّ؛ لعدم تبعّض البضع، وللصحيح وقد مضى.
وفي تحليل الشريك حصّته منها لشريكه تردّد مضى وجهه، وأنّ الوجه الجواز، خلافاً للمصنّف تبعاً للأكثر فاستوجه المنع وهو
أحوط.
وحيث كان الانتفاع بأمة الغير بدون إذنه محرّماً مطلقاً قطعاً، وجب
الاقتصار فيه على ما يتناوله اللفظ المتضمّن له عرفاً، فلا يستبيح إلاّ ما يتناوله اللفظ كذلك فلو أحلّ له بعض مقدّمات
الوطء كالتقبيل والنظر اقتصر عليه ولم يحلّ له الوطء ولا الآخر. وكذا لو أحلّ اللمس وجب الاقتصار عليه. وكذا لو أحلّه بعضها في عضو مخصوص اختصّ به. ولكن لو أحلّ له الوطء حلّ له ما دونه من المقدّمات؛ لشهادة الحال، ولعدم انفكاكه عنها غالباً ولا موقع له بدونها، ولأنّ تحليل الأقوى يدلّ على الأضعف بطريق أولى؛ بخلاف المساوي والعكس.
هذا، مضافاً إلى النصوص المعتبرة المستفيضة:
منها الصحيح: «ليس له إلاّ ما أحلّ له منها، ولو أحلّ له قبلة منها لم يحلّ له سوى ذلك»
.
والصحيح: في الرجل يقول لامرأته: أحلّي لي جاريتك فإنّي أكره أن تراني منكشفاً، فتحلّها له، فقال: لا يحلّ له منها إلاّ ذلك، وليس له أن يمسّها ولا أن يطأها» ثم قال: «لا تحلّ له إلاّ الذي قالت له»
.
والخبر: «إذا أحلّ الرجل من جاريته قبلة لم يحلّ له غيرها، وإن أحلّ له منها دون الفرج لم يحلّ له غيره، وإن أحلّ له الفرج حلّ له جميعها»
.
ولو أحلّ القبلة فهل يدخل فيه
اللمس بشهوة؟ نظر، من الأولويّة المتقدّمة في الجملة، ومن أن اللازم دخول لمس ما استلزمته القبلة لا مطلقاً، فلا يدخل إلاّ ما يتوقّف عليه خاصّة، وهو أحوط لو لم يكن
أقوى.
ولو أحلّ الخدمة منها لم يتعرّض للوطء ولا يستبيحه بذلك وكذا لا يستبيح الخدمة بتحليل المولى له الوطء بها خاصّة؛ لعدم التلازم بين الأمرين في المقامين.
وولد المحلّلة من العبد إن جوّزنا التحليل له رقّ إجماعاً، ومن الحرّ حرّ مع اشتراط الحرّية كذلك، ومع العدم رقّ مع اشتراط
الرقّية إن قلنا بصحّته، وإلاّ فهو كالإطلاق، وفيه الخلاف، والأصحّ الأشهر واختاره المرتضى والحلّي
أنّه كالأول؛ لعموم أكثر النصوص وظواهر الأُصول الماضية في ولد الأمة المزوّجة. مضافاً إلى خصوص المعتبرة المستفيضة هنا.
ففي الصحيحين: الرجل يحلّ لأخيه جاريته، قال: «لا بأس به» قال: قلت: فإنّها جاءت بولد، قال: «ليضمّ إليه ولده وتردّ الجارية إلى صاحبها» قلت: إنّه لم يأذن له في ذلك، قال: «إنّه قد أذن، وهو لا يأمن أن يكون ذلك»
.
والحسن بل الصحيح: الرجل يحلّ جاريته لأخيه، أو حرّة حلّلت جاريتها لأخيها، قال: «يحلّ له من ذلك ما أُحلّ له» قلت: فجاءت بولد؟ قال: «يلحق بالحرّ من أبويه»
.
والخبر: عن الرجل يقول لأخيه: جاريتي لك حلال، قال: «قد حلّت له» قلت: فإنّها ولدت، قال: «الولد له والأُمّ للمولى» الحديث
.
وهي مع استفاضتها واعتبار سند أكثرها، واعتضادها بالشهرة العظيمة والإطلاقات مع الأُصول المتقدّمة، وفتوى من لا يرى العمل إلاّ بالأخبار المتواترة أو المحفوفة بالقرائن القطعيّة، كالحلّي ونحوه واضحة الدلالة خلافاً
للفقيه والطوسي وجماعة
، فقالوا بالرقّية إلاّ مع الفكّ بالقيمة؛ للصحيح: الرجل يحلّ لأخيه فرج جاريته، قال: «هو له حلال» قلت: فإن جاءت بولد منه؟ قال: «هو لمولى الجارية، إلاّ أن يكون اشترط على مولى الجارية حين أحلّها إن جاءت بولد فهو حرّ»
.
ونحوه خبران آخران
قاصرا السند، هما كالصحيح ضعيفا التكافؤ، فلا يعترض بمثلها الأخبار المتقدّمة المعتضدة بالأُمور المزبورة، وكذا لا تؤول إليها بما في الفقيه وإن تبعه جماعة من حملها على الحرّية بعد أداء القيمة، وإن هو إلاّ تقييد لها من غير مقيّد صالح له، فيجب طرحه، أو تأويله إلى ما يؤول إليها، سيّما مع إباء التعليل في بعضها كالصحيح الأولين عن قبول هذا القيد.
فإن شرط
الأب في العقد الحرّية، فلا سبيل لمولى الجارية على الأب من جهة القيمة بإجماع الطائفة.
وإن لم يشترط ذلك ففي إلزامه قيمة الولد روايتان، أشبههما وأشهرهما: أنّها لا تلزم كما عرفت من المستفيضة الواردة في مقام الحاجة، الخالية عن ذكر القيمة بالمرّة، مع اشتمال الصحيحين منها على التعليل الذي هو كالصريح في عدم لزومها، وقد عرفت عدم مقاومة شيء ممّا عارضها لها بالمرّة، ولكن العمل به أحوط.
ومقتضى العبارة هنا ظاهراً وفي
الشرائع صريحاً عدم الخلاف في حرّية الولد هنا، وانحصاره في لزوم القيمة
. وليس كذلك؛ لاتّفاق القائلين بالحرّية بعدم لزوم القيمة، واختصاص القول به بالقائل بالرقّية.
ولا بأس بأن يطأ
الأمة وفي
البيت غيره للصحيح: في الرجل ينكح الجارية من جواريه وفي البيت من يرى ذلك ويسمع، قال: «لا بأس»
.
وربما قيل بالكراهة هنا في الجملة أو مطلقاً
. ولا بأس به؛ للمسامحة، وللخبر: «لا يجامع الرجل امرأته ولا جاريته وفي البيت صبي»
وهو وإن قصر بقصور السند عن المكافأة لما مرّ، إلاّ أنّه أوفق بالحياء، فليحمل ذلك على نفي الحرمة.
ولا بأس أيضاً أن ينام بين أمتين للخبر فعلاً: كان
أبو الحسن (علیهالسّلام) ينام بين جاريتين
.
ونحوه آخر قولاً: «لا بأس أن ينام الرجل بين أمتين والحرّتين»
.
ويكره كلّ من الأمرين في الحرائر أمّا الأول: فلما مضى وغيره.
وأمّا الثاني: فقد عُلِّل بتضمّنه الامتهان الغير اللائق بالحرائر
.
وهو كما ترى، مضافاً إلى ما مرّ من الخبر الظاهر في عدم البأس.
والعمدة في
الكراهة: فتوى
الأصحاب، مع المسامحة في أدلّة السنن، كما مرّ غير مرّة.
ويكره وطء الأمة الفاجرة الزانية؛ لما فيه من العار، وخوف اختلاط
الأنساب.
وفي الخبر: عن الخبيثة يتزوّجها الرجل؟ قال: «لا» وقال: «إن كان له أمة فإن شاء وطئها ولا يتّخذها أُمّ ولد»
.
ويكره وطء مَن ولدت من
الزناء للحسن: عن الرجل يكون له الخادم ولد زناء، عليه جناح أن يطأها؟ قال: «لا، وإن تنزّه عن ذلك فهو أحبّ»
.
ويأتي على مختار
الحلّي من كفرها الحرمة
، وقد حكيت عنه صريحاً
؛ والنصّ
حجّة عليه، كالصحيح: ولد الزناء ينكح؟ قال: «نعم، ولا يطلب ولدها»
.
رياض المسائل في تحقيق الأحكام بالدّلائل، الطباطبائي، السيد علي، ج۱۱، ص۴۳۰-۴۴۴.