انفساخ الإجارة
احفظ هذه المقالة بتنسيق PDF
ظاهر كلمات مشهور الفقهاء
تملّك المؤجر للُاجرة كاملة من حين العقد، وأنّ الاجرة ترجع إلى المستأجر من حين التلف قبل القبض أو بعده أو في أثناء المدة، كما هو الحال عندهم في تلف
المبيع قبل القبض، لا أن يكون
التلف كاشفاً عن
بطلان العقد وعدم ملكيتها منذ البدء؛ لظهور تعبيرهم بانفساخ
الإجارة في الصحة إلى حين التلف، ولعلّ ذلك مبني على أنّ للمنفعة المستقبلية وجود اعتباري إن كانت العين قابلة بطبعها لذلك، وكانت
الملكية متعلّقة بها من أوّل الأمر ولو لم تكن متحققة في العين في الاستقبال لتلف أو
إتلاف .
هذا، ولكن ذهب
السيد اليزدي وغيره
إلى أنّه مع التلف ينكشف عدم كون المؤجر مالكاً للمنفعة إلى حين إتمام المدة، فلا ينتقل ما يقابل المتخلّف من الأوّل إليه. وهناك فرق واضح بين تلف المبيع قبل
القبض وتلف العين هنا؛ لأنّ المبيع حين بيعه كان مالًا موجوداً وقد قوبل بالعوض، وأمّا المنفعة في المقام فانّها لم تكن موجودة حين العقد حتى في علم الله سبحانه إلّا بمقدار بقاء العين، ويترتّب عليه أنّه لو تصرف في الاجرة فإنّ تصرّفه يكون بالنسبة إلى ما يقابل المتخلّف
فضولياً ، وكذا فيما لو تضاعفت الاجرة في فترة ما بين العقد وتلف العين المستأجرة يكون
النماء للمستأجر.
والمراد بانفساخ الإجارة ما يعم انكشاف بطلانها، فإنّه عبّر عنه بالانفساخ مسامحة في كلمات الفقهاء كما نبّه عليه بعض الفقهاء،
وهذا يتحقق في عدّة موارد.
•
الانفساخ بالموت، المراد بانفساخ
الإجارة ما يعم انكشاف
بطلانها ، فإنّه عبّر عنه بالانفساخ مسامحة في كلمات الفقهاء كما نبّه عليه بعض الفقهاء،
وهذا يتحقق في عدّة موارد منها الانفساخ
بالموت يأتي فيما يلي.
العين المستأجرة إن كانت كلّية ودفع المؤجر فرداً فتلفت عند المستأجر فالإجارة باقية على حالها. غاية الأمر أنّه ينفسخ
الوفاء فيستحق المستأجر فرداً آخر.
أمّا إذا كانت العين المستأجرة معيّنة وتلفت بحيث لا يمكن اعادتها فالإجارة باطلة كلّاً إن كان
التلف قبل مضي مدّة لها اجرة لانكشاف عدم وجود المعوض وقد عبّر بعض الفقهاء عن ذلك بالانفساخ مسامحة.
أمّا لو انقضى بعض المدّة ثمّ تلفت يبطل العقد فيما بقي ويصحّ فيما مضى بلا خلاف في ذلك بين الفقهاء،
وذلك لانحلال العقد بلحاظ المعقود عليه،
نعم يثبت للمستأجر خيار التبعّض كما تقدم وستأتي الاشارة إليه أيضاً، وإن أمكنت
إعادة العين بحيث لا يفوت شيء من المنفعة في وقت
الانتفاع ففي ثبوت حق الفسخ للمستأجر أو عدمه قولان:
ثبوت حق الفسخ له بمجرد التلف، ولا يسقط هذا الحق بمثل تعمير الدار قبل فوات شيء من منافعها في وقت الانتفاع كما هو ظاهر جماعة من الفقهاء.
واستظهر من المختصر النافع في الرياض ثبوت الخيار ولو قبل فوات شيء معتدّ به من المنفعة.
واستدلّ عليه: بأنّ المناط في الانفساخ بالنسبة إلى التالف
والخيار بالنسبة إلى الباقي هو فوات منفعة التالف في جزء من الزمان لا فوات ما يقصد الانتفاع به، والذي يمكن تداركه بالمبادرة إلى تعميره هو الثاني دون الأوّل.
عدم ثبوت حق الفسخ للمستأجر لو أعاد المالك العين على الفور، وثبوته فيما لو تمادى المؤجر في
إعادته كما هو ظاهر الارشاد،
واختاره
السيد عميد الدين والأردبيلي
وغيرهما،
وقد يعبّر عنه بسقوط حق الخيار أيضاً.
واستدلّ عليه بأنّ الدليل على ثبوت الخيار ليس مجرد التلف، بل لا بد من الضرر أو تخلّف الشرط الضمني الارتكازي.
أما الأوّل فمنتفٍ؛ لأنّ المفروض عدم فوات شيء من المنفعة في وقت الانتفاع.
وكذلك الثاني؛ لأنّ الشرط ليس أكثر من الصحة والسلامة في مدة استحقاق الانتفاع، وهذا لم يتخلّف في فرض تلف العين المستأجرة في وقتٍ لا ينتفع بها عادة كالسرداب في فصل الشتاء، أو فيما إذا لم تكن مدة الانهدام طويلة لا يعتد بها عرفاً كما لو انهدم الدكان نهاراً فبناه ليلًا.
أمّا لو أمكنت الإعادة لكن بعد فوات مقدار من المنافع انفسخت الإجارة بالاضافة إلى زمان التعمير- بل تقدم أنّه من انكشاف البطلان لا الانفساخ وأنّ هذا التعبير مسامحة- فيسقط من الاجرة بمقداره،
ويثبت للمستأجر خيار الفسخ بالنسبة إلى الباقي؛
لدفع الضرر
والتبعيض
ولا يسقط هذا الخيار بالتعمير
من غير خلاف، بل قال به من ذهب إلى سقوط الخيار في الفرض الأوّل.
هذا، ولكن ذهب
الأردبيلي إلى لزوم تمام الاجرة إن لم يفسخ،
ولعلّه جعل تعذر استيفاء المنفعة في بعض مدة الإجارة عيباً لا يوجب إلّا الخيار.
اختلف الفقهاء في جواز إجبار المالك وإلزامه بالتعمير والبناء وعدمه، فذهب
سلّار والمحقق
وغيرهما
إلى وجوب بناء ما استهدم، وأنّ للمستأجر الزام المؤجر بالبناء، نظراً إلى استحقاق المستأجر المنفعة، فله الزام المالك بذلك توصّلًا إلى حقه.
بينما ذهب جماعة منهم
الشيخ والقاضي والعلّامة
إلى عدم وجوب ذلك على المكري، نظراً إلى أنّ الحكم بوجوب التعمير تكليف منفي بالأصل؛ لعدم الدليل عليه؛ إذ ليس على المؤجر إلّا تسليم ما آجره مع ما يتوقّف عليه الانتفاع، أمّا
التعمير بعد الخراب فلا يجب.
غاية الأمر أنّ المستأجر يتخيّر في فسخ الإجارة إذا كان يتضرر بذلك.
•
الانفساخ بتعذر الانتفاع بالعين، قد يتعذّر على
المستأجر الانتفاع بالعين المستأجرة في عدّة موارد.
•
الانفساخ بتعذر عمل الأجير، قد يتعذّر على
المستأجر الانتفاع بعمل الأجير في عدّة موارد.
الموسوعة الفقهية، ج۴، ص۳۸۷-۴۰۶.