طرق معرفة القبلة وأدلتها (الأدلة الظنية)
احفظ هذه المقالة بتنسيق PDF
وهي أيضاً متعدّدة:
منها: قبلة بلد
المسلمين ، والمراد بها جهة
صلاتهم ومحاريب
مساجدهم ووضع قبورهم
وذبحهم وغير ذلك من الأعمال التي يجب أو يستحب
مراعاة القبلة فيها،
كالدعاء وتوجيه
المحتضر ،
من دون فرق في ذلك بين البلد الصغير والكبير.
ولا يجوز
التعويل على
القبر والقبرين
والمحراب الموجود في طريق يندر مرور المسلمين عليها.
هذا، وقد اتّفق الفقهاء
على أنّ جواز التعويل على قبلة بلد المسلمين
مشروط بعدم العلم بخطئهم في بنائها،
فلو علم
أو غلب الظنّ بخطئهم لم يصحّ التعويل.
ويدلّ على التعويل على قبلة بلاد المسلمين- مضافاً إلى
الإجماع -
السيرة القطعيّة المستمرّة على ذلك في جميع الأعصار والأمصار، وهي من أقوى الأمارات على القبلة،
خصوصاً مع
تسامح الشريعة في أمرها.
وقد ذكر بعضهم عدم الفرق في ذلك بين المتمكّن من العلم بالقبلة وغيره،
بينما أكّد جماعة على عدم جواز العمل بالظنّ إلّا مع تعذّر تحصيل العلم بها.
ثمّ إنّه صرّح غير واحد من الفقهاء بعدم جواز التعويل على
الاجتهاد بعد معرفة القبلة عن هذا الطريق،
بل ادّعى بعضهم عدم العثور على مخالف في ذلك،
فلا عبرة بالظنّ الحاصل من الاجتهاد في مقابل فعل المسلمين؛
لامتناع خطأ أهل البلد خلفاً عن سلف عادة.
واورد عليه
بإمكان تصوّر خطئهم في ذلك، كأن يكون توجّههم إلى غير القبلة بسبب اجتهاد خاطئ استمرّوا عليه.
هذا، وهل يلحق بالأدلّة الظنّية قبلة أهل الكتاب باعتبارها كاشفة عن جهة من الجهات- كالمغرب أو المشرق مثلًا- فيجوز الرجوع إليها لتحصيل الظنّ بالقبلة، احتمله
العلّامة في بعض كتبه؛ مستدلّاً عليه بغلبة الظنّ
بانتفاء الكذب.
وقوّاه
الشهيد في
الدروس مقيّداً ذلك بتعذّر غيرها،
وصرّح به
كاشف الغطاء .
بينما تردّد فيه العلّامة نفسه في
المنتهى والتحرير ،
وكذا الشهيد في
الذكرى ، حيث قال: «وفي التعويل على قبلة
النصارى واليهود نظر، من أنّه ركون إليهم، ومن الظنّ الغالب باستقبالهم الجهة المعيّنة».
ومنها:
إخبار الغير؛ إذ لا كلام بين الفقهاء في صحّة التعويل على البيّنة مع تعذّر العلم وعدم مخالفتها للاجتهاد؛ لدخول ذلك في التحرّي الواجب حينئذٍ،
هذا فيما إذا كانت تخبر عن حدس، وأمّا إذا كانت تخبر عن حسّ وعلم يقيني فهي منزّلة منزلة العلم شرعاً،
فتكون مقدّمة على الاجتهاد.
وأمّا مع مخالفتها للاجتهاد فقد ذهب جماعة إلى تقديمها عليه.
وبقي بعضهم متردّداً محتاطاً بالجمع بين الصلاة مرّة على طبق البيّنة واخرى على طبق الاجتهاد؛
وذلك
للعلم الإجمالي بحجّية أحدهما حينئذٍ، مع عدم الدليل على
التخيير .
وأمّا غير البيّنة- كما لو كان المخبر واحداً- فقد صرّح جماعة بجواز
الاعتماد عليه، وإن اختلفوا في اشتراط
العدالة فيه.فذهب بعضهم إلى اشتراطها،
وهو المنسوب إلى الأكثر؛
لقوله تعالى: «إِن جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا»،
بناءً على حجّية مفهوم الشرط.
وذهب آخرون إلى عدم اشتراطها،
بل جوّز بعضهم التعويل حتى على خبر
الكافر ،
لا لكونه حجّة شرعيّة، بل لكونه موجباً للظنّ،
بل في كشف الغطاء لابدّ من تقديم قول الكافر إذا كان أقوى ظنّاً من العادل؛ لأنّ المدار على قوّة الظنّ.
ولعلّه لذلك صرّح
المحقّق النراقي بجواز
الاعتماد على قول جماعة الفسّاق، مع
الاستشكال في قبول قول الفاسق.
ثمّ إنّ الأكثر حيث نسبه إلى
الشيخ نجيب الدين،
ذهبوا إلى عدم الفرق بين كون المخبر رجلًا أو امرأة،
عبداً أو
حراً؛
لأنّه إخبار وليس
شهادة ،
ولأنّ المقصود حصول الظنّ للمكلّف،
وإن كان قد يظهر من العلّامة في
المختلف نفي صحّة
تقليد المرأة.
أمّا
الصبيّ فقد صرّح
الشيخ بجواز الاعتماد على إخباره،
وهو ظاهر عبارة
المعتبر وصريح المنتهى
لكنّه صرّح في موضع آخر منه بعدم قبول قول الصبي.
والجواهر لما تقدّم من أنّ المناط حصول الظن.
وإن منعه غير واحد من الفقهاء
كما يظهر من كلّ من اعتبر
التكليف شرطاً في المخبر.
هذا كلّه إذا كان الإخبار عن جهة واحدة.
أمّا إذا وجد مخبرين واختلف اجتهادهما فمع فرض
التساوي يرجع إلى أحدهما،
واحتمل الشهيد الرجوع إليهما معاً جمعاً بين التقليدين،
ومع التفاوت يرجع إلى الأفضل الأعدل،
أو إلى الأوثق عدالةً ومعرفة،
أو إلى الأعلم فالأعدل
على اختلاف الأقوال، ويمكن
إرجاع الأوّلين إلى قول واحد.
ولو اعتمد المصلّي على المفضول وترك الفاضل بطلت صلاته.
ومنها:
القواعد الجغرافية والقوانين الفلكيّة المعبّر عنها
بالقواعد الهيئويّة .
ومن الواضح أنّ آحاد المكلّفين ليس بإمكانهم تعلّمها واستعمالها، ولذا يصحّ لهم الرجوع إلى أهل الخبرة للتعرّف على القبلة من خلالها؛ لقوله تعالى: «فَسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِن كُنتُم لَاتَعْلَمُونَ».
إلّاأنّ هناك من رفض الرجوع إلى أهل الخبرة؛ مستدلّاً بأنّ الظاهر أنّ علومهم لابدّ أن تنتهي إلى قول بعض الحكماء الذين لا نعلم
إسلامهم فضلًا عن عدالتهم.
وقد استعمل العلماء هذه القواعد للكشف عن القبلة بالطرق التالية:
وهي إنّما تكون طريقاً إلى القبلة إذا كان
زوالها في
مكّة في اليوم الذي تكون فيه فوق رؤوس أهلها، فخطّ
استقبالها يكون هو خطّ القبلة، وهو يتوقّف على معرفة أمرين:
أحدهما: الوقت الذي تكون فيه
الشمس فوق رؤوس أهل مكّة.
ثانيهما: وقت زوال مكة.
أمّا طريق الأوّل أن تحسب درجات العرض للمكان الذي يكون فيه
الميل الشمالي فتوزع عليه درجاته التي هي تسعون، فإذا كان عرض المكان اثنتين وعشرين درجة وثلاثين دقيقة كان لكلّ درجة أربع درجات من
دائرة معدّل النهار التي فيها مدارات الشمس، ثمّ يعرف عرض مكّة، فإذا كان خمس عشرة درجة كانت الشمس مسامتة لرؤوس أهلها عندما تبعد من
نقطة الاعتدال إلى الميل الشمالي ستّين درجة، ويكون ذلك عندما تكون في نهاية
برج الثور صاعدة، ونهاية
برج السرطان هابطة.والمذكور في كلامهم أنّ الشمس تسامت رؤوس أهل مكّة عندما تكون في الدرجة الثامنة من
الجوزاء صاعدة، وفي الثالثة والعشرين من السرطان هابطة.
وأمّا طريق الثاني- وهو معرفة وقت زوال مكّة- فخلاصة الكلام فيه: هو أنّه لمّا كانت الشمس تدور كلّ يوم- الذي هو أربع وعشرون ساعة- ثلاثمئة وستّين درجة كان لكلّ ساعة خمس عشرة درجة، فإذا كان المكان أكثر من مكّة طولًا بخمس عشرة درجة كان زواله قبل زوال مكّة بساعة، وزوال مكّة بعد زواله بساعة، فقبلته على خطّ مواجهة قرص الشمس بعد ساعة من زواله، وإذا كان المكان أنقص من مكّة طولًا بخمس عشرة درجة كان زوال مكّة قبل زواله بساعة، فقبلته خطّ مواجهة قرص الشمس قبل ساعة من زواله، وإذا كان طول المكان أكثر من طول مكّة بعشر درجات فقبلته خطّ مواجهة قرص الشمس بعد زواله بأربعين دقيقة، وإذا كان أنقص من طول مكّة بعشر درجات فقبلته خطّ مواجهة قرص الشمس قبل زواله بأربعين دقيقة، وهكذا.حيث نقله عن
نصير الدين الطوسي.
وما ذكره الفقهاء في المقام مبنيّ على الرجوع إلى الطريقين المذكورين وغيرهما.
ثمّ إنّه صرّح بعض الفقهاء بإمكان معرفة القبلة أيضاً بمشرق الشمس ومغربها الاعتداليين
اللذين يتساوى فيهما وقت الليل والنهار، وذلك في أوّل
الربيع وأوّل
الخريف .
وطريقته أن يجعل المشرق على الجانب الأيسر، والمغرب على الجانب الأيمن إذا كان
البلد مساوياً لمكّة طولًا وزائداً عنها عرضاً، وإن نقص عرضاً يعكس فيجعل المشرق على الأيمن والمغرب على الأيسر.
ولعلّ وجه التقييد بالاعتداليين هو شدّة التفاوت في المشرق والمغرب باختلاف الفصول المقتضي لعدم كون العلامة مطلق المشرق والمغرب. ولو كان كلّ منهما من فصل القبلة لاستلزم ذلك تفاوتاً كبيراً ربّما يؤدّي إلى
الانحراف إلى المشرق أو ما يزيد عليه أحياناً.
لكن هناك من رفض هذا التقييد؛ لأنّ الخطّ الواصل بين المشرق والمغرب كلّ يوم، ومغربه يقاطع خطّ
الجنوب والشمال على القوائم، فلو جعل مغرب أي يوم كان على اليمين ومشرقه على اليسار في الأوّل وعكسه في الثاني واجه القبلة، حيث نقله عن والده.
وتبعه على ذلك
المحقّق الكاشاني ،
كما استجوده
الشيخ البهائي .
واورد عليه بأنّ هذا غير صحيح؛ لأنّ الفصل بين اليمين واليسار نصف الدور دائماً لا ينقص عنه البتّة، والفصل بين مشرق كلّ يوم غير يوم الاعتدال ومغربه أقلّ من النصف، فلا يمكن جعلهما على اليمين واليسار بل ينحرف اليسار عن مغرب الاعتدال على خلاف جهة انحراف مشرق كلّ يوم عن مشرق الاعتدال بقدر انحرافه.وليس هذا تقريبياً حتى يتسامح فيه، فالصواب فيما ذكروه هو التقييد بارتكاب تقريب وتخصيص وتجوّز. نعم، يمكن أن يعرف بكلّ واحد من المشرق والمغرب غير الاعتداليين منفرداً لا مجتمعاً قبلة بعض البلاد المنحرفة.
وبذلك يتضح وجه ما ذكره كثير من الفقهاء من جعل الشمس عند الزوال على الحاجب الأيمن بما يلي
الأنف علامة لأهل العراق.
وهو أيضاً من طرق معرفة القبلة، حيث ذكروا أنّ
أهل العراق يمكنهم معرفة القبلة بجعل
القمر بين العينين عند غروب الشمس في الليلة السابعة من كلّ شهر، وعند
انتصاف ليلة الرابع عشر، وعند
الفجر في اليوم الحادي والعشرين.
ويؤيّد
كونه من طرق معرفة القبلة موثّقة
سماعة ، قال: سألته عن الصلاة بالليل والنهار إذا لم يرَ الشمس ولا القمر ولا النجوم، قال: «اجتهد رأيك وتعمّد القبلة جهدك».
وهي جميعها صالحة للعلامة مهما كان موقعها، إلّاأنّ عدم معروفية أكثرها لدى الناس وعدم
انضباط بعضها صار سبباً
لاقتصار العلماء على بيان المعروف منها،
وذلك
كالجدي ، وهو نجم مضيء يدور مع الفرقدين المراد بهما نجمان في السماء لا يغربان ولكنّهما يطوفان بالجدي، وقيل: هما كوكبان في بنات النعش الصغرى.
حول
القطب الشمالي،
ولا خلاف في اعتباره علامة على القبلة؛
لكونه ساكناً حسّاً يصلح لذلك في جميع حالاته، وبه فسّر
النبي صلى الله عليه وآله وسلم قوله تعالى: «وَبِالنَّجمِ هُم يَهتَدُونَ»،
حيث قال: «هو الجدي؛ لأنّه نجم لا يزول، وعليه بناء القبلة، وبه يهتدي أهل
البرّ والبحر »».ومن الروايات الواردة فيه موثقة
محمّد ابن مسلم عن أحدهما عليهما السلام قال: سألته عن القبلة، فقال: «ضع الجدي في قفاك وصلِّ».
ومنها: مرسلة الفقيه عن رجل قال
للصادق عليه السلام: إنّي أكون في السفر ولا أهتدي إلى القبلة بالليل، فقال: «أتعرف الكوكب الذي يقال له الجدي؟» قلت:نعم، قال: «اجعله على يمينك، وإذا كنت في طريق
الحج فاجعله بين كتفيك».
وهذه الروايات وإن كانت مطلقة إلّاأنّ الفقهاء لمّا رأوا
امتناع إبقائها على إطلاقها- لاختلاف قبلة البلدان- قيّدوها بأهل العراق بقرينة رواتها.
لكن لمّا كانت مناطق العراق تختلف شمالًا وجنوباً ولكلّ منهما جهة للاستقبال اعتبر بعضهم هذا النوع من الروايات مجملة لا يصحّ الاعتماد عليها،
فلا يبقى إلّاالعمل بمقتضى القواعد الهيئويّة.
قال المحقّق النراقي: «التحقيق: أنّ العمل بإطلاقها ( الروايات) غير متصوّر قطعاً، ولا قرينة تامّة على خصوصيّات التقييد، إلّاملاحظة ما تقتضيه القواعد الهيئويّة، وهي بأنفسها في المقام حجّة كاملة، فالأولى الرجوع في ذلك إليها أيضاً».
وعلى أيّ حال، فقد ذكروا لمعرفة القبلة بالجدي أن يوضع بين الكتفين لما قبلته نقطة الجنوب وتحريفه شيئاً فشيئاً من أوائل
الكتف الأيمن إلى أواخره بزيادة الانحراف منه إلى المغرب حتى ينتهي إلى مقابل اليد اليمنى فيما قبلته المغرب، وتحريفه كذلك من أوائل الكتف الأيمن إلى أواخره بزيادة الانحراف منه إلى المشرق حتى ينتهي إلى مقابل اليد اليسرى فيما كانت قبلته نقطة المشرق، وجعله بين العينين لما قبلته نقطة الشمال وتحريفه إلى الخدّ الأيمن شيئاً فشيئاً بزيادة الانحراف الغربي حتى ينتهي إلى اليد اليمنى لما قبلته نقطة المغرب، وإلى الأيسر كذلك بزيادة الانحراف منه نحو المشرق حتى ينتهي إلى اليد اليسرى لما قبلته نقطة المشرق.
وعليه يوضع الجدي خلف
المنكب الأيمن لأواسط العراق
كالكوفة والنجف وبغداد ونحوها، وفي الاذن اليمنى
للبصرة وغيرها من البلاد الشرقية، وبين الكتفين
للموصل ونحوها من البلاد الغربيّة، وخلف الكتف الأيسر لأهالي
الشام ، وبين العينين لأهالي
عدن ، وعلى الاذن اليمنى لمن سكن
صنعاء ، وعلى صفحة الخد الأيسر
للحبشة والنوبة.
هذا بالنسبة إلى الجدي، وأمّا سائر الكواكب الاخرى-
كسهيل وبنات النعش وثريّا ونسر الطائر وعيّوق وشولة فهي وإن لم يكن لها في الروايات عن
المعصومين عليهم السلام عين ولا أثر إلّاأنّها مذكورة في الكتب الفقهيّة مع اختلاف كبير بينهم في طريقة
الاستفادة منها، فقالوا في
كوكب النسر - مثلًا- بأنّه يوضع عند طلوعه بين الكتفين علامة لأهل البصرة
والبحرين واليمامة ،
بينما جعل وضع المشرق على المنكب الأيمن علامة لهم أيضاً، وفي العلامتين مخالفة كثيرة.
وفي خصوص بنات النعش ذكر بعضهم أنّه يوضع على خلف أواسط الكتف عند
الطلوع علامة لأهل
الهند والسند ،
بينما اعتبر آخر وضعه على الخدّ الأيمن علامة لهم،
إلى غير ذلك من الاختلافات التي يستدعي
استقصاؤها كتاباً، ولأجل التخلّص من هذا التطويل حاول بعض الفقهاء
إعطاء ضابطة كلّية للاستفادة منها.
قال المحقّق النراقي: «التحقيق في كيفية معرفة القبلة من الكواكب المذكورة وغيرها: أن يعلم كوكب يساوي أو يقرب سعة مشرقه أو مغربه انحراف البلد، فيوضع مطلع كوكب سعته مساوية للبلد المطلوب جنوبية على مقابل اليد اليسرى أو مغرب ما سعته شماليّة مقابل اليمنى إن كان انحراف البلد جنوبياً غربيّاً ويوضع مغرب الأوّل على اليمنى أو مطلع الثاني على اليسرى إن كان انحرافه جنوبياً شرقياً، ويوضع مطلع ذي السعة الجنوبية على اليمنى أو مغرب ذي الشمالية على اليسرى إن كان الانحراف شماليّاً شرقيّاً، ومغرب الأوّل على اليسرى أو مطلع الثاني على اليمنى إن كان شماليّاً غربيّاً. وهذه قاعدة مطّردة جيّدة، ولكن لتفاوت سعة كلّ كوكب بتفاوت البلدان عرضاً يجب أن يكون علامة كلّ بلدة كوكب تساوي سعته فيها؛ لانحرافها ولو تقريباً».
وأهمّها
البوصلة المغناطيسيّة وهي:
عبارة عن مؤشّر مغناطيسي يحدد نقطة الجنوب والشمال فيتعرّف المكلّف في ضوئه على جهة الجنوب التي تقع
الكعبة ومكّة فيها في بعض البلدان، ولكي يكون التحديد أكثر ضبطاً
واتقاناً ادخل في الحساب درجة انحراف مكّة عن الجنوب، حيث إنّ مكّة لا تقع في نقطة الجنوب من
الناحية الجغرافية حقيقة وبالضبط، مع وجود فارق بين
الجنوب المغناطيسي الذي تشير إليه البوصلة والجنوب الجغرافي الذي على أساسه تحدد درجة انحراف هذا البلد أو ذاك عن الجنوب، وعلى هذا الأساس وضعت حديثاً بوصلة للقبلة فيها إبرة متحرّكة تعيّن الجنوب المغناطيسي، وفيها سهم أسود ثابت يعيّن القبلة للبلد الذي يريد المصلّي أن يصلّي فيه.
وهناك آلتان اخريان قديمتان تستعملان لمعرفة القبلة تسمّى إحداهما:
بالاسطرلاب ، والاخرى:
بالدائرة الهنديّة ، وأمّا كيفيتهما وطريقة الاستفادة منهما فمذكورة في كتب الفقه.
ذكر بعضهم أنّه قد يحصل العلم أو
الاطمئنان بالقبلة من
الخرائط الجغرافيّة الدقيقة المبيّنة لخطوط طول البلاد وعرضها حيث يعيّن من خلال خطوط الطول موضع مكّة ومقدار انحراف البلد عنها.
الموسوعة الفقهية، ج۱۲، ص۱۵۶-۱۷۵.