مندوبات الهدي
احفظ هذه المقالة بتنسيق PDF
ويستحب أن تكون سمينة تنظر في سواد وتمشي في سواد وتبرك في مثله أي لها ظلّ تمشي فيه وقيل : أن يكون هذه المواضع منها سوداً وأن يكون مما عرّف به إناثاً من
الإبل أو البقر وذكراناً من الضأن والمعز. وأن ينحر
الإبل قائمة مربوطة بين الخفّ والركبة و أن يطعنها في لبّتها من الجانب الأيمن وأن يتولاّه أي الذبح بنفسه، وإلا جعل يده مع يد الذابح والدعاء عند الهدي وقسمته أثلاثاً : يأكل ثلثه، ويُهدي ثلثه، ويعطي القانع والمعترّ ثلثه ويستحب الأكل من الهدي.
(ويستحب أن تكون سمينة). قيل : بالإجماع والأخبار و
الاعتبار .
وتكون بحيث (تنظر في سواد وتمشي في سواد وتبرك في مثله أي) في سواد، كما في الاقتصاد والسرائر والمصباح ومختصره و
الشرائع والكتاب والجامع
لكن فيه وصف فحل من الغنم بذلك، كما في الأربعة الأُول وصف
الكبش به، وفي الاقتصاد اشتراطه به.
وفي
المبسوط : ينبغي إن كان من الغنم أن يكون فحلاً أقرن ينظر في سواد ويمشي في سواد.
ونحوه النهاية لكن في
الأُضحية ويوافقه الصحيح : «كان
رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم يضحّي بكبش أقرن فحل ينظر في سواد ويمشي في سواد».
وزاد ابن حمزة ويرتع في سواد،
ويجوز فهمه من الصحيح : «إن رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم كان يضحّي بكبش أقرن عظيم فحل يأكل في سواد وينظر في سواد».
والصحيح : عن كبش إبراهيم عليه السلام ما كان لونه وأين نزل؟ قال «أملح» قال : «وكان أقرن، ونزل من السماء على
الجبل الأيمن من مسجد منى، وكان يمشي في سواد ويأكل في سواد وينظر ويبعر ويبول في سواد».
وأما
البروك ففي كلام جماعة أنهم لم يظفروا عليه بنصّ
وروى في المبسوط و
التذكرة والمنتهى : أنه صلي الله عليه وآله وسلم أمر بكبش أقرن يطأ في سواد وينظر في سواد ويبرك في سواد، فاتي به فضحّى به.
واختلف في معنى ما في هذه الأخبار، فقيل : معناه السمن حتى يكون (لها ظلّ) عظيم تأكل فيه و (تمشي فيه) وتنظر فيه،
وهو يستلزم البروك فيه (وقيل :) معناه (أن يكون هذه المواضع منها) وهي العين والقوائم و
البطن والمبعر (سوداً) والقائل به الحلّي في السرائر.
قيل : وقد يتأيد بالمرسل : «ضحّ بكبش أسود أقرن فحل، فإن لم تجد أسود فأقرن فحل يأكل في سواد ويشرب في سواد وينظر في سواد»
والمشي في
السواد بهذا المعنى يستلزم البروك في السواد فإنه على الأرجل والصدر والبطن، وقد يراد به سواد الأرجل فقط. وقيل : معناه رتع في مرتع كثير النبات شديد
الاخضرار به، وهذا قد يتضمن البروك فيه.
وعن الراوندي : أن التفاسير الثلاثة مروية عن
أهل البيت عليهم السلام .
(وأن يكون مما عرّف به) أي أُحضر عشية عرفة بعرفات، كما عن المهذّب والتذكرة والمنتهى،
وأُطلق
الإحضار في غيرها؛
للصحيح : «لا يضحّى إلاّ بما قد عرّف به»
ونحوه آخر أو الموثق.
وظاهرهما الوجوب، كما في ظاهر التهذيبين والغنية وعن النهاية والمبسوط و
الإصباح والمهذب.
ولكن الأشهر
الاستحباب ، بل في المنتهى وغيره عليه
الإجماع ،
وفي المنتهى بعد نقل الوجوب عن الشيخ : الظاهر أنه أراد به تأكيد الاستحباب. وهو الأظهر؛ للخبر المروي في التهذيبين ضعيفاً في الفقيه موثقاً، وفيه : عمّن اشترى
شاة لم يعرّف بها، قال : «لا بأس بها، عرّف بها أو لم يعرّف».
وبه يحمل النهي في الخبرين على الكراهة جمعاً.
وهو أولى من جمع الشيخ بحمل النهي على ما إذا لم يخبر البائع بأنه عرّف، والمرخِّص بما إذا أخبر بأنه عرّف؛ إذ ليس فيما استدل به لهذا الخبر وهو الصحيح : إنا نشتري
الغنم بمنى ولسنا ندري عرّف بها أم لا، فقال : «إنهم لا يكذّبون لا عليك ضحّ بها»
دلالة عليه كما لا يخفى، فالأوّل أولى سيّما مع
اعتضاده بالأصل والشهرة العظيمة والإجماعات المنقولة. وأن يكون (إناثاً من
الإبل أو البقر) كما في الصحاح المستفيضة
و (ذكراناً من الضأن والمعز) كما في الصحيح، وفيه : «تجزي الذكورة من البدن».
وفي آخر «
الإناث والذكور من الإبل والبقر تجزئ».
وفي المنتهى : لا نعلم خلافاً في جواز العكس في البابين إلاّ ما روي عن ابن عمر انه قال : ما رأيت أحداً فاعلاً ذلك وإن نحر أُنثى أحبّ إليّ، وهذا يدل على موافقتنا، لانه لم يصرّح بالمنع عن الذكران.
قيل : ونحو التذكرة.
وفي النهاية : لا يجوز
التضحية بثور ولا جمل بمنى ولا بأس بهما في البلاد، مع قوله قُبَيله : وأفضل الهدي والأضاحي من البدن والبقر ذوات
الأرحام ومن الغنم الفحولة.
فهو قرينة على
إرادة التأكيد. وفي الاقتصاد : إن من شرطه إن كان من البدن أو البقر أن يكون أنثى، وإن كان من الغنم أن يكون فحلاً من الضأن، فإن لم يجد من الضأن جاز التيْس من المعز.
وفي المهذّب : إن كان من الإبل فيجب أن يكون ثنياً من الإناث، وإن كان من البقر فيكون ثنياً من الإناث.
ولعلّهما أكّدا الاستحباب.
•
نحر الإبل، أن ينحر
الإبل قائمة مربوطة بين الخفّ والركبة و أن يطعنها في لبّتها من الجانب الأيمن وأن يتولاّه أي الذبح بنفسه.
(وإلاّ) أي وإن لم يتولّ بنفسه (جعل يده مع يد الذابح) للصحيح : «كان
علي بن الحسين عليهما السلام يضع السكّين في يد الصبي ثم يقبض على يده الرجل فيذبح».
وإن لم يفعل ذلك كفاه الحضور عند الذبح، كما عن
الوسيلة والجامع؛
لما في المحاسن عن
النبي صلي الله عليه وآله وسلم في خبر بشير بن زيد
لفاطمة سلام الله عليها : «اشهدي ذبح ذبيحتك، فإنّ أول قطرة منها يغفر الله تعالى بها كل ذنب عليك وكل خطيئة عليك» قال : «وهذا للمسلمين عامة».
•
الدعاء عند الهدي،
الدعاء عند الذبح بالمأثور في الخبر سمعته يقول : «بسم الله وبالله والله أكبر، اللهم هذا منك ولك اللهم تقبله مني. ثم يطعن في لبّتها».
(وقسمته أثلاثاً : يأكل ثلثه، ويُهدي ثلثه، ويعطي القانع والمعترّ ثلثه). قيل : على وفق ظاهر الأكثر وصريح كثير. أما عدم الوجوب فللأصل، وأما الفضل فللنصوص من الكتاب
والسنة
وأما هذا التثليث فعليه الأكثر، وقد يؤيده الموثق : سقت في العمرة
بدنة فأين أنحرها؟ قال : «بمكة» قال : أيّ شيء أُعطي منها؟ قال : «كل ثلثاً وأهدِ ثلثاً وتصدّق بثلث».
وفي القريب من الصحيح عن لحوم الأضاحي _فقال : _ «كان علي بن الحسين و
أبو جعفر عليهما السلام يتصدّقان بثلث على جيرانهم وثلث على السؤال وثلث يمسكانه لأهل البيت».
ويجوز أن يكون التصدّق على الجيران هو
الإهداء الذي في الموثق، فالأولى اعتبار
استحقاق من يُهدي إليه أقول : ولكن حكي عن الأصحاب عدمه. وفي الصحيح الوارد فيمن ساق هدياً : «أطعم أهلك ثلثا، وأطعم القانع والمعترّ ثلثاً، وأطعم المساكين ثلثاً» قلت له : المساكين هم السؤال؟ قال : «نعم» وقال : «القانع الذي يقنع بما أرسلت إليه من البضعة فما فوقها، والمعترّ ينبغي له أكثر من ذلك، هو أغنى من
القانع يعتريك فلا يسألك
». فإن كان
إطعام القانع والمعترّ هو الإهداء وافق الأول، وأشعر أيضاً باستحقاق من يُهدى إليه، ودلّ مجموع الآيتين،
على التثليث المشهور، ولكن في
التبيان : عندنا يطعم ثلثه، ويعطي ثلثه القانع والمعترّ، ويهدي الثلث ونحوه المجمع عنهم :.
أقول : وظاهرهما الإجماع والنص على ذلك، وهما كافيان في إثباته، وعزاه في السرائر إلى رواية الأصحاب لكن في
الأُضحية خاصة، وقال في هدي المتمتع والقارن : فالواجب أن يأكل منه ولو قليلاً ويتصدق على القانع والمعتر ولو قليلاً؛ لقوله تعالى (فَكُلُوا مِنْها وَأَطْعِمُوا الْقانِعَ وَالْمُعْتَرَّ) و
الأمر عندنا يقتضي الوجوب.
انتهى. ولم يذكر الإهداء
اقتصاراً على منطوق الآيتين لإغفالهما إياه و
اتحاد مضمونهما إلاّ في المتصدّق عليه. قيل : علّته أن التأسيس أولى من التأكيد، خصوصاً وقد تأيّد هنا بالخبر الصحيح.
وفيه نظر؛ فإن الصحيح تضمّن الأمر بإطعام
الأهل ثلثاً ولم يقولوا به مطلقاً، مع أنه ليس فيه التصريح بالإهداء وإنما احتمل كون إطعام القانع والمعترّ فيه كناية عن الإهداء.
ويمكن الجواب عن الأول : بالمنع من عدم قول الأصحاب برجحان إطعام الأهل الثلث، وذلك فإنه وإن لم يصرّحوا باستحبابه بالخصوص، لكن صرّحوا باستحباب
أكل الثلث، وهو وإن كان ظاهراً في أكل الذابح نفسه إلاّ انَّ المراد لعلّه مع أهله وإلاّ فيتعسّر أو يتعذر غالباً أكله الثلث وحده، إلاّ في مدة مديدة لا يمكن أكله الثلث فيها إلاّ بإخراجه من منى، وقد منعوا عنه كما مضى، فلا يجامع حكمهم ذلك حكمهم باستحباب أكله بنفسه الثلث هنا. ومن هنا يظهر ان أكل الثلث بنفسه ليس واجب قطعاً، بل ولا خلاف فيه أيضاً، وإنما اختلفوا في وجوبه في الجملة ولو قليلاً، فالشيخ وجماعة على الاستحباب،
وعزاه في
الدروس إلى الأصحاب.
ولعلّه الأقوى؛ للأصل السليم عمّا يصلح للمعارضة، عدا ما ستعرفه مع الجواب عنه.
•
الأكل من الهدي، قيل : يجب الأكل من الهدي ويضعّف : بمنع
إفادة الأمر الوجوب هنا، وليس الأكل من
الأُضحية ولا من هدي القران واجباً اتفاقا، بل هدي
التطوع يستحب الأكل منه بلا خلاف؛ لقوله تعالى : (فَكُلُوا مِنْها) الآية، وأقل مراتب الأمر
الاستحباب وبالجملة : الذي يقتضيه النظر وتتبع الأخبار والفتاوي رجحان القول بالاستحباب وإن كان الأحوط القول
بالإيجاب .
رياض المسائل، ج۶، ص۴۲۱- ۴۳۲.