موت النائب بعد الإحرام
احفظ هذه المقالة بتنسيق PDF
لو مات النائب بعد
الإحرام ودخول الحرم أجزأ حجّة ممن حجّ عنه.
(ولو مات النائب بعد
الإحرام ودخول الحرم أجزأ) حجّة ممن حجّ عنه، بلا خلاف أجده على الظاهر، المصرّح به في عبائر،
بل في المسالك وعن
المنتهى الإجماع عليه.
قيل : لثبوته في المنوب عنه بالإجماع والصحيحين، فكذا في النائب؛ لأنّ فعله فعله.
وللموثق : عن الرجل يموت فيوصي بحجّه، فيعطى رجل دراهم ليحجّ بها عنه فيموت قبل أنّ يحجّ، قال : «إن مات في الطريق أو بمكة قبل أن يقضي مناسكه فإنه يجزي عن الأول».
وفيهما نظر : أما الأول فواضح. وأما الثاني فلمخالفة إطلاقه الإجماع؛ إذ ليس فيه تقييد الموت بكونه بعد
الإحرام ودخول الحرم. ونحوه في ذلك أخبار أُخر ضعيفة السند، فلا اعتبار بها لولا الإجماع المقيّد لها بذلك، لمخالفتها الأُصول المقتضية لوجوب
الإتيان بجميع ما في العبادة من الشرائط والأركان، لكن ترك العمل بالمجمع عليه، وبقي الباقي، ولذا اشترط الأكثر دخول الحرم. خلافاً للخلاف و
السرائر ،
فاكتفيا بالموت بعد الإحرام مطلقاً حتى في الحاجّ لنفسه. ومستندهما غير واضح، عدا
إطلاق الموثق السابق. وفيه مضافاً إلى ما مرّ أنّه معارض بظاهر الصحيحين :
أحدهما : في رجل خرج حاجّاً
حجّة الإسلام فمات في الطريق، فقال «إن مات في الحرم فقد أجزأت عنه حجة
الإسلام ، وإن كان مات دون الحرم فليقض عنه وليّه حجّة الإسلام».
ونحوه الثاني : «إن كان صرورة ثم مات في الحرم أجزأ عنه حجّة الإسلام، وإن كان مات وهو صرورة قبل أن يحرم جعل حمله وزاده ونفقته وما معه في حجة الإسلام» الخبر.
لكن ذيله ربما أفهم القول الثاني، لكنه معارض بمفهوم الصدر المعاضد بالصحيح السابق الظاهر في الأول صدراً وذيلاً. ونحوه المرسلة المروية في المختلف عن المفيد في
المقنعة ،
وفيه : وهذا الشيخ _ ثقة _ يقبل مراسيله كما يقبل مسنده.
هذا مع
احتمال الأجرام فيه وفي كلام الخلاف كما قيل دخول الحرم، فقد جاء بمعناه،
كالإتهام و
الاتجار . وربما يعضده السياق وما في الخلاف من أن الحكم منصوص للأصحاب لا يختلفون فيه. فلولا أن المراد من الإحرام في كلامه ما ذكرناه لتوجّه النظر إلى ما ذكره من نفي الخلاف، كيف لا والخلاف مشهور لو أُريد منه غيره. وكيف كان، فالمذهب ما عليه الأصحاب في المقامين.
ومقتضى
الإجزاء أنه لا يستفاد من تركته من
الأجرة شيء، وعن
الغنية أنه لا خلاف فيه،
وعن الخلاف إجماع أصحابنا على أنه منصوص لا يختلفون فيه.
وعن
المعتبر أنه المشهور بينهم.
فإن ثبت عليه نصّ أو إجماع، وإلاّ توجه
استعادة ما بإزاء الباقي من الأُجرة إن استوجر على الأفعال المخصوصة، دون المبرئ للذمة.
واحترز بالشرطية عما لو مات قبل ذلك ولو كان قد أحرم فإنه لا يجزي. ولو قبض الأُجرة استعيد منها بنسبة ما بقي من العمل المستأجر عليه. فإن كان
الاستيجار على فعل الحج خاصة أو مطلقاً وكان موته بعد الإحرام استحقّ بنسبته إلى بقية أفعاله. وإن كان عليه وعلى الذهاب استحق اجرة الذهاب والإحرام واستعيد الباقي. وإن كان عليهما وعلى العود فبنسبته الى الجميع. وإن كان موته قبل الإحرام ففي الأولين لا يستحق شيئاً، وفي الأخيرين بنسبة ما قطع من المسافة إلى ما بقي منه من المستأجر عليه.
هذا ما يقتضيه الأُصول، وبه صرّح جماعة قاطعين به، وفاقاً للمحكي عن السرائر والإصباح و
المبسوط .
خلافاً للفاضلين في
الشرائع والقواعد وغيرهما
فقالوا بأنه يستحقّ مع
الإطلاق بنسبة ما فعل من الذهاب إلى المجموع منه ومن أفعال الحج والعود، كما عن
النهاية والكافي والمهذّب والغنية والمقنعة
من غير ذكر العود. وهو في غاية الضعف؛ لأن مفهوم الحج لا يتناول غير المجموع المركب من أفعاله الخاصة، دون الذهاب إليه وإن جعلناه مقدمة للواجب، والعود الذي لا مدخل له في الحقيقة ولا ما يتوقف عليه بوجه.
هذا، ويمكن تنزيل إطلاقهم على ما إذا شهدت قرائن العرف والعادة بدخول قطع المسافة في
الإجارة وإن لم يذكر في صيغتها، فيكون اللفظ متناولاً له
بالالتزام ، كما هو المتعارف في هذا العصر، بل جميع الأعصار، ولهذا يعطى الأجير من الأُجرة الكثيرة ما لا يعطى مَن يحجّ مِن الميقات.
رياض المسائل، ج۶، ص۷۴- ۷۸.