نفقة الأقارب
احفظ هذه المقالة بتنسيق PDF
النفقة على الابوين والأولاد لازمة؛ وفيمن علا من الآباء والأمهات تردد، أشبهه اللزوم؛ ولا تجب على غيرهم من الأقارب بل تستحب وتتأكد في
الوارث؛ ويشترط في
الوجوب الفقر والعجز عن الاكتساب؛ ولا تقدير للنفقة بل يجب بذل الكفاية من الطعام والكسوة والمسكن؛ ونفقة الولد على
الأب، ومع عدمه أو فقره أب الأب وإن علا مرتبا، ومع عدمهم تجب على
الأم وآبائها الأقرب فالأقرب؛ ولا تقضى نفقة الأقارب لو فاتت.
فالنفقة على الأبوين والأولاد لازمة بالشروط الآتية بإجماع الأُمّة، حكاه جماعة
، والنصوص بها مستفيضة، بل كادت تكون
متواترة.
ففي
الصحيح: مَن الذي أُجبر على نفقته؟ قال: «الوالدان والولد والزوجة والوارث الفقير»
وليس في باقي
النصوص مع صحّة كثير منها واعتبار باقيها ذكر الأخير، ويأتي الكلام فيه.
وفي دخول مَن علا من الآباء والأُمّهات في الآباء تردّد من
الأصل والشكّ في صدق
الإطلاق عليه، ومن الإطلاق عليه كثيراً وإطباق
الفقهاء عليه هنا ظاهراً، فإنّه لم يناقش فيه أحد سوى الماتن هنا وفي
الشرائع مع تصريحه بمختارهم أخيراً ونحوه غيره ممّن شاركه في تردّده
.
هذا، مع إشعار بعض العبارات بالإجماع عليه ظاهراً
، وكفى هو حجّة؛ ولذا قال: أشبهه اللزوم.
هذا، وفي الخبر: في
الزكاة: «يُعطى منها
الأخ والأخت والعمّ والعمّة والخال والخالة، ولا يعطى
الجدّ والجدّة»
وقد استفاض النصوص وانعقد
الإجماع على حرمتها على واجبي النفقة، فالمنع عن إعطاء الجدّ والجدّة ليس إلاّ لكونهما من واجبي النفقة، ففي الصحيح: «خمسة لا يُعطَون من الزكاة شيئاً: الأب والأُمّ والولد والمملوك والمرأة؛ وذلك أنّهم عياله لازمون له»
.
وسند الخبر وإن قصر إلاّ أنّه بالشهرة من جميع الوجوه منجبر.
فالقول بمقالة
الأصحاب أقوى وأظهر.
ويستفاد منه بمعونة ما ذكر، مضافاً إلى الأصل وظواهر النصوص السابقة الواردة في بيان واجبي النفقة، الظاهرة لذلك في الحصر في المذكورين فيها أنّه لا يجب
النفقة على غيرهم من الأقارب مضافاً إلى الإجماع عليه في الظاهر، واستفاضة النصوص بجواز إعطاء الزكاة للأقارب
، المنافي لوجوب
الإنفاق عليهم كما مرّ.
بل يستحبّ بلا خلاف؛
لصلة الرحم.
ويتأكّد في
الوارث لأنّه أقرب، ولقوله سبحانه «وَعَلَى الْوارِثِ مِثْلُ ذلِكَ»
والنبويّ: «لا
صدقة وذو رحم محتاج»
وللصحيح المتقدّم، وظاهره الوجوب كالمرتضوي: «اتي بيتيم، فقال: خذوا بنفقته أقرب الناس منه في العشيرة كما يأكل ميراثه»
.
وعن الشيخ في
الخلاف احتماله للآية والخبر الأول
، لكنّه قوّى المشهور وقال: إنّه الذي يقتضيه مذهبنا
. وظاهره الإجماع عليه، وحكي صريحاً عنه في
المبسوط؛ وهو
الحجّة فيه، مضافاً إلى ما مرّ من الأصل والنصوص الحاصرة لواجبي النفقة في أُولئك الخمسة المذكورين في الصحيحة المتقدّمة، أو الثلاثة المنضمّ إليها باقي الخمسة لغيرها من الأدلّة، وليس شيء ممّا ذكر بمكافئ لها البتّة.
فاحتمال
الوجوب فاسد بالبديهة وإن صار إليه بعض متأخّري الطائفة
؛ جموداً على ظاهر الصحيحة، وليت شعري كيف ألغى القواعد الممهّدة والأُصول المقرّرة من لزوم مراعاة التكافؤ بين الأدلّة، وأنّه لا ينفع مع عدمه صحّة
السند ولا وضوح الدلالة؟! مع أنّها باعترافه شاذّة لا قائل بها بالمرّة، وقد ورد النصوص المعتبرة بطرح مثلها، وتلقّاها بالقبول هو وسائر علماء
الطائفة، وهي ليست من الشواذّ الخلافيّة، بل من الشواذّ الوفاقيّة، حيث أطبق الأصحاب بالفتوى على خلافها من دون تزلزل ولا ريبة.
ويشترط في الوجوب أي وجوب الإنفاق على القرابة دون الإنفاق على الزوجة
الفقر في المنفق عليه وعدم شيء يتقوّت به، أو عدم وفاء ماله بقوته، واشتراطه كاشتراط اليسار في المنفق موضع وفاق، كما يظهر من كلام الجماعة، وبه صرّح بعض الأجلّة
؛ وهو الحجّة فيه بعد الأصل السالم عمّا يصلح للمعارضة؛ لعدم انصراف إطلاق أدلّة الوجوب إلى الصورتين بالضرورة.
قالوا: والمراد باليسار: هو أن يفضل عن قوته وقوت زوجته وخادمها ليوم وليلة شيء. وفي حكم القوت ما يحتاج إليه من الكسوة في ذلك الفضل، وغيرها.
ولو فضل عن قوته أو قوت زوجته شيء، ففي وجوب الإنفاق، أو جواز
التزويج المانع عنه، وجهان، بل قولان، والأشهر: الثاني، ولا ريب فيه إن اضطرّ إليه.
وفي اشتراط العجز عن الاكتساب في المنفق عليه قولان، أشهرهما: ذلك؛ لأنّه معونة على سدّ الخَلّة، والمكتسب قادر، فهو كالغني، ولذا يمنع من
الزكاة والكفّارة المشروطة بالفقر، وحصول الحاجة بالفعل لا يوجب الاستحقاق. نعم، يعتبر لياقة الكسب بحاله.
ولا يشترط نقصان الخلقة بنحو الزمانة، ولا الحكم بنحو الصغر
والجنون، على الأشهر الأقوى، بل عن الخلاف: أنّه ادّعى في الظاهر عليه إجماعنا
؛ وهو الحجة فيه بعد إطلاق النصوص. وخلاف
المبسوط باعتبارهما
شاذّ.
ولو بلغ الصغير حدّا يمكن أن يتعلّم حرفة أو يحمل على الاكتساب، قيل: للولي حمله عليه والإنفاق عليه من كسبه، لكن لو هرب وترك الاكتساب في بعض الأيّام فعلى
الأب الإنفاق عليه، بخلاف المكلّف
.
ولا يشترط عدالته ولا إسلامه، بل يجب وإن كان فاسقاً؛ للعموم.
قيل: يجب تقييد
الكافر بكونه محقون
الدم، فلو كان حربيّا لم يجب؛ لجواز إتلافه، فترك الإنفاق عليه لا يزيد عليه
. والمستند في أصل عدم اشتراط الأمرين هو اتّفاقهم عليه ظاهراً، مع نقل بعضهم الإجماع صريحاً
، وإلاّ فإثباته بالعموم في نحو الكافر مشكل جدّاً، كيف لا؟! وهو معارض بعموم
النهي عن الموادّة إلى من نصب مع الله سبحانه المحادّة
، ومقتضى تعارض العمومين التساقط، ومعه يرجع إلى الأصل النافي للوجوب، لكن اعتضاد العموم هنا بالعمل مع عدم خلاف فيه يظهر، بل ودعوى بعضهم بل جماعة الإجماع عليه كما مرّ أوجب ترجيحه وتخصيص ما خالفه.
وأمّا الحرّية، فهي شرط بالإجماع؛ للأصل، وفقد ما يدلّ على وجوب الإنفاق على القريب المملوك للغير؛ لعدم انصراف الإطلاقات إليه. وعلى تقديره، فمعارض فيه بما دلّ
على وجوب إنفاقه على غيره، وليس بعد التعارض سوى التساقط الموجب لتخليص الأصل عن المعارض.
وعلى تقدير عدم التساقط، فلا ريب أنّ الرجحان مع الأخير؛ إذ وجوب الإنفاق عليه على من يستوفي منافعه في عوضه أولى ممّن لا يستوفي، ويكون الإنفاق منه عليه لرفع حاجته وسدّ خلّته.
نعم، لو امتنع المولى عن الإنفاق عليه، أو كان معسراً، أمكن وجوبه على القريب؛ عملاً بالعموم.
وقيل
: لا تجب مطلقاً، بل يُلزَم ببيعه أو الإنفاق عليه، كما يأتي إن شاء الله تعالى. وهو حسن.
ولا تقدير للنفقة الواجبة بل يجب بذل الكفاية من الطعام والكسوة والمسكن لإطلاق الأدلّة اللازم في مثله الرجوع إلى العرف والعادة، مع ما في
الآية الكريمة «وَصاحِبْهُما فِي الدُّنْيا مَعْرُوفاً»
ونحوه بعض المعتبرة
من الإشارة إلى الرجوع إليها بالضرورة، مضافاً إلى عدم الخلاف فيه هنا بين الطائفة، بل وصرّح بالإجماع عليه جماعة
؛ وهو الحجّة فيه، مضافاً إلى ما تقدّم من الأدلّة.
ومقتضاها انسحاب الحكم في
نفقة الزوجة، وهو الأظهر الأشهر بين
الطائفة، بل ربما أشعر عبارة
الحلّي بالإجماع عليه
.
خلافاً للخلاف، فقدّر الطعام بمدّ مطلقاً، مدّعياً فيه
الوفاق.
وهو موهون بمصير الأكثر إلى الخلاف، مع معارضته بالإجماع المتقدّم، الراجح عليه هنا بلا ارتياب، فهو ضعيف.
وأضعف منه المحكيّ عنه في المبسوط من التفصيل: بمدّين للموسر، ومدّ ونصف للمتوسّط، ومدّ للمعسر
وذلك لعدم الدليل عليه بالمرّة.
ثم إنّ المعتبر من المسكن:
الإمتاع، اتّفاقاً. ومن المئونة:
التمليك في صبيحة كل يوم لا أزيد، اتّفاقاً، بشرط بقائها ممكّنة إلى آخره، فلو نشزت في الأثناء استحقّت بالنسبة.
وفي الكسوة قولان، أشهرهما وأجودهما: أنّها كالأول؛ للأصل السالم عمّا يصلح للمعارضة؛ لضعف دليل الملحق بالثاني، وهو
الآية الكريمة «عَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ»
المعطوف فيها الكسوة على
الرزق، المقتضي ذلك اشتراكها معه في الأحكام له، التي منها التمليك إجماعاً.
ووجه الضعف: اقتضاء العطف المشاركة في الحكم المثبت للمعطوف عليه في العبارة، لا الأحكام الخارجة عنها الثابتة له بغيرها من الأدلّة، وغاية ما يستفاد من الآية للمعطوف عليه: الوجوب، الأعمّ من التمليك والإمتاع، وتعيّن الأول فيه من الخارج غير ملازم لتعيّنه في المعطوف بالبديهة، ولا دليل على كون التعيين مراداً من لفظ الآية، وإنّما غايته القيام بإثباته في الجملة، لا إثبات إرادته من نفس العبارة.
وأمّا الاستدلال بالنبويّ: «ولهنّ عليكم رزقهنّ وكسوتهنّ بالمعروف»
فمجاب بضعف السند، وبما مضى إن جُعل العطف فيها مستنداً، وبعدم كون اللام حقيقةً في الملكيّة خاصّة إن جُعل المستند إفادتها
الملكيّة، بل نقول: لها معانٍ أُخر كثيرة لا تلازم الملكيّة، تتوقّف إرادة كلّ منها على قرينة هي في المقام مفقودة، ومجرّد ثبوت الملكيّة في الرزق غير ملازم لثبوتها في الكسوة، إلاّ على تقدير قيام الدلالة على إرادتها بالنسبة إليه من اللام المذكورة في
الرواية، وهو محلّ مناقشة، كيف لا؟! وليست إلاّ الإجماع الذي حكاه جماعة
، ولا يستفاد منها سوى ثبوت الملكيّة له في الجملة المجامع لثبوتها له من غير الرواية.
وعلى المختار: ليس لها بيعها، ولا التصرّف فيها بغير اللبس من أنواع التصرّفات الخارجة عن العادة، ولا لبسها زيادةً على المعتاد كيفيّةً وكمّيةً، فإن فعلت فأبلَتها قبل المدّة التي تبلى فيها عادةً لم يجب عليه إبدالها؛ وكذا لو أبقتها زيادةً على المدّة. وله إبدالها بغيرها مطلقاً، وتحصيلها
بالاستئجار والإعارة وغيرهما من الوجوه التي هي للمنافع مبيحة.
ولو طلّقها، أو ماتت، أو مات، أو نشزت، استحقّ ما يجده منها مطلقاً.
وأمّا ما تحتاج إليه من الفرش والآلات فهو في حكم الكسوة.
ونفقة الولد على
الأب مع وجوده ويساره دون الأمّ وإن شاركته في الوصفين إجماعاً، حكاه جماعةً
؛ لظاهر قوله سبحانه «فَإِنْ أَرْضَعْنَ لَكُمْ» الآية
، مع ضميمة عدم القائل بالفرق،
واستصحاب الحالة السابقة، وعموم رواية هند المشهورة: «خذي ما يكفيك وولدك»
المستفاد من ترك الاستفصال في مقام جواب السؤال، وهو مفيدٌ له عند الجماعة.
ومع عدمه أو فقره، فعلى أب الأب وإن علا بمائة درجة مرتّباً الأقرب فالأقرب، بالإجماع كما حكاه جماعة
؛ وهو الحجّة فيه، دون التعليل بصدق الأب؛ لمنع كونه على سبيل الحقيقة، التي هي المعتبرة مع عدم القرينة على ما عداها من المعاني المجازيّة.
وبعد التسليم، فغايتها الدلالة على
الشركة، لا الترتيب الذي اعتبره الجماعة، ومع ذلك فهذه العلّة جارية في الآباء من جهة الأُمّ بالضرورة.
هذا، وربما يناقش في حكاية
الإجماع المتقدّمة بعبارة
المبسوط، المعربة عن تقديم أُمّ الأب على أب الأب البعيد عنها بدرجة
، المشعرة بل الظاهرة بكون ذلك مذهب الطائفة، وخلافه ممّا ذكره الجماعة مذهب
العامّة، فالمسألة مشكلة.
ويمكن دفعه برجحان حكاية الإجماع المزبورة بالشهرة العظيمة والاستفاضة في الحكاية والصراحة، فلا يعارضها إشعار العبارة المتقدّمة بالإجماع بخلافه بالضرورة.
هذا، مع إمكان التأيّد بالعلّة المتقدّمة بدفع ما يرد عليها من المناقشات السابقة، فالأُولى: بالإجماع على إرادة الآباء وإن علوا من الأب هنا بالبديهة، مضافاً إلى ما قدّمناه من
الرواية، على سبيل
المجاز كانت الإرادة أو
الحقيقة، فإنّ المناقشة على التقديرين مندفعة، فتأمّل.
والثانية: بانقطاع الشركة وتعيّن الترتيب بإجماع الطائفة، مع ما للاعتبار عليه من
الشهادة، وإمكان التأيّد بآية
اولي الأرحام، المستدلّ بها
لأولويّة القرب في مواضع عديدة في كلام الجماعة.
والثالثة: ببعض ما اندفع به الاولى والثانية، وهو هنا إجماع الطائفة على عدم مشاركة آباء الامّ مع آباء الأب في المسألة وإن تساووا في الدرجة.
لكن مآل اندفاعها إلى الإجماع. وكيف كان، فهو العمدة في
الحجّية، لا العلّة بنفسها، وإن شاركته فيها بعد الضمائم المزبورة.
ومع عدمهم تجب النفقة على
الأُمّ خاصة، إلاّ مع فقدها أو إعسارها، وتكون حينئذٍ على آبائها وأُمّهاتها بالسويّة إن اشتركوا في الدرجة، وإلاّ قدّم الأقرب فالأقرب إلى المنفق عليه؛ بالإجماع المستفاد من تتبّع كلمات الجماعة، مع التأيّد بالاعتبار والآية السابقة.
ولم يتعرّض الماتن هنا ولا في
الشرائع لحكم الآباء والأُمّهات من قبل أُمّ الأب، إلاّ أنّ المحكيّ عن الشيخ وسائر الجماعة: أنّ أُمّ الأب بمنزلة أُمّ الأُمّ، وآباءها وأُمّهاتها بمنزلة آبائها وأُمّهاتها، فيتشاركون مع التساوي في الدرجة بالسويّة، ويختصّ الأقرب من الطرفين إلى المحتاج بوجوب الإنفاق عليه
.
كلّ ذا في الأُصول خاصّة.
وأمّا الفروع، فلو وُجِدوا بشرائط الإنفاق دون الأُصول: فإن اتّحد تعيّن، وإن تعدّد في درجة واحدة وجب عليهم بالسويّة، وإن اختلفت درجاتهم وجب على الأقرب فالأقرب.
ولا فرق في ذلك كلّه بين الذكر والأُنثى على الأشهر الأظهر.
خلافاً لشاذّ، فعلى حسب
الميراث. ولآخر، فيختصّ بالذكر
.
وضعفهما ظاهر لمن تدبّر.
ولو اجتمع العمودان الأُصول والفروع فمع وحدة الدرجة فهم شركاء في الإنفاق بالسويّة، كما في الأب
والإبن، ومع اختلافهما وجب على الأقرب، كما في الأب وابن الابن، فالأب متعيّن بلا شبهة.
ولو كان الفرع أُنثى، أو كان
الأصل هي الأُمّ، ففيه احتمالات، والذي استظهره جماعة استواء الابن
والبنت، وكذا الامّ مع الولد مطلقاً
.
ثم لو كان الأقرب معسراً، فأنفق الأبعد، ثم أيسر الأقرب، تعلّق به الوجوب حينئذ، ولا يرجع الأبعد عليه بما أنفق؛ للأصل.
ولو كان له ولدان ولم يقدر إلاّ على نفقة أحدهما وله أب، وجب على الأب نفقة الآخر. ولو تشاحّا في اختيار أحدهما، استخرج
بالقرعة.
كلّ ذا حكم المنفق.
وأمّا المنفَق عليه، فمع التعدّد إن كانوا من جهة واحدة كالآباء والأجداد وجب الإنفاق على الجميع مع السعة، وإلاّ فالأقرب إليه فالأقرب. ولا فرق في كلّ مرتبة بين الذكر والأُنثى، ولا بين المتقرّب بالأب من الأب والأُمّ، والمتقرّب بالأُمّ كذلك.
وإن كانوا من الجهتين اعتبرت المراتب، فإن تساوت عدّة الدرجات فيهما اشتركوا، وإلاّ اختصّ الأقرب.
ولو لم يسع ماله مَن في درجة واحدة لقلّته وكثرتهم، ففي الاقتسام والقرعة وجهان، أقواهما الثاني، وفاقاً لجماعة
؛ لمنافاة التشريك الغرض. وربما احتُمِل ترجيح الأحوج لصغر أو مرض بدون القرعة
، ولا بأس به.
ولا تقضى نفقة الأقارب لو فاتت لما مضى في مسألة قضاء
نفقة الزوجة، ولا خلاف فيه، إلاّ أنّه ذكر الجماعة وجوب
القضاء فيما لو استدانه القريب بأمر الحاكم، لغيبة المنفق أو امتناعه، فإنّه يستقر
الدين في ذمّته كسائر ديونه، ولذا وجب عليه قضاؤه.
رياض المسائل في تحقيق الأحكام بالدّلائل، الطباطبائي، السيد علي، ج۱۲، ص۱۷۹-۱۹۰.