أقسام الاعتكاف
احفظ هذه المقالة بتنسيق PDF
ينقسم
الاعتكاف عند الفقهاء إلى
واجب ومندوب ؛ ضرورة كونه
عبادة ، وهي منحصرة فيهما
مع عدم
التشريع ، كما أنّ وجوبها ليس لذاتها فإنّها ليست إلّا عبادة مندوبة، وإنّما قد يجب لعارض
كالنذر واليمين .
وهو أن يأتي بالاعتكاف تبرّعاً للَّه تعالى.
وقد صرّح الفقهاء بأنّه مندوب بأصل
الشرع ، وقد تقدّم
الاستدلال عليه.
وقد وقع الكلام في أنّه هل ينقلب إلى واجبٍ بالشروع فيه أو بعد مضيّ يومين أو لا ينقلب إلى واجبٍ أصلًا؟ فيه أقوال ثلاثة:
وجوب المضيّ فيه بمجرّد الشروع؛
وذلك للنهي عن
إبطال العمل،
وإطلاق الروايات الدالّة على وجوب
الكفّارة إذا أبطل اعتكافه
بالجماع ،
وإطلاق روايتي
عبد الرحمن بن الحجاج وأبي بصير ،
الدالّتين على وجوب إعادة
المريض والحائض الاعتكاف بعد
البرء والطهارة .
واجيب عن هذا الاستدلال بمنع
حرمة إبطال العمل. ومنع دلالة لزوم الكفّارة بالجماع في الاعتكاف على وجوب الإتمام؛ إذ لا امتناع في وجوب الكفّارة بذلك في الاعتكاف المستحب. واستبعاد ذلك وتخصيصه بترك الواجب لا وجه له.
ومنع دلالة أخبار
القضاء على الوجوب.
الوجوب بمضيّ يومين، فلا يجب قبله، ويجب الثالث بعد اليومين،
ونسب ذلك إلى أكثر القدماء والمتأخّرين؛
وذلك لصحيحة
أبي عبيدة الحذّاء عن
الإمام الباقر عليه السلام قال: «من اعتكف ثلاثة أيّام فهو يوم الرابع بالخيار إن شاء زاد ثلاثة أيام اخر، وإن شاء خرج من
المسجد ، فإن أقام يومين بعد الثلاثة فلا يخرج من المسجد حتى يتمّ ثلاثة أيّام اخر».
وصحيحة
محمد بن مسلم عنه عليه السلام أيضاً قال: «إذا اعتكف يوماً ولم يكن اشترط فله أن يخرج ويفسخ الاعتكاف، وإن أقام يومين ولم يكن اشترط فليس له أن يفسخ اعتكافه حتى تمضي ثلاثة أيّام».
وبعد الالتزام بهذا الحكم يبحث حول تعديته إلى كلّ ثالث- فله الفسخ في اليوم الرابع دون ما إذا تمّ الخامس- أو أنّه يختصّ بالثلاثة الاولى.
اختار بعضهم التعدّي؛
لظهور صحيحة أبي عبيدة المتقدّمة في وجوب كلّ ثالث بعد اليومين، فيجب السادس لمن اعتكف خمسة، والتاسع لمن اعتكف ثمانية، وهكذا.
فيما ذهب جماعة من الفقهاء إلى عدم التعدّي؛ للأصل، وعدم صراحة الصحيحة في الوجوب.
عدم وجوبه أصلًا، بل يجوز له
الإبطال متى شاء،
واستدلّ عليه بأصالة بقاء ما كان على ما كان،
وبراءة الذمّة .
ويناقش فيه بوجوب الخروج عن الأصل مع المخرج، فإنّ الصحيحة مخرجة عنه، وضعف سندها على بعض الطرق لا يضرّ مع الصحة على بعض آخر.
لا يجب الاعتكاف ابتداءً، إلّا
بالنذر ممّن يصحّ منه، وشبهه من
العهد واليمين
والإجارة وأمر السيّد.
وأمّا وجوب الاعتكاف بقاءً، فيكون بالشروع في الاعتكاف المسنون على الخلاف المتقدّم.
والاعتكاف الواجب إن كان معيّناً يجب المضيّ فيه بالشروع
بلا إشكال
على المشهور،
بل نفى عنه الخلاف
المحقق النجفي ثمّ قال: «بل هو واجب قبله»،
فلا يجوز قطعه؛ لئلّا تلزم مخالفة النذر.
وأمّا إن كان غير معيّن فذهب الأكثر إلى القول بمساواته للمندوب في عدم وجوب المضيّ فيه قبل اليومين،
استناداً إلى الأصل،
وأنّ النذر لا يغيّر المنذور عمّا هو عليه.
الموسوعة الفقهية، ج۱۴، ص۴۱۵-۴۱۸.