• خواندن
  • نمایش تاریخچه
  • ویرایش
 

أهل الذمة (ديتهم)

احفظ هذه المقالة بتنسيق PDF



لتصفح عناوين مشابهة، انظر أهل الذمة (توضيح).
لا إشكال في ثبوت الدية لأهل الذمّة، وإنّما الإشكال في مقدارها، حيث ذهب المشهور إلى أنّها في الرجال ثمانمئة درهم وادّعي عدم الخلاف فيه، بل ادّعي عليه الإجماع ؛ للأخبار المستفيضة :




منها: صحيحة ليث المرادي ، قال: سألت أبا عبد اللَّه عليه السلام عن دية النصراني و اليهودي و المجوسي ، فقال: «ديتهم جميعاً سواء، ثمانمئة درهم ثمانمئة درهم».
ومنها: صحيحة ابن مسكان عن أبي عبد اللَّه عليه السلام قال: «دية اليهودي والنصراني والمجوسي ثمانمئة درهم».
قال الشهيد الثاني : إنّ «القول بأنّ دية الذمّي ... ثمانمئة درهم هو الأصحّ رواية، والأشهر فتوى ».

۱.۱ - التعارض في الروايات


إلّاأنّ الإشكال في تعارض هذه الروايات مع روايات اخرى وردت في هذا المجال، وهي على ثلاث طوائف:

۱.۱.۱ - الطائفة الاولى


ما دلّ على أنّ ديتهم أربعة آلاف درهم كرواية أبي بصير عن أبي عبد اللَّه عليه السلام قال: «دية اليهودي والنصراني أربعة آلاف درهم، ودية المجوسي ثمانمئة درهم»، وقال أيضاً: «إنّ للمجوس كتاباً يقال له: جاماس ». و مرسلة الصدوق التي جاء فيها أنّ «دية اليهودي والنصراني والمجوسي أربعة آلاف درهم، أربعة آلاف درهم؛ لأنّهم أهل الكتاب ».
واورد على هاتين الروايتين أنّهما لا يقاومان الروايات السابقة؛ وذلك أوّلًا: لأنّ في سند الاولى عليّ البطائني وهو ضعيف، والثانية مرسلة لا سند لها. وثانيا: لأنّهما موافقتان لجماعة من الجمهور ، كعمر وعثمان و سعيد بن المسيّب وعطا والحسن و عكرمة و عمرو ابن دينار و الشافعي وإسحاق و أبي ثور .
[۱۹] المغني (ابن قدامة)، ج۹، ص۵۲۷.
وثالثا: لأنّ في رواية أبي بصير تهافتاً و اضطراباً واضحاً؛ إذ بينما صرّح فيها بأنّ للمجوس كتاباً، فرّق بينهم وبين اليهود و النصارى في مقدار الدية، مع أنّهم لا يختلفون عنهم في كونهم من أهل الكتاب.
[۲۰] دية الذمّي والمستأمن من الكفّار (مجلّة فقه أهل البيت عليهم السلام)، ج۲۴، ص۱۵.

اللهمّ إلّاأن يقال بأنّ المقطع الأخير من الرواية إنّما هو من باب ضمّ المروي إلى المروي، فكأنّ هناك خبران ينتهي سندهما إلى أبي بصير أحدهما في الديات والآخر في كون المجوسي من أهل الكتاب، ولا تنافي بين أن يكون المجوسي من أهل الكتاب ويفصّل في ديته بما يخالف دية سائر أهل الكتاب.

۱.۱.۲ - الطائفة الثانية


روايات دالّة على أنّ ديتهم دية المسلم كصحيحة أبان بن تغلب عن الإمام الصادق عليه السلام قال: «دية اليهودي والنصراني والمجوسي دية المسلم». وصحيحة زرارة عنه عليه السلام أيضاً قال: «من أعطاه رسول اللَّه صلى الله عليه وآله وسلم ذمّة فديته كاملة»، قال زرارة: فهؤلاء؟ قال أبو عبد اللَّه عليه السلام: «وهؤلاء من أعطاهم ذمّة».
ورغم صحّة سند هاتين الروايتين إلّاأنّ بعض الفقهاء حكم بضعفهما بإعراض المشهور عنهما؛ لمطابقتهما لفتوى جماعة من علماء الجمهور، كعلقمة و مجاهد و الشعبي و النخعي والثوري و أبي حنيفة،
[۲۳] السنن الكبرى (البيهقي)، ج۸، ص۱۰۳.
فلابدّ من حملهما على التقية .

۱.۱.۳ - الطائفة الثالثة


ما دلّ على أنّ دية أهل الذمّة ثمانمئة درهم، إلّاأنّه جعلت ديتهم كدية المسلم لأجل أن لا يكثر القتل بينهم، كما في رواية سماعة عن الإمام الصادق عليه السلام أنّه سأله عن مسلم قتل ذمّياً، فقال: «هذا شي‏ء شديد لا يحتمله الناس، فليعطِ أهله دية المسلم حتى ينكل عن قتل أهل السواد وعن قتل الذمّي»، ثمّ قال: «لو أنّ مسلماً غضب على ذمّي فأراد أن يقتله ويأخذ أرضه ويؤدّي إلى أهله ثمانمئة درهم إذاً يكثر القتل في الذمّيّين...».
وقد يقال بأنّها لا تريد الإقرار على الثمانمئة وإنّما تريد التعريض بالفتوى بالثمانمئة، بأنّها لو صحّت لكثر القتل في الذمّيين، وبهذا تكون هذه الرواية مؤيّدة، بل منضمّة إلى الطائفة الثانية المتقدّمة. ولأجل اختلاف الروايات في هذا المجال ظهرت نظريات اخرى قد يختلف بعضها مع المشهور، وهي كما يلي:

۱.۲ - آراء الفقهاء في هذا المجال



۱.۲.۱ - النظرية الاولى


ما ذكره الشيخ الطوسي من حمل روايات ما زاد عن الثمانمئة درهم على من تعوّد قتلهم، حيث قال: «الوجه في هذه الأخبار أن نحملها على من يتعوّد قتل أهل الذمّة، فإنّ من كان كذلك فللإمام أن يلزمه دية المسلم كاملة تارة، وتارة أربعة آلاف درهم بحسب ما يراه أصلح في الحال وأردع لكي ينكل عن قتلهم غيره، فأمّا من ندر ذلك منه فلا يلزمه أكثر من الثمانمئة حسب ما قدّمناه أوّلًا». ويظهر من العلّامة الحلّي موافقته له في ذلك.
إلّاأنّ هذا- يعني أنّ ما زاد على الثمانمئة- يكون من باب التعزير فلا يكون مخالفاً لرأي المشهور حينئذٍ. ويكون المستند في هذا القول هو الطائفة الأخيرة، حيث نجمع بينها وبين كلّ من الطائفة الثانية وما ورد مؤيّداً لفتوى المشهور من رواية الثمانمئة وتطرح الطائفة الاولى بما تقدّم.

۱.۲.۲ - النظرية الثانية


التفصيل المنسوب إلى ابن الجنيد بين من كانت ذمّته من رسول اللَّه صلى الله عليه وآله وسلم فديته أربعمئة دينار أو أربعة آلاف درهم، ومن ملكهم المسلمون عنوة ومنّوا عليهم باستحيائهم فديتهم ثمانمئة درهم، ولم يذكر دليلًا على ذلك. بل صحيحة زرارة المتقدّمة في الطائفة الثانية واضحة في أنّ من أعطاه الرسول صلى الله عليه وآله وسلم الذمّة كانت ديته دية المسلم، فتنافي ما نسب إلى ابن الجنيد.

۱.۲.۳ - النظرية الثالثة


التفصيل الذي ذكره الشيخ الصدوق من أنّ الدية تختلف باختلاف الأحوال، حيث قال: «هذه الأخبار اختلفت لاختلاف الأحوال، وليست هي على اختلافها في حال واحدة؛ (فإنّه‏) متى كان اليهودي والنصراني والمجوسي على ما عوهدوا عليه من ترك إظهار شرب الخمور و إتيان الزنا و أكل الربا و الميتة ولحم الخنزير و نكاح الأخوات ، وإظهار الأكل والشرب بالنهار في شهر رمضان ، و اجتناب صعود مساجد المسلمين، واستعملوا الخروج بالليل عن ظهراني المسلمين و الدخول بالنهار للتسوّق و قضاء الحوائج، فعلى من قتل واحداً منهم أربعة آلاف درهم، ومرّ المخالفون على ظاهر الحديث فأخذوا به، ولم يعتبروا الحال، ومتى آمنهم الإمام وجعلهم في عهده وعقده وجعل لهم ذمّة، ولم ينقضوا ما عاهدهم عليه من الشرائط التي ذكرناها، وأقرّوا بالجزية وأدّوها، فعلى من قتل واحداً منهم خطأً دية المسلم».

۱.۲.۴ - النظرية الرابعة


ما ذكره بعض المعاصرين من أنّ دية أهل الذمّة في الأصل ثمانمئة درهم، إلّاأنّها قابلة للزيادة بحسب ما يراه الحاكم من مصلحة حتى تصل إلى دية المسلم ولو لم يكن القاتل قد تعوّد القتل. وبذلك يمكن الجمع بين المداليل المختلفة للروايات المتقدّمة جمعاً عرفياً غير تبرّعي، يشهد له ما ورد في موثّقة سماعة المتقدّمة من الطائفة الثالثة الحاكمة على روايات الثمانمئة درهم. وهذه النظرية تلتقي مع نظرية الشيخ الطوسي المتقدّمة في إمكان جعل الدية ثمانمئة درهم أو أربعة آلاف درهم أو دية كاملة، إلّاأنّها لا تلتقي معها في تخصيص هذا الحكم بمن تعوّد قتل أهل الذمّة؛ إذ هو موكول إلى ما يراه الشرع .
[۳۰] دية الذمّي والمستأمن من الكفّار (مجلّة فقه أهل البيت عليهم السلام)، ج۲۴، ص۲۵- ۲۶.




هذا كلّه بالنسبة إلى دية الرجل من أهل الذمّة، وأمّا دية المرأة فنصف دية الرجل، كما هو مقتضى القاعدة العامة في الديات، و إطلاق ما دلّ على أنّ دية المرأة نصف دية الرجل وعدم وجود ما يدلّ على خلافها.


 
۱. المختصر النافع، ج۱، ص۲۹۵.    
۲. المختلف، ج۹، ص۳۲۴.    
۳. الانتصار، ج۱، ص۵۴۵.    
۴. الكافي في الفقه، ج۱، ص۳۹۱.    
۵. الخلاف، ج۵، ص۲۶۳، م ۷۷.    
۶. المراسم، ج۱، ص۲۳۸.    
۷. مباني تكملة المنهاج، ج۲، ص۲۰۸.    
۸. الانتصار، ج۱، ص۵۴۶.    
۹. الخلاف، ج۵، ص۲۶۴، م ۷۷.    
۱۰. جواهر الكلام، ج۴۳، ص۳۸.    
۱۱. الوسائل، ج۲۹، ص۲۱۸، ب ۱۳ من ديات النفس، ح ۵.    
۱۲. الوسائل، ج۲۹، ص۲۱۷، ب ۱۳ من ديات النفس، ح ۲.    
۱۳. المسالك، ج۱۵، ص۳۲۴.    
۱۴. الوسائل، ج۲۹، ص۲۲۲، ب ۱۴ من ديات النفس، ح ۴.    
۱۵. الفقيه، ج۴، ص۱۲۲، ح ۵۲۵۳.    
۱۶. الوسائل، ج۲۹، ص۲۲۰، ب ۱۳ من ديات النفس، ح ۱۲.    
۱۷. مباني تكملة المنهاج، ج۲، ص۲۰۹.    
۱۸. جواهر الكلام، ج۴۳، ص۳۹.    
۱۹. المغني (ابن قدامة)، ج۹، ص۵۲۷.
۲۰. دية الذمّي والمستأمن من الكفّار (مجلّة فقه أهل البيت عليهم السلام)، ج۲۴، ص۱۵.
۲۱. الوسائل، ج۲۹، ص۲۲۱، ب ۱۴ من ديات النفس، ح ۲.    
۲۲. الوسائل، ج۲۹، ص۲۲۱، ب ۱۴ من ديات النفس، ح ۳.    
۲۳. السنن الكبرى (البيهقي)، ج۸، ص۱۰۳.
۲۴. مباني تكملة المنهاج، ج۲، ص۲۰۹.    
۲۵. الوسائل، ج۲۹، ص۲۲۱، ب ۱۴ من ديات النفس، ح ۱.    
۲۶. التهذيب، ج۱۰، ص۱۸۷، ذيل الحديث ۷۳۷.    
۲۷. جواهر الكلام، ج۴۳، ص۴۰.    
۲۸. المختلف، ج۹، ص۴۳۶- ۴۳۷.    
۲۹. الفقيه، ج۴، ص۱۲۲، ذيل الحديث ۵۲۵۴.    
۳۰. دية الذمّي والمستأمن من الكفّار (مجلّة فقه أهل البيت عليهم السلام)، ج۲۴، ص۲۵- ۲۶.
۳۱. جواهر الكلام، ج۴۳، ص۳۹.    
۳۲. مباني تكملة المنهاج، ج۲، ص۲۱۰.    




الموسوعة الفقهية، ج۱۹، ص۹۲-۹۶.    



جعبه ابزار