الاستثمار
احفظ هذه المقالة بتنسيق PDF
الاستثمار هو تثمير
المال وطلب الحصول على
الثمرة .
الاستثمار:
مصدر استثمر من الثمر وهو
حمل الشجر ، ويطلق على أنواع المال.
ويقال لكلّ
نفع يصدر عن شيء: ثمرة، كقولهم: ثمرة
العلم العمل الصالح .
يقال ثمر الشيء: إذا تولّد منه شيء آخر، وثمّر
الرجل ماله: إذا أحسن
القيام عليه ونمّاه، واستثمر المال أي ثمّره.
وعلى هذا فالاستثمار هو تثمير المال وطلب الحصول على الثمرة.
استعمل
الفقهاء الاستثمار
بمعناه اللغوي ، إلّا أنّه قد اضيف في كلماتهم إلى الشجر
والبستان ونحوهما،
وبذلك اعطي معنى خاصّاً.
وقد يضاف الاستثمار إلى مطلق المال ويراد به تنمية المال وتكثيره عن طريق
التجارة والمضاربة والمزارعة والمساقاة ونحوها، وهذا المعنى العامّ إنّما هو استعمال حديث للاستثمار.
ولم يستعمله الفقهاء بهذا المعنى إلّا نادراً،
وقد عبّروا عنه
بالتنمية والاستنماء ونحوهما.
وهو طلب
الرزق ،
وعليه فهو أعمّ من الاستثمار؛ لأنّه هو العمل على زيادة المال، بينما
الاكتساب كما يكون بالعمل بمال موجود يكون بغيره كمن يعمل
بأُجرة .
وهو الحصول على
المنفعة ،
وعليه فهو أعمّ أيضاً من الاستثمار؛ لأنّ
الانتفاع قد يكون بالاستثمار وقد يكون بغيره.
وهو طلب
الغلّة ، والغلّة- بالفتح- كلّ ما يحصل من ريع
أرض أو كرائها أو اجرة
غلام أو نحو ذلك من
فائدة .
وعلى هذا فالاستثمار والاستغلال بمعنى واحد.
وهو التفريغ،
ودار معطّلة أو بئر معطّلة أي لا تورد ولا يستقى منها، وكلّ شيء ترك
ضائعا ً فهو معطّل،
وتعطّل الرجل إذا بقي لا عمل له، والمعطّل:
الموات من الأرض.
وعلى هذا فالتعطيل ضدّ الاستثمار.
الأصل في استثمار الأموال هو
الندب ، ففي
رواية عن
أبي عبد اللَّه عليه السلام: «عليك بإصلاح المال، فإنّ فيه منبهة
للكريم واستغناء عن
اللئيم ».
وفي رواية
زرارة عنه عليه السلام أيضاً أنّه قال: «ما يخلف الرجل بعده شيئاً أشدّ عليه من المال الصامت»، قال: قلت له: كيف يصنع به؟ قال: «يجعله في
الحائط والبستان والدار».
وقد يجب استثمار المال وتنميته، كما إذا كان الاستثمار موجباً
لصيانة المال عن الضياع،
أو كان لتحصيل المال بقدر
الكفاية لنفسه
وعياله وقضاء
ديونه .
قد يكون المستثمِر نفس
مالك المال وقد يكون غيره، فإن كان مالكاً للمال جاز له استثمار ماله وتنميته
بزراعة أو
صناعة أو نحوهما.
نعم، لو كان محجوراً عليه شرعاً بسبب من أسباب
الحجر - كالصغر
والسفه
والفلس ومرض
الموت - فلا تنفذ
تصرّفاته في أمواله
ببيع أو
صلح أو نحوهما من
المعاملات .
وإن كان غير مالك المال فلا يجوز له التصرّف فيه واستثماره، إلّا إذا كان مأذوناً من قبل
الشارع كالقيّم وناظر
الوقف ، أو مأذوناً من المالك أو
وكيلا عنه، أو وقع بينهما عقد من العقود التي شرّعت لغرض استثمار الأموال وتنميتها
كالمضاربة والمساقاة .
ويشترط أيضاً في المستثمر امور اخرى مذكورة في العناوين الخاصّة التي تعتبر وسائل للاستثمار.
وأمّا إذا لم يكن مأذوناً من الشارع ولا من
المالك ولم يقع بينه وبين المالك عقد للاستثمار فلا يشرع له التصرّف في المال واستثماره، ومن هذا القبيل
الغاصب والمستودع
والمرتهن .
يشترط في المال المستثمَر حتى يحلّ استثماره أن يكون ملكاً
شرعيّاً للمستثمِر، فإن كان المال للغير فلا بدّ أن يكون مأذوناً فيه للتصرّف والاستثمار، أو وقع عليه عقد من العقود التي شرّعت للاستثمار والاستنماء.
وهناك شروط اخرى في المال يلاحظ فيها العناوين الخاصّة التي تعتبر وسائل للاستثمار.
وأمّا إذا لم يكن المال ملكاً شرعيّاً ولم يكن مأذوناً فيه ولم يقع عليه عقد من العقود الاستثماريّة أو وقع عليه ولكن لم تراع فيه الشروط المبيحة فلا يحلّ حينئذٍ استثماره
كالمال المغصوب والوديعة .
الأصل في استثمار المال وتنميته هو المشروعيّة والندب كما تقدّم، إلّا أنّه لا بدّ من الاقتصار فيه على الوسائل المشروعة للاستثمار
كالبيع والمضاربة والمزارعة والمساقاة مع مراعاة الشرائط المذكورة لها، ولذلك يجب
الاجتناب عن الوسائل غير المشروعة
كالربا والقمار .
لا
شك في انّ مالك الأصل يملك
الثمرة والنماء إذا كان استثماره مشروعاً، ولو كان الاستثمار في مال غيره فقد تكون تمام الثمرة للمالك كما في البضاعة، وقد تكون بينهما كما في المضاربة ونحوها.
وأمّا إذا كان الاستثمار في مال الغير بدون
إذنه - كمن غصب
حبّاً فزرعه أو
بيضاً فاستفرخه- فالأكثر على أنّ ملك الثمرة للمغصوب منه لا
للغاصب .
وقيل: إنّها ملك للغاصب وعليه قيمة الحبّ والبيض، وهو أحد قولي
الشيخ الطوسي في بعض
كتبه .
وإذا غصب أرضاً فزرعها بماله فالثمرة هنا للزارع بلا خلاف، بل ادّعي عليه
الإجماع ، وعليه اجرة الأرض وإزالة زرعه وغرسه وطمّ الحفر وأرش الأرض إن نقصت.
الموسوعة الفقهية، ج۱۱، ص۵۴-۵۷.