الأجل (معلوميته)
احفظ هذه المقالة بتنسيق PDF
لتصفح عناوين مشابهة، انظر
الأجل (توضيح) .
ظاهر كلمات الفقهاء بل صريح بعضهم لزوم معلومية
الأجل في كلّ عقد لا تصح إلّا بالأجل
كالإجارة فتبطل مع جهالة الأجل للزوم
الابهام في العقد أو للزوم الغرر وقد ورد في النبوي المشهور: نهى
النبي عن الغرر في رواية [[|الصدوق]] وفي رواية اخرى نهى النبي عن بيع الغرر.وألغى بعضهم خصوصية
البيع ؛ لأنّ المتفاهم أنّ المانع هو الغرر، أو لبعض الأدلّة والروايات الخاصة أو للإجماع.وأمّا العقود اللازمة التي تصح بلا أجل لعدم تقومها بالزمان كالبيع ونحوه ولكن قد يشترط الأجل لدفع الثمن أو المثمن فيها فالجهالة فيه أيضاً وقع موقع الاشكال عندهم خصوصاً إذا كان موجباً للغرر فحكم جملة من الفقهاء
بالبطلان فيه.
نعم العقود التي لا يؤثر فيها التأجيل شرعاً كالقرض عند المشهور ومطلق العقود الجائزة التي لا يجب الوفاء بها فضلًا عن الأجل المشروط فيها فلا يجب فيها معلومية الأجل؛ لأنّ ذكره وعدم ذكره فيها سواء، فكذا العلم والجهل به.ونتعرّض لبعض الكلمات في اشتراط معلومية الأجل:قال
المفيد في
المقنعة : «لا تنعقد الإجارة إلّا بأجل معلوم».
وقال أيضاً: «لا تكون
الكفالة إلّا بأجل معلوم».
وأيضاً: «لا يصح
ضمان مال ولا نفس أحدٍ إلّا بأجل معلوم».
وقال في نكاح المتعة: «هو المنعقد بأجل معلوم ومهر معيّن».
وقال
يحيى بن سعيد : «الكتابة عقد...وتصحّ حالّة ومؤجلة بأجل واحد وبأجلين، فإن كان الأجل مجهولًا أو العوض فسدت ولم يعتق
بالأداء ».
وقال
المحقّق الحلّي : «تصحّ (الكفالة) حالّة ومؤجّلة على الأظهر، ومع
الإطلاق تكون معجّلة، وإذا اشترط الأجل فلا بد أن يكون معلوماً».
وقال
الشهيد الأوّل بالنسبة
للمزارعة :«وهي معاملة على الأرض بحصة من حاصلها إلى أجل معلوم».وقال في عقد الكتابة: «الأقرب اشتراط الأجل... ويجوز تنجيمها بشرط العلم بالقدر والأجل»
وقال
السبزواري في
الكفاية : «المشهور أنّها (أي الكفالة) تصح حالّة ومؤجّلة...وإذا شرط الأجل فلا بد أن يكون معلوماً عند الأصحاب».
وقال
الشهيد الثاني في
المسالك ذيل العبارة الماضية من المحقّق في عقد الكفالة: «هذا موضع وفاق، ولأنّ الأجل المجهول يوجب
الغرر؛ إذ ليس وقت يستحق مطالبته فيه كغيره من الآجال.
ونبه (يعني المحقق) بذلك على خلاف بعض العامّة حيث اكتفى فيها (الكفالة) بالأجل المجهول؛ لاشتمالها على التبرّع فيتسامح فيه كالعارية، وفساده ظاهر؛ لأنّ العارية غير لازمة، فلا يقدح فيها الأجل المجهول لجواز المطالبة بالمستعار في الأجل (أي قبل حلوله) وإن كان معلوماً».
وقال
المحقّق النجفي هنا: «بلا خلاف نجده فيه بيننا، بل لعلّ
الإجماع بقسميه عليه في المقام وفي غيره من العقود اللازمة حتى القابل فيها للغرر كالصلح ونحوه، وهو الحجة، مضافاً إلى قاعدة الغرر بناء على عمومها لمثل المقام، وإلّا كان الأوّل هو الحجة، فما عن بعض العامّة من جواز
الجهالة في الأجل هنا قياساً على
العارية واضح الفساد بعد بطلان القياس، على أنّه مع الفارق بالجواز فيها واللزوم هنا».
وقال في بحث المتعة: «لا بدّ أن يكون (الأجل) محروساً من الزيادة والنقصان...فلا يجوز أن يكون كلّياً... بل قد يدعى اعتبار معلومية الأجل في كلّ مقام يذكر فيه فضلًا عن أن يكون شرطاً، وإن كان في العقود التي لا تقدح فيها الجهالة كالصلح ونحوه، كما لا يخفى على من تتبع كلماتهم في سائر المقامات».
وقال في عقد
المهادنة ذيل كلام المحقّق: «لا تصلح (المهادنة) إلى مدة مجهولة ولا مطلقاً، إلّا أن يشترط
الإمام عليه السلام لنفسه
الخيار في النقض متى شاء. بل لا أجد فيه خلافاً بينهم... مضافاً إلى معلومية اعتبار المعلومية في كلّ أجل اشترط في عقد وإن كان ما يقع على المجهول كالصلح وغيره، بل يمكن دعوى الإجماع على ذلك».
وكان هذا الذيل منه قدس سره مبني على - مبطلية مطلق الغرر بمعنى الجهالة للمعاملات ولو كانت في الشرط لا العقد ومتعلقه، ويستفاد ذلك من كلمات كثير من الفقهاء قال العلّامة في بيع
التذكرة: «مسألة: كما أنّ الجهالة في الموضعين (الثمن والمثمن) مبطلة، فكذا في صفاتهما ولواحق المبيع، فلو شرطا مجهولًا بطل البيع، ولو شرطا تأجيل
الثمن وجب أن يكون معلوماً، فلو أجّله إلى الحصاد ونحوه بطل البيع للجهالة».
وقال في نكاح
التحرير : «ولو عقد عليها بعض يوم صحّ إذا قدره بالغاية المعيّنة كالزوال والغروب، ولو ذكر أجلًا مجهولًا بطل العقد على أصح القولين».
وقال في القواعد: «ولو شرطا أجلًا مجهولًا بطل؛ لاشتماله على جهالة في أحد العوضين».
وقال
المحقّق الكركي في
جامع المقاصد في توضيحه: «لأنّه إن كان الأجل للثمن فالجهالة فيه أو للمثمن فالجهالة فيه».
وقال
ابن سعيد في الجامع للشرائع في عقد الكتابة: «فإن كان الأجل مجهولًا أو العوض فسدت ولم يعتق بالأداء».
وقال المحقّق الحلّي في الشرائع: «لو اقتصر على تعيين المزروع من غير ذكر المدة فوجهان، أحدهما يصح؛ لأنّ لكلّ زرع أمداً فيبنى على العادة كالقراض، والآخر يبطل؛ لأنّه عقد لازم فهو كالإجارة فيشترط تعيين المدّة دفعاً للغرر؛ لأنّ أمد الزرع غير مضبوط وهو أشبه».
وقال
المحقّق النجفي في
جواهر الكلام، ذيل هذه العبارة: «وهو مع عدم خلاف محقّق فيه أشبه باصول المذهب وقواعده بعد القول باعتبار المدة التي من المعلوم عدم
الاكتفاء بمثل ذلك في جميع ما اعتبرت (المدة) فيه من الإجارة وغيرها».
وقال
الشيخ الأنصاري في شروط العقد: «الشرط السادس: أن لا يكون الشرط مجهولًا جهالة توجب الغرر في البيع؛ لأنّ الشرط في الحقيقة كالجزء من العوضين كما سيجيء بيانه». ثمّ ذكر عبارة العلّامة الماضية من التذكرة بتمامها فقال: «وقد سبق ما يدلّ على تعيين الأجل المشروط في الثمن، بل لو فرضنا عدم سراية الغرر في البيع كفى لزومه (أي العلم) في أصل الشرط بناء على أنّ المنفي مطلق الغرر حتى في غير البيع، ولذا يستندون إليه في أبواب المعاملات حتى
الوكالة ...» إلى أن قال: «لكن الإنصاف أنّ جهالة الشرط تستلزم في العقد دائماً مقداراً من الغرر الذي يلزم من جهالته جهالة أحد العوضين، ومن ذلك يظهر وجه النظر فيما ذكره العلّامة في مواضع من التذكرة من الفرق في حمل الحيوان وبيض
الدجاجة ومال العبد المجهول المقدار بين تمليكها على وجه الشرطية في ضمن بيع هذه الامور؛ بأن يقول: بعتكها على أنّها حامل أو على أنّ لك حملها وبين تمليكها على وجه الجزئية؛ بأن يقول: بعتكها وحملها، فصحّح الأوّل؛ لأنّه تابع، وأبطل الثاني؛ لأنّه جزء...» إلى أن قال: «والأقوى اعتبار العلم؛ لعموم نفى الغرر، إلّا إذا عُدّ المشروط في العرف تابعاً غير مقصود بالبيع كبيض الدجاج، وقد مرّ ما ينفع هذا المقام في شرائط العوضين».
وهو محل خلاف بل منع من قبل جملة من المحققين من علمائنا.تطبيقات:
كلّ أجل كان متعيّناً ومعلوماً للمتعاقدين بما لا تكون
المعاملة معه غررية، فيجوز تأجيل العقد به سواء كان من الشهور والمواسم والأعياد الإسلامية
كرمضان وعيد الفطر أم لا
كنيروز وغيره؛ لأنّ المانع إنّما هو الجهل والغرر، ويكفي في نفيه علم المتعاقدين بالأجل.
قال العلّامة في التحرير: «ولا يجوز أن يكون (الأجل) مما يقبل التفاوت كالحصاد والجذاذ... ولو شرط العطاء (أي عطاء السلطان) وأراد الفعل بطل، وإن أراد وقته- وهو معلوم- صحّ».
وفي موضع آخر منه: «وكذا يجوز (التأجيل) إذا كان الأجل بغير الأهلّة بشرط معرفته مثل كانون وشباط، ولو قال: إلى يوم النيروز وكانا يعرفانه جاز، بخلاف عيد الشعانين وعيد الفطير، لأنّه يتقدم ويتأخّر والمسلمون لا يعلمونه».
وقال المحقّق النجفي: «الشرط الخامس تعيين الأجل، أي الأجل المتعيّن، ضرورة عدم اختصاص
السلم بكون الأجل متعيّناً، فإنّه لو ذكر أجلًا مجهولًا فيه أو غيره من العقود التي يشترط فيها المعلومية، كأن يقول: متى أردت أو أجلًا يحتمل الزيادة والنقصان كقدوم
الحاج أو نحو ذلك مما يؤدي إلى الجهالة كالدياس والحصاد كان باطلًا، بلا خلاف أجده بيننا، بل عن نهج الحق والغنية الإجماع عليه، وهو الحجة بعد ما دلّ على نفي الغرر».
وقال في موضع آخر: «وكيف كان فلا بد أن يكون الأجل الذي قد عرفت وجوب تعيينه، وأنّه لا يجوز أن يكون محتملًا للزيادة والنقصان معلوماً للمتعاقدين مصداقه، فلا يكفي انضباطه في نفسه- وإن احتمل إلّا أنّه واضح الضعف- للغرر
وانسياق العلم عندهما مما اعتبر معلوميته من النص ومعقد الإجماع وغيرهما، فلا يجوز التأجيل بالنيروز أو برج
الميزان المسمى بمهرجان ويفصح
النصارى وهو عيد من أعيادهم كالشعانين والفطير... ولا بالأشهر الفرسيّة
كتيرماه ومردادماه ، والروميّة
كحزيران وتموز أو غير ذلك، إلّا إذا كان يعلمان ذلك مفهوماً ومصداقاً حتى ترتفع الجهالة، ولعلّ إطلاق الفاضل في التذكرة والقواعد جواز ذلك محمول على صورة علمهما، وإن كان قد يوهم بعض عبارات الأوّل خلاف ذلك، لكن يقوى أنّ مراده الردّ على بعض من أطلق المنع من العامّة».
لو أجّل العقد بلفظ مشترك
كالخميس والجمعة والجمادي والربيع وأمثالها، فإن كان هناك قرينة خاصة أو عامّة على المراد- كالانصراف إلى الأقرب- فهو، وإلّا فإن قيل أنها من المشترك اللفظي فلا بد من الحكم بالبطلان
للإجمال والإبهام ، وإن قيل: إنّها من المشترك المعنوي القابل
للانطباق على الأقرب والأبعد فلا إجمال في الأجل ويصح العقد؛ لصدق المعنى بحصول أوّل الفرد.
قال في
الشرائع في باب السلم: «وإذا قال: إلى جمادي حُمل على أقربهما، وكذا إلى ربيع، وكذا إلى الخميس والجمعة».
وقال المحقّق النجفي ذيل هذا الكلام:«بلا خلاف أجده في الأخيرين، بل ولا إشكال معتدّ به فيه في
العرف ، وكأنّ التعريف فيهما وأشباههما للعهدية، كما أنّ المجرد منهما من أسماء الأشهر كرمضان
وشعبان كذلك أيضاً في الحمل على الأقرب. أمّا ربيع وجمادى فظاهر التذكرة عدم حملهما على الأقرب، ولعلّه لتخيّل
الاشتراك اللفظي ، وفيه منع واضح، ضرورة أنّهما من
المشترك المعنوي ؛ إذ معنى الأوّل كلّ ثلاثين بين
صفر وجمادى في كلّ سنة، والثاني كلّ ثلاثين بين
ربيع الثاني ورجب في كلّ سنة، فهما حينئذٍ كخميس وجمعة لليوم المخصوص من كلّ اسبوع، ومن هنا ساوى بعضهم بين الجميع في الصحة والبطلان، وقد عرفت أنّ الفهم العرفي على التنزيل على الأقرب في الجميع- وإن اختلفا في مرتبة الظهور- وهو العمدة، وتظهر ثمرة الحمل فيما لو ماتا ولم يصرّحا بالقصد أو فيما إذا اختلفا بعده فيه فإنّه يقدّم مدعي الأقرب، بل تظهر أيضاً فيما إذا أوقعا العقد غير مستحضرين الأقرب إلّا أنّهما من أهل العرف اللذين يحملانه عليه لو سمعاه فإنّه يحكم بصحة العقد ويحمل على الأقرب؛ لأنّ عدم
الاستحضار ليس جهالة، نعم لو لم يعلما العرف وأوقعا العقد معتمدين على السؤال عنه بعد ذلك اتجه البطلان؛ لما عرفت من أنّ المدار في رفع الغرر علمهما بذلك لا مضبوطيته في الواقع».
الموسوعة الفقهية، ج۵، ص۳۱۳-۳۱۸.