الإبطال (أقسامه)
احفظ هذه المقالة بتنسيق PDF
لتصفح عناوين مشابهة، انظر
الإبطال (توضيح).
يمكن
تقسيم الإبطال على ضوء ما تقدّم إلى أربعة أقسام: الإبطال الشرعي، الإبطال القضائي، الإبطال المعاملي،
الإبطال التكويني .
هو حكم
الشارع ببطلان فعل أو تصرّف، ولا يراد به جعل الشارع للبطلان و
تشريعه له
ابتداءً و
أصالةً ، بل
المراد الأعم من
المجعول الشرعي الأصلي أو التبعي أي ما ينتزع
نتيجة الجعل الشرعي وفي طوله، فإنّ الشارع قد يحكم ببطلان
معاملة ابتداءً كما في قوله تعالى: «وَ حَرَّمَ الرِّبا»
أو قوله تعالى: «وَ لا تَأْكُلُوا أَمْوالَكُمْ بَيْنَكُمْ
بِالْباطِلِ »
بناء على أنّ المراد من
التحريم و
النهي الحكم الوضعي لا
التكليفي .
وقد لا يجعل الشارع البطلان ابتداءً وإنّما ينتزع ذلك عقلًا في طول جعل الشارع لأجزاء عمل وشرائطه من
عبادة أو معاملة، فيكون العمل غير
المطابق معها و
الفاقد لبعضها محكوماً بالبطلان. ومن هنا فسّر البطلان بعدم مطابقة
المأتي به للمأمور به أو لما يعتبر فيه شرعاً من أجزاء وقيود.
والفرق بين القسمين في مرحلة
الإثبات و
الصياغة ، أمّا ثبوتاً فيرجعان إلى أمر واحد وهو عدم شمول
الأمر الشرعي لذلك العمل- في
التكاليف - وعدم ترتب
الأثر الوضعي شرعاً- في المعاملات- سواء كان ذلك لفقد جزء أو شرط فيه أو عدم
اعتباره أصلًا لدى
الشريعة كالمعاملات الباطلة من أصلها. والإبطال في الأعمال و
التصرفات بهذا
المعنى من حيث الكبرى هو من فعل الشارع ومجعول من قبله- ولو بالتبع- ومن هنا يوصف بالشرعي وينسب
حقيقة إليه، فيقال: أبطل الشارع
البيع الربوي مثلًا.
إلّا انّه من حيث الصغرى وإحداث
السبب الخارجي للبطلان يكون من فعل المكلَّف ومنسوباً إليه، فيقال: أبطل المصلّي صلاته، أو أبطل نكاحه.
وقد ينسب إلى السبب
الموجب للبطلان، فيقال:
الغرر مبطل للبيع أو القهقهة مبطلة للصلاة كما تقدّم.
ما يحكم بإبطاله ونقضه الحاكم أو القاضي في الموضوعات و
المرافعات وفيما سلّطه عليه
الشارع من شئون الحكم أو
القضاء . ويندرج في هذا
القسم ما هو
المتعارف اليوم في محاكم
الاستئناف و
التمييز من نقض
المحكمة الأعلى صلاحيةً لحكم المحكمة
الأدنى صلاحيةً.
وتفصيل ذلك موكول إلى مصطلح (قضاء).
والإبطال بهذا المعنى يرجع إلى الشارع أيضاً بمعنى انّ الشارع هو الذي يسلّط الحاكم على الإبطال، فمن دون جعل
السلطة و
الولاية له على الإبطال والحكم بنفوذ حكمه شرعاً لا يحق له ذلك ولا ينفذ إبطاله، إلّا انّه حيث جعل له حق الإبطال كان له أن يبطل في حدود ما سلّطه الشارع عليه فيكون الابطال بحكمه و
إنشائه أوّلًا وبإمضاء الشارع
بإعطائه السلطنة والولاية عليه ثانياً.
كإبطال
البيع وفسخه من قبل من له حق الفسخ أو إبطال المالك للبيع الفضولي في ماله أو إبطال السيد
نكاح عبده، فإنّ الإبطال في هذه الموارد يكون بانشاء من جعل له السلطنة وحق رفع أثر المعاملة وفسخها بقاءً أو ردّها وإبطالها من أوّل الأمر، ويكون الإبطال بانشائه وحكمه أوّلًا وبامضاء الشارع له ثانياً، وهذا هو فرق هذين القسمين عن الإبطال الشرعي المباشر- القسم الأوّل-.
وأمّا الإبطال ممّن لا سلطنة له شرعاً على الإبطال و
التنفيذ وإنّما يتحقق بفعله قهراً كإبطال نكاح
الزوجة الصغيرة
بإرضاع الزوجة الكبيرة لها فهو إبطال شرعي، والزوجة الكبيرة إنّما حقّقت صغرى الحكم الشرعي ببطلان النكاح أو
انفساخه .
هو الافساد و
إمحاء الشيء حقيقة سواء كان حسيّاً أو نظرياً و
معنوياً. ومن هذا الباب إبطال كتب الضلال وإبطال الباطل وإبطال
الرأي وإبطال دعوى
النبوة ونحو ذلك فانّه وإن لم يكن للرأي وجود حقيقي في عالم
الأعيان إلّا أنّه له وجود حقيقي في عالم
الأذهان على ما هو مقرّر عند
المناطقة .
الموسوعة الفقهية، ج۳، ص۲۷-۲۹.