و الفرق بين الإطراء والمدح: أنّ الإطراء هو المدح في الوجه ، ومنه قولهم: الإطراء يورث الغفلة ، يريدون بذلك المدح في الوجه، والمدح يكون مواجهة وغير مواجهة.
من حيث إنّها تكمن في كيفية الإخبار لا في مطابقة الخبر للواقع.
نعم، لو كان فيها زيادة على الواقع - كما لو قال: حججت مئة مرة- وهو لم يحج سوى خمس مرات كان كذباً، كما ذهب إليه السيّد الخوئي حيث قال: «إذا كانت المبالغة بالزيادة على الواقع كانت كذباً حقيقة، كما إذا أعطى زيداً درهماً فيقول: أعطيته عشرة دراهم، أو إذا زار الإمام الحسين عليه السلام أو بقية المشاهد المشرّفة أو الكعبة المكرّمة مرّة واحدة فيقول: زرت عشرين مرّة، ومن هذا القبيل تأدية المعنى بلفظ واحد موضوع للكثرة والمبالغة، كإطلاق الضرّاب على الضارب، فإنّه إخبار عن الكثرة بالهيئة . نعم لو قامت قرينة خارجية على إرادة الواقع وكون استعمال اللفظ فيه لأجل المبالغة فقط لما كان كذباً.
ومثله ما هو متعارف بين المتحاورين من استعمال بعض الفصول من الأعداد في مقام التكثير و الاهتمام ، كلفظ سبع أو سبعين أو ألف، فيقول المولى لعبده مثلًا:
لو اعتذرت منّي ألف مرّة لما قبلت عذرك ».
وأمّا إذا استلزم الإطراء الكذب فهو حرام. وأمّا الشعرالمشتمل على المدح والإطراء، فإن كان مضمونه مطابقاً للواقع ولا مبالغة فيه فلا بأس به في نفسه، وإلّا فإن أمكن حمله على ضرب من المبالغة كان جائزاً أيضاً، وإلّا كان كذباً محضاً كسائر أنواع الكذب.
وربّما قيل بعدم إلحاقه بالكذب مطلقاً؛ لأنّ الكاذب يرى الكذبصدقاً ويروّجه، وليس غرض الشاعر أن يصدق في شعره، وإنّما هو صناعة، كما أنّ التشبيب بغير المعيّن فنّ للشاعر، وغرضه به إظهار الصنعة في هذا الفن لا تحقيق المذكور ، فلا يخلّ بالعدالة . وعلى تقدير حلّه فالإكثار منه مكروه، على ما وردت به الروايات .