الارتداد (الجماعي)
احفظ هذه المقالة بتنسيق PDF
لتصفح عناوين مشابهة، انظر
الارتداد (توضيح) .
المراد هو قوم كفروا أي ارتدوا بعد
إسلامهم .
أهل الردّة بعد
رسول اللَّه صلى الله عليه وآله وسلم ضربان:
الأوّل: قوم كفروا- أي ارتدّوا- بعد
إسلامهم ، مثل
مسيلمة وأصحابه وكانوا مرتدّين بالخروج من الملّة بلا خلاف.
الثاني: قوم منعوا
الزكاة مع مقامهم على الإسلام وتمسّكهم به، فسمّوا كلّهم أهل الردّة، إلّا أنّهم ليسوا أهل الردّة عندنا.
والمراد بالارتداد الجماعي هو الأوّل، أي تفارق الإسلام جماعة من أهله دون الثاني، قال
الشيخ : إنّ الجماعة الثانية منهم ليسوا أهل الردّة عندنا.
ولم يتعرّض أكثر الفقهاء للارتداد الجماعي، وإنّما عدّوا- تبعاً للأخبار- بعض الفرق من المرتدّين،
كالخوارج والغلاة وغيرهم ممّن ينتحلون الإسلام.والمستفاد من كلمات الفقهاء والجمع بينها أنّ الارتداد الجماعي إذا كان بنحو الخروج عن الإسلام
وإنكاره والدخول في ملّة اخرى
كالنصرانيّة والمجوسيّة واليهوديّة ، أو ملّة ودين آخر جديد، فحكمه حكم المرتدّ المتقدّم.
وأمّا إذا كان بنحو
انتحال الإسلام ولكن مع إحداث بدعة فيه كالغلاة والمجسّمة والخوارج والنواصب، فهذا القسم من
الارتداد يختلف عمّا سبق ببعض الأحكام، نشير إليها إجمالًا فيما يلي:
۱- يجب قتال أهل الردّة
وجهادهم لو كانوا في منعة مقدّماً على قتال أهل الحرب.
قال الشيخ الطوسي: «إذا كان المرتدّون في منعة فعلى الإمام أن يبدأ بقتالهم قبل قتال أهل
الكفر الأصلي من أهل الحرب؛
لإجماع الصحابة على ذلك».
وقال
الشهيد : «لو كان المرتدّون في منعة بدأ
الإمام بقتالهم قبل قتال الكفّار».
ثمّ إن كان لهم فئة يرجعون إليها يقاتلون مقبلين ومدبرين بحيث يتبع مدبرهم ويقتل منهزمهم وأسيرهم ويجهز على جريحهم.وأمّا إذا لم يكن لهم فئة فيقتصر على قتالهم من غير اتّباع ولا
إجهاز ولا قتل أسير.
قال
العلّامة الحلّي : «ومن طريق الخاصّة ما رواه
محمّد بن خالد عن
أبي البحتري عن جعفر عن أبيه عليهما السلام قال:«قال
عليّ عليه السلام: القتال قتالان: قتال لأهل الشرك لا ينفر عنهم حتى يسلموا أن يؤدّوا الجزية عن يدٍ وهم صاغرون، وقتال لأهل البغي لا ينفر عنهم حتى يفيئوا إلى أمر اللَّه أو يقتلوا».
ولا خلاف بين المسلمين كافّة في وجوب جهاد البغاة، وقد قاتل أبو بكر بن أبي قحافة طائفتين: قاتل أهل الردّة وهم قوم ارتدّوا بعد النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم، وقاتل ما بغى على الزكاة وكانوا مؤمنين، وإنّما منعوها بتأويل».
ولا تؤخذ
الجزية منهم، بل الحكم فيهم أن يعرض عليهم الإسلام، فإن أسلموا وإلّا قتلوا.
وكذا لا سبيل على أموال المرتدّين الخارجة عن دار الحرب، ولا ذراريهم على حال، ولا نسائهم المقيمات على الإسلام،
إلّا أن يرتددن فتسبى نساؤهم وأطفالهم حينئذٍ بعد
الاستتابة وعدم التوبة.
۲- تقبل توبة أهل الردّة ممّن ينتحل الإسلام مطلقاً، وإن كانوا فطريّين، كما صرّح بذلك بعض الفقهاء.
وقد استفاد
المحقّق النجفي ذلك بملاحظة النصوص
الواردة في كفر الغلاة والمفوّضة والواقفيّة وغيرهم ممّن هم محكوم بكفرهم؛ فإنّ في بعضها التصريح بقبول توبة
الغالي، والغالب في ارتداد فرق
الشيعة كونه عن فطرة.
قال
الشهيد الثاني في البغاة: «أمّا البغاة فإنّهم عندنا كفّار مرتدّون فقد يطلب نقلهم إلى الإسلام مع
الإمكان .
فإن قيل: إذا كانوا مرتدّين فارتدادهم فطري، فكيف يطلب إسلامهم مع أنّه لا يقبل توبة هذا القسم من المرتدّين عندنا؟قلنا: قد قبل عليّ عليه السلام توبة من تاب من الخوارج وهو أكثرهم... وهذا يدلّ على أنّ لهذا النوع من المرتدّين حكماً خاصّاً، وجاز أن يكون السبب- مع النصّ- تمكّن الشبهة من قلوبهم، فيكون ذلك عذراً في قبول توبتهم قبل دفعها، كما أنّ أحكام المرتدّين ليست جارية عليهم مع التوبة».
وقريب منه كلام المحقّق النجفي.
ويمكن أن يقال في وجه ذلك أيضاً بأنّ من ينتحل الإسلام عنواناً لا يكون مشمولًا لأدلّة الارتداد وأحكامه المتقدّمة، وإن حكم بكفرهم واقعاً؛ لأنّ الكفر الواقعي غير انتحال الكفر.
۳- لا يجب
القضاء والإعادة على أهل الردّة لما أوقعوه من
صلاة أو صيام أو
حجّ صحيحاً وفق معتقدهم حال ضلالهم وارتدادهم لو استبصروا ورجعوا إلى الحقّ، كما ذكره جماعة من الفقهاء،
بل هو ظاهر من حكم بإجزاء ما أتى به المخالف وفق معتقده الذي مقتضاه عدم الفرق بين من حكم بكفره كالناصبي وغيره.
وتدلّ عليه- مضافاً إلى الإجماع الظاهر من عبارة
الروض واستظهر ذلك في
جواهر الكلام،
- الأخبار المستفيضة
الواردة في المقام.نعم استثنى من الحكم فريضة الزكاة، فلا بدّ إذاً من إعادة دفع الزكاة بعد
الاستبصار .
الموسوعة الفقهية، ج۸، ص۴۵۵-۴۵۷.