الاضحية (الحيوان المنذور لها)
احفظ هذه المقالة بتنسيق PDF
لتصفح عناوين مشابهة، انظر
الاضحية (توضيح) .
الاضحيّة
الشاة التي تذبح ضحوة يوم
العيد بمنى وغيره، فيطلقونها
الفقهاء على ما يذبح أو ينحر من
النعم يوم
عيد الأضحى وما بعده، إلى ثلاثة أيّام، بمنى وغيرها من
الأمصار تبرّعاً، متقرّباً بها إلى
اللَّه تعالى وقت الضحى و
ارتفاع النهار غالباً. ثم إذا نذر أن يضحّي بحيوان معيّن ممّا يملكه فهناك أحكام.
المشهور بين
الفقهاء زوال
ملكية مالك الاضحيّة المنذورة إذا كانت معيّنة، وكونها
أمانة في يد مالكها للمساكين.
ومن هنا صرّحوا
ببطلان بيعها؛ لأنّه بيع مال الغير،
بناءً على المبنى القائل ببطلان بيع مال الغير بغير
إذنه . وخالفهم
المحقّق الأردبيلي حيث ذهب إلى أنّ مجرّد النذر لا يوجب خروج المال عن ملك صاحبه، وحينئذٍ لا يسقط استحباب
الأكل منها بعد
النذر .
هذا، ولكنّ النذر بالنسبة إلى الاضحيّة المعيّنة يقضي بوجوبها، والعمل به ينافي
استمرار ملكيّتها. ومن هنا عبّر الفقهاء عنها بأنّها أمانة حينئذٍ بيد صاحبها للمساكين.
واستحباب الأكل لصاحبها لا ينافي زوال ملكيّته لها؛ لما يترتّب على
عنوان أكل صاحب الاضحيّة، سواء كانت ملكيّته باقية حين
التضحية أو زائلة بالنذر وشبهه.
ومن هنا قال
المحقّق النجفي بعدم سقوط استحبابه بالنسبة للُاضحيّة الواجبة بالنذر؛
اعتماداً على إطلاق الأدلّة.
يتبع ولد الاضحيّة امّه، سواء كان
الحمل قبل
التعيين للتضحية أو بعده.
قال
الشيخ الطوسي : «إذا اشترى شاة فجعلها اضحيّة، فإن كانت حاملًا تبعها ولدها، وإن كانت حائلًا فحملت فمثل ذلك».
وتبعه
العلّامة الحلّي .
واستدلّ له بأنّ التعيين يزيل
الملك عنها، فاستتبع الولد كالمعتق، مضافاً إلى رواية
سليمان بن خالد عن
أبي عبد اللَّه عليه السلام قال: «إن نتجت بدنتك فاحلبها ما لا يضرّ بولدها، ثمّ انحرهما جميعاً»، قلت: أشرب من لبنها وأسقي؟ قال: «نعم».
وتبعيّة الولد للُاضحيّة لا ينافي جواز
الانتفاع من لبنها وصوفها وركوبها ما دام لم يضرّ ذلك بالاضحيّة وولدها، كما ذكره بعض الفقهاء
وصرّحت به هذه الرواية.
بناءً على أنّ تعيين الاضحيّة بالنذر يخرجها عن ملك صاحبها، لتكون أمانة في يده للمساكين، لو أتلفها
بتفريط فعليه ضمانها بقيمة يوم التلف، فإن وجد بالقيمة شاتين تجزي كلّ واحدة منهما في الاضحيّة فعليه
إخراجهما معاً، كما صرّح بذلك بعض الفقهاء.
وكذا لو أتلفها شخص آخر فعليه قيمة يوم التلف أيضاً،
ولو أمكن أن يشتري بها اضحيّة أو أكثر فعليه ذلك، وإن لم يمكنه شراؤها تصدّق بها.
ولو تلفت الاضحيّة في يده أو سرقت من غير تفريط لم يضمن كما صرّح به بعضهم.
ويدلّ على ذلك صحيحة
معاوية بن عمّار ، حيث قال: سألت أبا عبد اللَّه عليه السلام عن رجل اشترى اضحيّة فماتت أو سرقت قبل أن يذبحها؟ قال: «لا بأس، وإن أبدلها فهو أفضل، وإن لم يشتر فليس عليه شيء».
وصرّح جمع من الفقهاء بأنّ من أوجب على نفسه اضحيّة متعيّنة سليمة عن
العيوب ، ثمّ حدث بها عيب يمنع
الإجزاء من غير تفريط لم يجب عليه
إبدالها ، وأجزأه ذبحها.
ويدلّ عليه المرسل الوارد في كتب
الجمهور عن
أبي سعيد الخدري ، أنّه قال: اشتريت كبشاً لُاضحّي به، فعدى
الذئب فأخذ منه الألية، فسألت
رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عن ذلك، فقال: «ضحّ به».
لو عيّن حيواناً معيباً، ثمّ زال عنه عيبه، فاختار العلّامة الحلّي
أنّه لا يقع موقع الاضحيّة؛ لأنّه أوجب على نفسه ما لا يجزئ عن الاضحيّة، بل كانت
صدقة واجبة، فيجب ذبحها و
التصدّق بلحمها، ويثاب على الصدقة لا على الاضحيّة، بناءً على
اعتبار الصفات المحدّدة في مطلق الأضاحي من الواجبة والمندوبة.
وأمّا بناءً على عدم اعتبار بعضها في المندوبة- كما قال به
السيّد الخوئي بالنسبة إلى صفة
الإخصاء و
المهزولية فيمكن أن يعيّن الناذر
الحيوان الخصي والمهزول بعنوان الاضحيّة، ويجزيه عنها.
وكذا لو نذر اضحيّة مطلقة فإنّه تلزمه
سليمة من العيوب، فإن ذبحها معيبة لم تجزئه عن التي في ذمّته، وكان عليه إخراج ما في ذمّته سليماً من العيوب.
وإذا نذر اضحيّة من غير تعيين فطبّقها الناذر على حيوان معيّن وتلف بالسرقة أو
الغصب أو سبب آخر، وجب عليه
البدل ؛ لأنّ مع
التطبيق على
المصداق لا يتعيّن مورد النذر، فلابدّ له من
إبراء ذمّته من النذر الواجب، كما صرّح بذلك المحقّق النجفي، حيث قال: «فإنّه مع تعيينه له في فرد لا يتعيّن».
وإذا عيّنها بالنذر فذبحها
أجنبي يوم النحر بدون إذن صاحبها، قال الشيخ الطوسي: «وقعت موقعها»،
وتبعه بعض آخر.
وفصّل
المحقّق والعلّامة الحلّي في بعض كتبه بين كون نيّة الذابح التضحية عن صاحبها وعدمها،
فقالا بالإجزاء في الصورة الاولى فقط، وتبعهما المحقّق النجفي.
واستدلّ للإجزاء بالإجماع،
ولعدم الإجزاء في صورة عدم النيّة
بالأصل ، وبعدم سقوط النيّة المعتبرة في كلّ عمل بالنذر، ولكن ينكشف عند
إمكانه ، ويبطل النذر لا محالة، كما في صورة
الضياع .
إذا ضلّت أو غُصبت أو ضاعت الاضحيّة المتعيّنة بالنذر من غير تفريط، فلا
ضمان على صاحبها، كما صرّح به بعض الفقهاء،
وإن عادت بعد الغصب أو الضياع وكان وقت
الذبح باقياً ذبحها، وإن فات الوقت ذبحها قضاءً، كما اختاره جملة من الفقهاء.
وخالف في ذلك
الفاضل النراقي ،
وتردّد المحقّق النجفي في وقوع الذبح بعد الوقت قضاءً،
كما صرّح بعدم وقوعه بعد الوقت مورداً
للوفاء بالنذر.
الموسوعة الفقهية، ج۱۳، ص۴۰۶-۴۱۰.