الانفراد في الشهادة
احفظ هذه المقالة بتنسيق PDF
قد يفهم من هذا العنوان إحدى صورتين من صور
الشهادة ، هما: انفراد الشخص الواحد بالشهادة، وانفراد أحد الجنسين بالشهادة، كما في
انفراد الرجال في رؤية
الهلال ، أو انفراد النساء في الشهادة على ما لا يجوز للرجال النظر إليه.
لا يمكن قبول الشاهد الواحد في
إثبات شيء من حقوق اللَّه، سواء كان من قبيل الزنى
واللواط أو
السحق أو من قبيل شرب الخمر والردّة أو السرقة، وإن كان الأخير فيه حقّ الناس أيضاً، وحتى لو انضمّ إليه اليمين. بل حتى في إثبات حقوق الناس لا يمكن
الاعتماد على الشاهد الواحد إلّامع ضمّ اليمين إليه وفي خصوص الديون والأموال، كالقرض والقراض والغصب، وعقود المعاوضات مثل
البيع والصرف والسلم
والإجارة والمساقاة والرهن، دون غيرها من الحقوق.
تارةً ينفرد الرجال بالشهادة واخرى تنفرد النساء، فهنا صورتان:
هناك بعض الحقوق لا تثبت إلّا بشاهدين ذكرين، فلا تجزي فيه النساء منضمّة فضلًا عن الانفراد. وهذه من حقوق الناس التي قال
الشهيد الأوّل في ضابطها: «وضبط الأصحاب ذلك بكلّ ما كان من حقوق
الآدميين ليس مالًا،ولا المقصود به المال»،
وممّا اتّفق عليه من ذلك هو
الطلاق ورؤية الهلال.أمّا في حقوق اللَّه فيثبت منه بشاهدين ذكرين عدلين الجنايات الموجبة للحدود كالسرقة وشرب الخمر والردّة والقذف، وغير ذلك من حقوق اللَّه ممّا لا حدّ فيه،
كالزكاة والخمس والكفّارات والنذور
والإسلام ، بل قيل: وكذا ما يشتمل على الحقّين
كالبلوغ والولاء والعدّة والجرح والتعديل والعفو عن القصاص.
هناك مواضع جوّز الشارع فيها شهادة النساء منفردات، وهذه المواضع من جملة حقوق الناس، فيثبت بشهادتهنّ الولادة والاستهلال وعيوب النساء الباطنة كالقرن ونحوه، وضابطه كلّ ما يعسر اطّلاع الرجال عليه غالباً.ووقع في قبول شهادتهنّ منفردات في إثبات
الرضاع خلاف بين الأصحاب، فقد ذهب جمع منهم إلى عدم القبول، منهم
الشيخ الطوسي ، حيث ذكر أنّه لا تقبل شهادة النساء في الرضاع لا منفردات ولا منضمّات إلى الرجال.
وقال في
المبسوط : «شهادة النساء لا تقبل في الرضاع عندنا، وتقبل في
الاستهلال والعيوب تحت الثياب
والولادة ».
وذهب جمع آخر إلى القبول.
كما أنّ المشهور ذهب إلى أنّ كلّ موضع يقبل فيه شهادة النساء لا يثبت بأقلّ من أربع نسوة.
نعم، استثني من كونهنّ أربع في خصوص
الوصيّة بالمال وميراث المستهلّ- أي ميراث الحمل الذي تضعه امّه بعد موت أبيه ثمّ يموت بعد الولادة، فتشهد امرأة على أنّه استهلّ وصرخ حين الولادة ثمّ مات بعد الوضع- بنصوص خاصّة
دلّت على أنّه يثبت جميع المشهود به بشهادة أربع، وثلاثة أرباعه بشهادة ثلاث، ونصفه بشهادة اثنتين، وربعه بشهادة المرأة الواحدة، ولا تقبل عندنا شهادة المرأة الواحدة في غير ذلك.
الموسوعة الفقهية، ج۱۸، ص۳۷۳-۳۷۵.