الطهور قبل الاستنجاء
احفظ هذه المقالة بتنسيق PDF
المشهور بين الفقهاء
- شهرة كادت تكون
إجماعاً ، بل ادّعي أنّها كذلك
- عدم وجوب
إعادة الوضوء عند ترك
الاستنجاء عمداً أو سهواً.
واستدلّوا لذلك- مضافاً إلى
الأصل - بروايات
:منها: صحيحة
ابن اذينة ، قال: ذكر
أبو مريم الأنصاري أنّ الحكم بن عتيبة بال يوماً ولم يغسل ذكره متعمّداً، فذكرت ذلك
لأبي عبد اللَّه عليه السلام، فقال: «بئس ما صنع! عليه أن يغسل ذكره، ويعيد صلاته، ولا يعيد وضوءه».
ومنها: صحيحة
ابن أبي نصر ، قال:قلت لأبي عبد اللَّه عليه السلام: أبول وأتوضّأ وأنسى استنجائي ثمّ أذكر بعدما صلّيت، قال: «اغسل ذكرك، وأعد صلاتك، ولا تعد وضوءك».
ولم يخالف المشهور في ذلك إلّا
الصدوق الذي ذهب إلى وجوب إعادة
الوضوء بترك الاستنجاء من البول دون الغائط،
عملًا بروايات
مذكورة في هذا المجال:
منها: صحيحة
سليمان بن خالد عن
الإمام الباقر عليه السلام: في الرجل يتوضّأ فينسى غسل ذكره، قال: «يغسل ذكره، ثمّ يعيد الوضوء».
ومنها: موثقة أبي بصير، قال: قال أبو عبد اللَّه عليه السلام: «إن أهرقت الماء ونسيت أن تغسل ذكرك حتى صلّيت فعليك إعادة الوضوء، وغسل ذكرك».
واورد على
الاستدلال بهاتين الروايتين:
أوّلًا:
بإمكان حمل الوضوء الوارد فيهما على الاستنجاء،
كما يظهر ذلك من بعض الأخبار، كرواية
روح بن عبد الرحيم قال:... فلمّا انقطع شخب البول قال بيده هكذا إليَّ، فناولته الماء، فتوضّأ مكانه.
ونوقش فيه أوّلًا: بأنّه خلاف الظاهر، بل الظاهر
إرادة الوضوء في نفس المكان، كما أنّ ظاهر الروايات المتقدّمة لزوم إعادة الوضوء بعد الاستنجاء.وثانياً: بأنّ الأمر فيهما باعادة الوضوء يحمل على
الاستحباب بقرينة الروايات الاخرى المتعدّدة والصريحة في عدم لزوم إعادة الوضوء، وإنّما اللازم إعادة الصلاة فحسب؛ لوقوعها بلا
طهارة عن
الخبث .
ونوقش فيه بأنّه إنّما يصح ذلك فيما إذا كان الأمر في المتعارضين مولوياً، وليس
الأمر كذلك؛ لأنّ الأمر بالاعادة في الطائفة الاولى إرشاد إلى
بطلان الوضوء واشتراطه بالاستنجاء.
وثالثاً: بأنّ ما دلّ على لزوم الإعادة محمول على
التقية ، فالمتعيّن هو العمل بما دلّ على عدم لزوم الإعادة، وعلى تقدير
التعارض والتساقط فالمرجع هو إطلاق أدلّة الوضوء المقتضية للإجزاء؛ لعدم تقييدها بالاستنجاء حتى يكون شرطاً في صحّته،
فتكون النتيجة
الإجزاء وعدم الإعادة وعدم اشتراط الاستنجاء في صحّة الوضوء.
كما أنّ مقتضى الأصل العملي الاجتزاء أيضاً،
بناءً على ما هو الصحيح والمقرّر في محلّه من جريان
البراءة عند الشكّ في شرطيّة شيء أو جزئيته في المأمور به.ثمّ إنّه كما لا تجب إعادة الوضوء لترك الاستنجاء كذلك لا تجب إعادة
التيمم لذلك، كما صرّح به جماعة.
ورغم ذهاب المشهور إلى عدم وجوب إعادة الوضوء بترك الاستنجاء إلّاأنّ الكثير منهم حكموا باستحبابه. نقلًا عن ابن أبي عقيل، قال: «الأولى إعادة الوضوء بعد الاستنجاء».
واستدلّ له بأنّ ذلك هو مقتضى الجمع بين الأخبار المتعارضة.
إلّاأنّ بعض الفقهاء ناقش في صحّة هذا الجمع وعرفيّته في الأوامر والنواهي الوضعيّة الظاهرة في
الإرشاد إلى الشرطيّة أو المانعيّة؛ لعدم تعقّل المراتب في ذلك، بخلاف الأوامر التكليفيّة.
الموسوعة الفقهية، ج۱۲، ص۲۴۵-۲۴۷.