الظهار
احفظ هذه المقالة بتنسيق PDF
والمراد به هنا تشبيه المكلّف من يملك نكاحها بظهر محرّمة عليه أبداً
بنسب أو
رضاع أو
مصاهرة أيضاً، وهو محرّم، وإن تترتّب عليه الأحكام؛ وينعقد بقوله: أنت علي كظهر أمي، وإن اختلفت حرف الصلة؛ وكذا يقع لو شبهها بظهر ذوي رحم نسبا، ورضاعا؛ ولو قال كشعر أمي أو يدها لم يقع، وقيل: يقع برواية فيها ضعف؛ ويشترط أن يسمع نطقه شاهدا عدل؛ وفي صحته مع الشرط روايتان، أشهرهما: الصحة؛ ولا يقع في
يمين ولا
إضرار ولا
غضب ولا
سكر؛ ويعتبر في المظاهر
البلوغ، وكمال
العقل،
والاختيار،
والقصد؛ وفي المظاهرة طهر لم يجامعها فيه، إذا كان زوجها حاضرا ومثلها تحيض؛ وفي اشتراط الدخول تردد، المروى: الاشتراط؛ وفي وقوعه بالتمتع بها قولان، أشبههما: الوقوع، وكذا الموطوءة بالملك، والمروى: أنها كالحرة؛ وههنا مسائل: الاولى،
الكفارة تجب بالعود وهو إرادة
الوطء؛ والاقرب أنه لا استقرار لوجوبها؛ الثانية، لو طلقها وراجع في
العدة لم تحل حتى يكفر؛ ولو خرجت فاستأنف
النكاح، فيه روايتان، أشهرهما: أنه لا كفارة؛ الثالثة، لو ظاهر من أربع بلفظ واحد لزمه أربع كفارات؛ وفي رواية كفارة واحدة وكذا البحث لو كرر ظهار الواحدة؛ الرابعة، يحرم الوطؤ قبل التكفير؛ فلو وطئ عامدا لزمه كفارتان، ولو كرر لزمه بكل وطئ كفارة.
وهو فِعال من الظهر، اختصّ به الاشتقاق لأنّه محلّ الركوب في المركوب، والمرأة مركوب الزوج، والمراد به هنا تشبيه المكلّف من يملك نكاحها بظهر محرّمة عليه أبداً
بنسب أو
رضاع أو
مصاهرة أيضاً، وهو محرّم، وإن تترتّب عليه الأحكام؛ لقوله سبحانه «وَإِنَّهُمْ لَيَقُولُونَ مُنْكَراً مِنَ الْقَوْلِ وَزُوراً»
.
لكن قيل: إنّه لا
عقاب فيه؛ لتعقّبه بالعفو
.
ويضعّف بأنّه وصف مطلق، فلا يتعيّن كونه عن هذا
الذنب المعيّن، لكن المستفاد من بعض المعتبرة
تعلّقه به، إلاّ أنّه بالنظر إلى المظاهر الذي نزلت
الآية في شأنه.
وينعقد بقوله: أنت عليّ كظهر أمّي قاصداً إليه، إجماعاً، والنصوص به مستفيضة
، لكنّها متّفقة بذكر هذه العبارة التي لم تختلف فيها حروف الصلة، لكن ظاهر
الأصحاب الاتفاق على الانعقاد وإن اختلفت حروف الصلة بأن بدّلت «أنتِ» بهذه، أو زوجتي، أو فلانة، و «علي» بمنّي، أو عندي، أو معي، بل صرّح بالإجماع بعضهم
، وهو
الحجة فيه، مع إمكان التمسّك بإطلاق الآية.
وبه يصحّ ما عن الأكثر
من الانعقاد ولو مع حذف الصلة، كأن يقول: أنتِ كظهر أمّي.
خلافاً
للتحرير، فاستشكل فيه؛ لعدم الصراحة، واحتمال إرادة التحريم على غيره.
وردّ بالبُعد، وكفاية الظهور
.
وهو حسن إن قام دلالة على الكفاية، وإلاّ فأصالة
الإباحة تنافيها، بل تحوج إلى الصراحة كما في
الطلاق، ولا ريب أنّ ما ذكروه أحوط.
وكذا يقع لو شبّهها بظهر امرأة ذي رحم مطلقاً نسباً كان أو رضاعاً على الأشهر الأقوى، بل ربما أشعر عبارة
الطوسي والمهذّب بالإجماع عليه منّا، وهو الحجّة.
مضافاً إلى الصحيحين، في أحدهما: عن الظهار؟ فقال: «هو عن كل ذي محرم
أُمّ، أو
أُخت، أو عمّة، أو خالة، ولا يكون الظهار في
يمين» قلت: فكيف؟ قال: «يقول الرجل لامرأته وهي طاهرة في غير جماع: أنتِ عليّ حرام مثل ظهر أُمّي أو أُختي، وهو يريد بذلك الظهار»
. وفي الثاني: الرجل يقول لامرأته: أنتِ عليّ كظهر عمّته أو خالته، قال: «هو الظهار»
.
وعموم الأوّل يشمل المحرّمات الأبديّة ولو بالمصاهرة، وبه أفتى في
المختلف، ووافقه جماعة
، ولا يخلو عن قوّة.
خلافاً للحلّي
فيمن عدا الأُمّ النسبي مطلقاً، فنفاه؛ اقتصاراً فيما خالف الأصل على مورد الكتاب وما أجمع عليه الأصحاب. وهو حسن على أصله، مدفوع على غيره؛ لمكان الصحيحين.
نعم في الصحيح: يقول الرجل لامرأته: أنتِ عليّ كظهر أختي، أو عمّتي، أو خالتي، فقال: «إنّما ذكر الله تعالى الأُمّهات، وإنّ هذا لحرام»
.
وردّ بأنّه لا دلالة فيه على نفيه، مع أنّه أجاب بالتحريم.
وفيه نظر؛ فإنّ ظهوره فيما ذكره لا يمكن أن ينكر، نعم ما ذكره محتمل، فليست الدلالة صريحة، ومعه قصرت
الرواية عن المقاومة للخبرين مع تعدّدهما، واعتضادهما
بالفتوى، وبالإجماع الذي مضى.
ووافقه غيره
، لكن عمّم الامّ للرضاعيّة، إمّا لصدق الامّ عليها حقيقة، أو لحديث: «يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب»
وفيهما نظر، سيّما الأوّل.
ووافقه
القاضي في تخصيص الامّ بالنسبية، كما حكي، إلاّ أنّه عدّى الحكم إلى من عدا الأُمّ النسبية من ذوات الأرحام نسباً؛ تمسّكاً في التخصيص، بالنسب إلى ما مرّ من
الأصل، وفي التعميم إلى من عدا الامّ بالصحيحين، زاعماً عدم عمومٍ فيهما يوجب التعدية إلى المحرّمات رضاعاً؛ لتبادر المحرم النسبي من ذي محرم وعمّة وأُخت.
وفيه نظر؛ لعدم الحكم للتبادر مع العموم اللغوي وما في حكمه، فهو ضعيف، كموافقة الأكثر له في عدم التعدية إلى المحرّمات بالمصاهرة؛ لعموم كل ذي محرم لها؛ مضافاً إلى الاشتراك في العلّة، وهي كونه منكراً وزوراً، كذا ذكره
شيخنا العلاّمة، ولعلّه لا يخلو عن مناقشة.
ولو شبّهها بكلّها، كأنتِ مثل أُمّي، أو بغير الظهر من أعضائها، كما لو قال أنتِ كشعر أُمّي أو يدها أو شبّه عضواً منها بكلّها، كأن يقول: يدكِ كأُمّي، أو بأحد أعضائها لم يقع على الأصحّ، وفاقاً للأكثر، بل في
الانتصار الإجماع عليه؛ اقتصاراً فيما خالف الأصل على محلّ
الوفاق والنصّ المعتبر.
مضافاً إلى النظر إلى الاشتقاق، وظهور الصحيح المتقدّم في الحصر في التشبيه بالظهر، حيث سئل عن الظهار وأنّه كيف هو؟ فأجاب بأنتِ حرام مثل ظهر أُمّي.
وقيل
: يقع لاعتبارات قياسية غير مسموعة في نحو المسألة، نعم للمصير إلى الوقوع في الثاني خاصّة وجه بسبب رواية سدير، عن
أبي عبد الله (علیهالسّلام) قال: قلت له: الرجل يقول لامرأته: أنتِ عليّ كشعر أُمّي، أو كبطنها، أو كرجلها قال: «ما عنى؟ إن أراد به الظهار فهو الظهار»
ونحوها اخرى
.
لكن فيها كالثانية ضعف ومع ذلك موافقة للعامة، كما في الانتصار
، فلا يخرج بهما عن الأصل، سيّما مع اعتضاده بالشهرة والإجماع المتقدّم، ويعارض به
الإجماع المدّعى في
الخلاف على الوقوع في الثاني لو تمسك به، مع أنّه موهون بمصير الأكثر إلى الخلاف.
لكن
الأحوط ذلك، بل الوقوع مطلقاً، سيّما لو شبّهها بكلّها؛ لاحتمال الوقوع فيه بالفحوى، وإن كان لا يخلو عن نظر جدّاً.
•
شروط الظهار، ويشترط فيه ما يشترط في
الطلاق؛ ويشترط أن يسمع نطقه شاهدا عدل
؛ وفي صحته مع الشرط روايتان، أشهرهما: الصحة
ونحوه صحيحان آخران
، معتضدان كالأوّل بإطلاق الآية
والنصوص؛ ولا يقع في
يمين، ولا
إضرار، ولا
غضب ولا
سكر؛ ويعتبر في المظاهر
البلوغ، وكمال
العقل،
والاختيار،
والقصد؛ وفي المظاهرة طهر لم يجامعها فيه، إذا كان زوجها حاضرا ومثلها تحيض
؛ وفي اشتراط الدخول تردد، المروى: الاشتراط
؛ وفي وقوعه بالتمتع بها قولان، أشبههما: الوقوع، وكذا الموطوءة بالملك، والمروى: أنها كالحرة
.
رياض المسائل في تحقيق الأحكام بالدّلائل، الطباطبائي، السيد علي، ج۱۲، ص۳۷۵-۴۰۲.