حكم المطهرات
احفظ هذه المقالة بتنسيق PDF
هنا يأتي البحث عن المطهرات وأحكامها ورفع النجاسة بالمطهرات.
(إذا جففت الشمس) في المختصر المطبوع :
الشمس إذا جففت..عينها
بالإشراق (البول أو غيره) من النجاسات الزائلة عينها بها (عن الأرض والبواري والحصر) بل كل ما لا ينقل (جازت الصلاة عليه) مع اليبوسة المانعة عن السراية إجماعا، ومطلقا على الأظهر، بناء على
الطهارة كما هو الأشهر بين الطائفة، بل عليه
الإجماع في خصوص البول والأمور الثلاثة في العبارة عن الخلاف،
وعن الحلّي، لكن في تطهير الشمس في الجملة.
والأصل في الطهارة بعد حكايات الإجماع المزبورة : خصوص المعتبرة، منها الصحيح : عن البول يكون على السطح أو في المكان الذي أصلّي فيه، فقال : «إذا جففته الشمس فصلّ عليه فهو طاهر».
وحمل الطهارة على
النظافة دون المعنى المتشرعة يأباه سياق الرواية.
واختصاصها بالبول والأرض خاصة غير قادح بعد التمامية في الثاني بعدم القائل بالفرق بينه وبين أخويه، وفي الأمرين بعموم المعتبرة، منها الرضوي : «ما وقعت عليه الشمس من الأماكن التي أصابها شيء من النجاسات مثل البول وغيره طهّرتها، وأما الثياب فإنها لا تطهّر إلّا بالغسل».
والخبر الذي قصور سنده بالشهرة قد انجبر : «ما أشرقت عليه الشمس فقد طهر».
وهما وإن عمّا ما ينقل حتى الثياب في الثاني، وما عداها في الأول، إلّا أنهما مخصّصان بما وقع على
إخراجه الإجماع.
وقريب منهما الموثق : عن الموضع القذر يكون في البيت أو غيره فلا تصيبه الشمس ولكنه قد يبس الموضع القذر، قال : لا تصلّ عليه واعلم الموضع حتى تغسله» وعن الشمس هل تطهّر الأرض؟ قال : «إذا كان الموضع قذرا من البول أو غير ذلك وأصابته الشمس ثمَّ يبس الموضع فالصلاة على الموضع جائزة، وإن أصابته الشمس ولم ييبس الموضع القذر وكان رطبا فلا تجوز الصلاة فيه حتى ييبس، وإن كانت رجلك رطبة أو جبهتك رطبة أو غير ذلك منك ما يصيب ذلك الموضع فلا تصلّ على ذلك الموضع القذر، وإن كان عين الشمس في بعض نسخ
التهذيب : «غير الشمس» كما سيشير إليه المصنف.أصابه حتى يبس فإنه لا يجوز».
والمناقشة في دلالتها أوّلا : بعدم التصريح فيها بالطهارة، إذ غايته الحكم بجواز الصلاة عليها الأعم منها ومن العفو عن النجاسة في الصلاة خاصة كما قال به جماعة،
وثانيا : بظهور الذيل في بقاء النجاسة، للتصريح بعدم الجواز مع
إصابة عين الشمس لها.مدفوعة : أما الأولى : فبعدم الحاجة إلى التصريح بعد الظهور من وجوه عديدة تظهر من سياق الرواية :
أحدها : السؤال عن الطهارة، ومراعاة
المطابقة بين السؤال والجواب تلازمها البتة.
وثانيها : النهي فيه عن الصلاة في الأرض الجافة بغير الشمس ثمَّ
الأمر بعده
بإعلام الموضع للغسل والإزالة، مع التصريح بجواز الصلاة في الجافة بها من دون أمر فيه بما أمر في السابق، وهو ظاهر في الطهارة، وإلّا لأمر بالإعلام للغسل كما في الصورة السابقة.
وثالثها : الحكم بجواز الصلاة كالصريح في الطهارة بعد ملاحظة الإجماعات المحكية المتجاوزة عن حدّ
الاستفاضة على اشتراط الطهارة في موضع السجدة، وبه تنادي أيضا الصحيحة السابقة حيث عقّب فيها الأمر بالصلاة بجملة «فهو طاهر» التي هي إمّا كالعلّة للحكم المحكوم به في الجملة السابقة، أو كالفرع له الملازم لدلالته على الطهارة، وإلّا لما توجّه التفريع عليه بالمرة.ومنه ينقدح وجه القدح في دعوى الأعمية في الحكم بجواز الصلاة من الطهارة واحتمال كون الوجه فيه هو العفو عن النجاسة، كما حكي عن الجماعة.مضافا إلى انقداح وجه آخر لفساد احتمال العفو، من إطلاق الحكم بالجواز من دون اشتراط عدم الرطوبة الموجبة للسراية، كما اشترطه هؤلاء الجماعة، فالإطلاق وجه آخر للدلالة على الطهارة.
وأما الثانية : فلتوقفها ـ بعد تسليمها ـ على النسخة المتقدمة، وهي معارضة بنسخة اخرى مبدّلة للعين بالغير، الظاهرة في الطهارة، مع
اعتضادها بتذكير الضمير في الإصابة، ومع ذلك فليس شيء منهما في (بعض) نسخ التهذيب في باب الزيادات بمروية.
هذا مع
إمكان تتميم الدلالة أيضا على النسخة السابقة بنوع من التوجيهات القريبة.وبالجملة : دلالة الرواية ـ كسابقتها ـ على الطهارة واضحة، مع التأيد بظواهر إطلاق الصحاح المجوّزة للصلاة على الأراضي اليابسة،
الخارجة منها اليابسة بغير الشمس بدلالة خارجية، ويكون ما نحن فيه مندرجا فيها البتة، والعام المخصّص في الباقي مسلّم الحجية عند الطائفة.مضافا إلى الاعتضاد بمعاضدات أخر، كالخبر : «حقّ على الله تعالى أن لا يعصى في دار إلّا أضحاها بالشمس ليطهّرها».
هذا مع أن بقاء النجاسة بعد زوال عينها بالشمس بالمرة من الأشياء المذكورة في العبارة ونحوها ـ ممّا لم يقطع ببقاء النجاسة فيها بعد زوال العين منها بها ـ يحتاج إلى دلالة هي في المقام مفقودة، كيف لا؟! ولا آية ولا رواية سوى الموثقة المختص الأمر فيها بالغسل بالأرض المخصوصة، اليابسة بغير الشمس، المنعقد على وجوب
الإزالة فيها إجماع الطائفة.وكذا الإجماع، كيف؟! ولا ينعقد ولا تسمع دعواه في مثل محل النزاع.
والاستصحاب على تقدير تسليم
اقتضائه بقاء النجاسة هنا فمقتضاه النافع لثمرة النزاع نجاسة الملاقي بالملاقاة. وهو حسن إن خلا عن المعارض بالمثل، وليس، كيف لا؟! والأصل أيضا بقاء طهارة الملاقي، ولا وجه لترجيح الأول عليه بل هو به أولى، كيف لا؟! والأصل طهارة الأشياء المسلّم بين العلماء ودلّت عليه أخبارنا، ففي بعضها : «كل شيء طاهر حتى تعلم أنه قذر»
ولا علم هنا بعد تعارض الاستصحابين وتساقطهما من البين، فلا مخصّص للأصالة المزبورة هنا. فتأمل جدا.ولو لا في المسألة من الأدلة سواها لكفانا الأخذ بها، وما أحوجنا شيء إلى
الاشتغال بغيرها.
ومنها يظهر وجه تعميم الطهارة لكل ما وقع فيه الخلاف من نجاسة وأمكنة، مضافا إلى عموم بعض المعتبرة المتقدمة، وإن اختلف الأصحاب فيه
بالإضافة إلى الأمرين إلى أقوال متعددة وآراء متكثرة، لكنها كملا ـ عدا ما وافق التعميم ـ في الضعف مشتركة.وأضعف منها القول ببقاء النجاسة وثبوت العفو عنها في الصلاة عليها مع اليبوسة خاصة، كما مرّت
الإشارة إلى حكايته عن جماعة.
نعم : هنا رواية صحيحة ربما أوهمت المصير إلى ما عليه هؤلاء الجماعة، وفيها : عن الأرض والسطح يصيبه البول أو ما أشبهه هل تطهّره الشمس من غير ماء؟ قال : «كيف يطهّر من غير ماء».
وهي مع وحدتها قاصرة عن المقاومة لما مرّ من الأدلة، ومع هذا محتملة لمحامل قريبة لا مندوحة عنها في الجمع بين الأدلة ولو كانت في التقدير بعيدة، وأقربها الحمل على التقية، لموافقتها مذهب جماعة من العامة كما حكاه بعض الأجلة.
هذا مع اقتضاء عدم الطهارة بإشراق الشمس العسر والحرج المنفيين آية
ورواية،
مع منافاته الملّة السهلة السمحة، مع إطباق الناس كافة في جميع الأزمنة على عدم إزالة النجاسة عن أمثالها بالماء،
والاكتفاء بالتطهير بالشمس خاصة فيما عدا الأمور المنقولة في أيّ نجاسة. فلا ريب في المسألة بحمد الله سبحانه.
(وهل تطهّر النار ما أحالته) في المختصر المطبوع : وهل تطهّر (أي الشمس) الأشبه نعم، والنار ما أحالته.رمادا أو دخانا؟ (الأشبه نعم) وهو الأشهر، بل عليه
الإجماع في دخان
الأعيان النجسة كما عن المنتهى والتذكرة،
ورمادها كما عن صريح الخلاف وظاهر
المبسوط ،
وفيهما معا كما عن السرائر،
وهو الأصل.مضافا إلى أصالة الطهارة السالمة عمّا يعارضها من الأدلة، سوى استصحاب النجاسة، وهو مع عدم كون المقام محلّه
اتفاقا معارض بمثله في طرف الملاقي، وقد مرّ إلى نظيره الإشارة. مع أن الأحكام الشرعية تابعة للأسماء الزائلة بالاستحالة.ومنه ينقدح الوجه في طهارة كل ما وقع فيه
الاستحالة ، بنار كانت أو غيرها.ومن الأدلة في المسألة : الخبران، في أحدهما الصحيح : عن الجصّ يوقد عليه بالعذرة وعظام الموتى ويجصّص به المسجد، أيسجد عليه؟ فكتب إليه بخطّه : «إن الماء والنار قد طهّراه».
وفي الثاني المروي في
قرب الإسناد ، عن علي بن جعفر، عن أخيه عليه السلام: عن الجصّ يطبخ بالعذرة أيصلح أن يجصّص به المسجد؟ قال : «لا بأس».
والمناقشة في دلالتهما واهية، كيف لا؟! وهما صريحتا الدلالة على جواز تجصيص المسجد (الممنوع من أن يدخل عليه مثل هذه النجاسة بإجماع الطائفة) ما بين القوسين ليست في «ش».بالجصّ ـ المسؤول عنه في الرواية ـ مع كونه مختلطا برماد العذرة البتة. وهو الوجه في دلالة الرواية، لا ما توهّم منه وأوردت به المناقشة.وبالجملة : لا ريب في الطهارة.خلافا للمبسوط في دخان الأعيان النجسة،
لوجه اعتباري مدفوع بما قدّمناه من الأدلة.وللماتن في الشرائع في كتاب الأطعمة حيث تردّد على
الإطلاق في الطهارة.
والمناقشة فيه بعد ما مرّ واضحة.
ثمَّ إن من أصالة الطهارة المؤسّسة هنا وفي المسألة السابقة يظهر وجه القوة في القول بالطهارة في كل ما وقع الخلاف في ثبوتها فيه من الأشياء المستحيلة استحالة لا يقطع معها بالخروج عن الأسماء السابقة، كصيرورة الأرض النجسة آجرا أو خزفا أو نورة أو جصّا، والعود النجس فحما، ونحو ذلك.لكن ربما يعتضد في ترجيح استصحاب النجاسة باستصحاب شغل الذمة اليقيني بالعبادة، الغير الحاصلة بالصلاة عليها أو مع ما لاقاها من الثياب المساورة لها بالرطوبة، فترجيحه بالإضافة إلى هذه الصورة، والرجوع فيما عداها إلى أصالة الطهارة المستفادة من الأدلة العامة غير بعيد إن لم يكن مثله
إحداث قول في المسألة.
وكيف كان : الأحوط مراعاة أصالة النجاسة البتة وإن كان القول بترجيح أصالة الطهارة مطلقا لا يخلو عن قوة حتى في العبادة، نظرا إلى أن أصالة بقاء شغل الذمة فيها مندفعة بعدم معلومية النجاسة، وبه يحصل
البراءة القطعية. كيف لا؟! واشتراط الطهارة في الصلاة ليس اشتراطا للواقعية منها بل للظاهرية، بمعنى وجوب التنزه فيها عن معلوم النجاسة، فيرجع الشرط إلى عدم العلم بالنجاسة، ولذا في المصلّي معها جاهلا قلنا بالمعذورية، فالبراءة اليقينية بمجرد عدم العلم بالنجاسة حاصلة، فقد خلت عن المعارض ـ زائدا على أصالة النجاسة ـ أصالة الطهارة، ويجب الرجوع فيما تعارضا فيه إلى أصالة الطهارة العامة المستفادة من قوله عليه السلام في الموثقة : «كل شيء طاهر حتى تعلم أنه قذر» وأمثاله كثيرة.
(وتطهّر الأرض) بالمشي عليها أو الدلك بها مع يبوستها (مطلقا) طاهرة كانت أم لا، كما عن جماعة من أصحابنا،
واستفيد من بعض أخبارنا،
أو مطلقا ولو كانت رطبة، كما هو مقتضى (إطلاق) أكثر النصوص والفتاوي.(باطن الخف) وهو أسفله الملاصق لها (و) أسفل (القدم مع زوال) عين (النجاسة) بها إن كانت ذات عين، وإلّا كفى مسمّى المشي عليها مطلقا.ولا خلاف في أصل الحكم هنا في الجملة بين أصحابنا وإن اختلفوا فيما يطهّر بها : فبين مقتصر على الأمرين كما هنا، ومبدّل للأخير بالنعل كما عن العلّامة،
ومزيد له عليهما كما هو الأشهر بين أصحابنا، بل ربما ادعي عليه وفاقنا،
ومعمّم للثلاثة وغيرها مما يجعل للرجل وقاء كما عن
الإسكافي .
وهو أقوى، وفاقا لبعض أصحابنا،
واقتضاه التدبر في أخبارنا، نظرا إلى التعليل في المستفيض منها بأن الأرض يطهّر بعضها بعضا، هذا مضافا إلى
الأصل الذي مضى مرارا، وإن كان الاقتصار على الثلاثة أحوط وأولى من دون تأمل فيها، للتصريح بها في الأخبار.
ففي النبويين : «إذا وطئ أحدكم الأذى بخفّيه فطهورهما التراب». كما في أحدهما.
وفي الآخر بدل الخفّ : النعل.
وفي الصحيح : رجل وطئ عذرة فساخت رجله فيها أينقض ذلك وضوءه، وهل يجب عليه غسلها؟ فقال : «لا يغسلها إلّا أن يقذرها، ولكنه يمسحها حتى يذهب أثرها ويصلّي».
ونحوه الصحيحان وفي أحدهما : «لا بأس، إن الأرض يطهّر بعضها بعضا».
وفي الثاني : «لا بأس إذا كان خمسة عشر ذراعا أو نحو ذلك».
واشتراط هذا الشرط محكي عن الإسكافي.
خلافا للأكثر فلا، تبعا لإطلاق أكثر النصوص والفتاوي، والتفاتا إلى قرب احتماله الحمل على الغالب. وهو أقوى، بل التدبر في الأخبار يقتضي
الاكتفاء بالمسح بالأرض مطلقا ولو لم يكن هناك مشي أصلا.
وكيف كان : النصوص ما بين مصرّح بالقدم وعام له، إمّا بترك
الاستفصال أو التعليل العام، فالتوقف فيه ـ كما عن
التحرير والمنتهى
ـ ضعيف جدا.وقد جمع بينهما المعتبر المروي في السرائر، مسندا عن مولانا
الصادق عليه السلام ، وفيه : مررت فيه ـ أي الزقاق القذر ـ وليس عليّ حذاء فيلصق برجلي من نداوته، فقال : «أليس تمشي بعد ذلك في أرض يابسة؟ «فقلت : بلى، قال : «لا بأس، إن الأرض يطهّر بعضها بعضا».
وفي ظاهره ـ كما ترى ـ
إشعار بل دلالة على
اعتبار اليبوسة.ونحوه الخبر : عن
الخنزير يخرج من الماء فيمرّ على الطريق فيسيل منه الماء أمرّ عليه حافيا، فقال : «أليس وراءه شيء جافّ؟» قلت : بلى، قال : لا بأس، إنّ الأرض يطهّر بعضها بعضا».
إلّا أن في سنديهما قصورا مع عدم جابر لهما هنا، لإطباق أكثر النصوص والفتاوي بالإطلاق جدا، مع اعتضاده بالأصل الذي مضى. فهو أقوى، إلّا أن اعتبار الجفاف أحوط وأولى.ونحوه الكلام في اعتبار الطهارة، بل هو أولى بالعدم، لعدم
الإيماء إليه في النصوص أصلا، إلّا ما ربما يتوهم من بعض الصحاح،
وليس كذلك ظاهرا.
(وقيل) كما عن المبسوط والخلاف والسرائر
(في الذّنوب الذّنوب : الدلو فيها ماء..، وقيل : هي الدلو الملأى.. قيل : هي الدلو العظيمة.
إذا يلقى على الأرض النجسة بالبول أنها تطهّر مع بقاء ذلك الماء على طهارته) لنبوية عامية ضعيفة قاصرة الدلالة،
ومع ذلك فهي معارضة بمثلها ممّا تضمّن ـ في تلك الحكاية التي تضمنتها الرواية ـ أنه عليه السلام أمر
بإلقاء التراب الذي أصابه البول وصبّ الماء على مكانه،
فالرجوع في تطهيرها إلى مقتضى القواعد أولى، وفاقا لأكثر متأخري أصحابنا.
رياض المسائل، ج۲، ص۱۳۱-۱۴۱.