شرائط الواقف
احفظ هذه المقالة بتنسيق PDF
(الثالث : في) ما يتعلق بـ (
الواقف ).
(ويشترط فيه
البلوغ ، وكمال العقل، وجواز التصرف) برفع
الحجر عنه في التصرفات الماليّة، بلا خلاف.
فلا يصحّ من المحجور عليه لصغرٍ أو جنون أو سفه أو فلس أو نحو ذلك، وعليه
الإجماع في الغنية؛
وهو الحجة، مضافاً إلى الأدلّة الدالّة على الحجر من الكتاب والسنة.
(و) لكن (في) صحة (وقف من بلغ عشراً تردّد) و
اختلاف ، فبين من صحّحه، كالطوسي والإسكافي والتقي،
ومن أفسده، كالديلمي والحلّي والفاضلين والشهيدين،
ولعلّه عليه كافّة المتأخّرين،
وربما يستفاد من
الغنية الإجماع عليه حيث ادّعاه على اشتراط مالكيّة الواقف للتبرّع، وهو ليس بمالك له بالإجماع؛ لثبوت الحجر عليه به وبالكتاب والسنة، وهذه الأدلّة هي الوجه في أحد شقّي التردّد.
ووجه الثاني هو أن (المروي) في المستفيضة (جواز صدقته) منها الموثقان، في أحدهما : «يجوز طلاق الغلام إذا كان قد عقل، وصدقته ووصيّته وإن لم يحتلم».
وفي الثاني : عن صدقة
الغلام ما لم يحتلم؟ قال : «نعم إذا وضعها في موضع
الصدقة ».
والخبر : «إذا أتى على الغلام عشر سنين فإنّه يجوز له في ماله ما أعتق أو تصدّق على وجه معروف وحق فهو جائز».
و
إطلاق الصدقة أو عمومها يشمل الوقف أيضاً؛ لما مضى، مضافاً إلى عدم القائل بالفرق ظاهراً.
(والأولى المنع) عن الصحة؛ لقوة الأدلّة المانعة في نفسها، مع اعتضادها في خصوص المسألة بالشهرة العظيمة، و
استصحاب الحالة السابقة، وضعف النصوص المزبورة عن المقاومة لها من وجوه عديدة : منها مضافاً إلى الشذوذ والندرة قصور أسانيدها عن الصحة.
مع كون الثالثة بحسب السند ضعيفة، والأُوليين ليس فيهما التقييد بالعشر سنين بالمرّة، وتقييدهما بالرواية الثالثة فرع المكافأة، وهي لضعفها مفقودة.
مع تضمّن أُولاها صحة
الطلاق ، وهي ممنوعة، كما سيأتي في بحث الطلاق إليه
الإشارة .
وشيء من هذه الأُمور المزبورة وإن لم يقدح في الحجيّة بعد كون الأسانيد معتبرة، إلاّ أن أمثالها بل وأدون منها في مقام التراجيح معتبرة.
ولا يكافئها اعتضاد النصوص المزبورة بالنصوص الأُخر على جواز وصيته، كالموثق : عن وصية الغلام هل تجوز؟ قال : «إذا كان ابن عشر سنين جازت وصيته».
والخبر : «إذا بلغ الغلام عشر سنين وأوصى بثلث ماله في حقٍّ جازت وصيّته، وإذا كان ابن سبع سنين فأوصى من ماله بشيء في حقٍّ جازت وصيّته».
لقصور
الإسناد فيهما عن الصحة كالسابقة؛ مضافاً إلى ضعف الثانية وتضمّنها جواز وصيّة البالغ سبعاً، ولم يقل به أحد من الطائفة، وإن هي حينئذٍ إلاّ كما دلّ من النصوص على جواز أمره في ماله مطلقاً، ووجوب الفرائض وإقامة الحدود عليه كذلك إذا بلغ ثمان سنين، و
اتحاد الجارية معه في الحكمين إذا بلغت سبع سنين.
قال في المسالك، ولنعم ما قال : ومثل هذه الأخبار الشاذّة المخالفة لأُصول المذهب، بل إجماع
المسلمين ، لا تصلح لتأسيس هذا الحكم،
وبنحوه صرّح الحلّي.
(ويجوز أن يجعل الواقف النظر) في الموقوف (لنفسه) ويشترطه في متن العقد (على الأشبه) الأشهر، بل عليه عامة من تأخّر، ونفى عنه الخلاف في
التنقيح والمسالك،
وادّعى عليه
الإجماع في المختلف؛
وهو الحجة، مضافاً إلى
الأصل ، والعمومات كتاباً وسنة.
خلافاً للحلّي،
فمنع عن صحة هذا الشرط وأفسد به الوقف. وهو شاذّ، ومستنده غير واضح.
ويجوز أن يجعله لغيره قولاً واحداً؛ لعين ما مرّ من الأدلّة؛ مضافاً إلى
التوقيع المتقدم إليه الإشارة،
وفيه : «وأمّا ما سألت من أمر الرجل الذي يجعل لناحيتنا ضيعة يسلّمها من قيّمٍ يقوم بها ويعمرها ويؤدّي من دخلها خراجها ومئونتها ويجعل ما بقي من الدخل لناحيتنا، فإنّ ذلك لمن جعله صاحب الضيعة، إنما لا يجوز ذلك لغيره».
ونحوه أخبار أُخر، منها : الصحيح المتضمّن لصدقة
مولاتنا فاطمة سلام الله عليها بحوائطها السبعة وأنها جعلت النظر فيها
لعليّ عليه السلام ثم للحسن عليه السلام ثم للحسين عليه السلام ثم للأكبر من ولدها.
ومنها : الخبر المتضمّن لصدقة علي عليه السلام، وفيه : يقوم على ذلك
الحسن عليه السلام ثم بعده الحسين عليه السلام ثم من بعده إلى من يختاره
الحسين عليه السلام ويثق به
الحديث ملخّصاً.
ومنها : الخبر المتضمّن لصدقة
الكاظم عليه السلام بأرضه، وقد جعل
الولاية فيها
للرضا عليه السلام وابنه إبراهيم ثم من بعدهم،
على الترتيب المذكور فيه.
رياض المسائل، ج۱۰، ص۱۲۴- ۱۲۸.