شروط المقر
احفظ هذه المقالة بتنسيق PDF
الركن الأوّل من أركان الإقرار هو المقِرّ، وهو الذي يصدر منه الإقرار، ويشترط فيه عدّة شروط ذكرها الفقهاء نتعرّض لها ضمن ما يلي.
ذكروا أنّه يشترط في المقرّ البلوغ، فلا يصحّ
إقرار الصبي ولو كان بإذن وليّه، سواء كان مراهقاً أو لا، وسواء كان مميّزاً أو لا،
وقد ادّعي نفي الخلاف فيه،
بل نسبه
العلّامة الحلّي إلى علمائنا.
هذا كلّه في إقراره بما لا يصحّ فيه إنشاؤه، وأمّا لو أقرّ بما يصحّ فعله منه كالوصية بالمعروف التي قد ثبت في محلّه جوازها من الصبي إذا بلغ عشراً، فقد اختلف فيه على قولين:
الأوّل: أنّه يصحّ إقراره بها،
وقد نسب ذلك إلى غير واحد منهم؛
نظراً إلى قاعدة من ملك شيئاً ملك
الإقرار به، وأنّ الإقرار بالوصيّة في معنى نفس الوصيّة به، لترتّبه عليها، فإذا نفذت
الوصية نفذ الإقرار بها أيضاً.
ونوقش في الأخير بعدم التلازم بين جواز وصيّته بذلك وصحّة إقراره بها.
القول الثاني: أنّه لا يصحّ إقراره بها؛ نظراً إلى عدم الملازمة المشار إليها آنفاً، بل عدم صحّة وصيّته في نفسها،
كما صرّح به
المحقّق الكركي معلّقاً على قول العلّامة الحلّي: «لو جوّزنا وصيّته في المعروف جوّزنا إقراره بها» بقوله: «لأنّ كلّ من ملك شيئاً ملك الإقرار به، وقد سبق أنّا لا نجوّز ذلك».
يشترط في نفوذ الإقرار العقل، فلا يصحّ إقرار المجنون، مطبقاً كان أو أدوارياً حال دوره،
وقد نفي عنه الخلاف؛
نظراً إلى سلب عبارة المجنون كما صرّح به العلّامة الحلّي،
مضافاً إلى عدم شمول بعض أدلّة نفوذ الإقرار- كالسيرة ونحوها- لإقرار المجنون؛ لأنّها دليل لبّي يؤخذ فيه بالقدر المتيقّن، وهو إقرار العاقل.
كما أنّ المشهور بين الفقهاء
أنّ السكران لا ينفذ إقراره مطلقاً، سواء كان من شرب محرّم أو لا.
وخالف
الإسكافي في ذلك، فألزم إقرار من اسكر حراماً باختياره كقضاء الصلاة.
ونوقش فيه بأنّه قياس مع الفارق.
يشترط في صحّة الإقرار ونفوذه
الاختيار والقصد، فلا يصحّ إقرار المكرَه بجميع أفراده،
وقد ادّعي عليه
الإجماع .
ويمكن
الاستدلال له أيضاً تارة بعدم صدق الإقرار مع الإكراه و
الاضطرار ؛ لعدم تحقّق القصد الجدّي وهو مقوّم لصدق الإقرار.
واخرى بحديث الرفع: «رفع ما استكرهوا عليه وما اضطرّوا إليه».
وثالثة: بأنّ عمدة الدليل على حجّية الإقرار إنّما هو
السيرة العقلائية وهي خاصّة بالاختيار والقصد.
نعم، لو اكره على الإقرار بشيء فعدل عنه إلى الإقرار بغيره اختياراً صحّ الإقرار فيما أقرّ به كما صرّح به جماعة،
وذلك كما لو اكره على الإقرار بمئة فأقرّ بمئتين فإنّه يلزم بما أقرّ به؛ لعدم كونه مكرهاً في ذلك.
نعم، إذا أقرّ بأقلّ من مئة فهو مكره؛
إذ قد يكون تخيّل أنّه لو أقرّ بالأقل يحصل دفع الإكراه به أيضاً، أمّا لو فرض علمه بانحصار دفع الإكراه بالإقرار بالمئة ومع ذلك عدل عنه إلى غيره فإقراره نافذ قطعاً؛ لفرض عدم دفع
الإكراه به ولو كان بأقل.
وكذلك لا يصحّ إقرار النائم والمغمى عليه والمبرسم والساهي والغافل والهازل وغيرهم ممّن لا قصد لهم،
وقد ادّعي عدم وجدان الخلاف فيه، بل ادّعي
إمكان تحصيل الإجماع عليه؛ نظراً إلى
اعتبار الاختيار والقصد في الإقرار.
ومن توابع مسألة القصد في الإقرار أن يقرّ بما يفهمه، فلو لقّن جملةً لا يفهمها- ولو كانت بغير لغته- لم يصحّ الإقرار حينئذٍ، وهكذا لو نطق بجملةٍ للفقهاء
اصطلاح خاص فيها ولم يكن المقرّ يفهم أو يعرف مصطلحهم، فإنّه مع عدم القصد- لعدم الفهم- لا يحكم بإقراره.
هذا في مقام الثبوت، وأمّا في مقام
الإثبات فالنوم والإغماء والسكر امور لها أماراتها وعلائمها الظاهرة، وأمّا السهو والغفلة والهزل فهي محتاجة إلى الإثبات، وإلّا فالأصل الجدّ وعدم الغفلة والسهو.
•
إقرار المحجور ، يشترط في المقرّ أن يكون قادراً على التصرّف فيما أقرّ به، فلا يصحّ إقراره- في الجملة- إذا كان محجوراً عليه لسفهٍ أو فلس، فهنا حالتان:
أ- المحجور عليه لسفهٍ، ب- المحجور عليه لفلسٍ.
•
إقرار المريض ، ينفذ إقرار المريض إن برئ من مرضه الذي أنجز فيه ومات في غيره، وانفذت منجزاته؛ لعدم شمول الأخبار الدالّة على عدم نفوذ منجّزات المريض له.
وعليه دعوى
الإجماع أيضاً.
•
إقرار الفاسق ، لا تعتبر
العدالة في الإقرار كما ذكره جماعة من الفقهاء، بل قد نفى
الشيخ الطوسي الخلاف عنه؛ نظراً إلى عموم أدلّة الإقرار.
الموسوعة الفقهية، ج۱۶، ص۲۶- ۳۷.