سنن التخلي
احفظ هذه المقالة بتنسيق PDF
الأمور التي تستحب مراعاتها علي المتخلي هي: ستر
البدن كملاً، وارتياد موضع مناسب للبول، والتقنّع و
تغطية الرأس، والتسمية، وتقديم الرجل اليسرى، و
الاستبراء ، والدعاء ، ... .
ستر
البدن كملاً، بتبعيد مذهب، (المذهب : موضع الغائط)
أو دخول بيت، أو ولوج حفرة؛ تأسياً بالنبي صلي الله عليه وآله و سلم،
وللخبر في
المحاسن في وصية
لقمان لابنه : «إذا أردت قضاء حاجتك فأبعد المذهب في
الأرض ».
وارتياد موضع مناسب للبول بالجلوس في مكان مرتفع أو ذي تراب كثير؛ تأسيا بالنبي صلي الله عليه وآله و سلم،
وتوقياً منه، وللخبرين : «من فقه الرجل أن يرتاد موضعاً لبوله».
والتقنع عند الدخول للأخبار، منها ما في مجالس الشيخ في وصية
النبي صلي الله عليه وآله و سلم لأبي ذر ; : «يا أبا ذر استحي من اللّه، فإني ـ والذي نفسي بيده ـ لاُظلّ حين أذهب إلى الخلاء متقنّعا بثوبي
استحياءً من الملكين اللذين معي».
وبفحوى هذه الأخبار ربما يمكن
الاستدلال لاستحباب (تغطية الرأس عند الدخول) لو كان مكشوفا، مضافاً إلى
الاتفاق المحكي عن المعتبر والذكرى.
وفي الفقيه :
إقرارا بأنه غير مبرئ نفسه من العيوب.
وفي
المقنعة : إنه يأمن به من عبث الشيطان، ومن وصول الرائحة الخبيثة إلى دماغه، وأن فيه
إظهار الحياء من اللّه سبحانه لكثرة نعمه على العبد وقلّة الشكر منه.
(والتسمية) دخولاً وخروجاً بالمأثور في الروايات، منها الصحيح،
وفيما وجده
الصدوق ; بخط
سعد بن عبد اللّه مسنداً : «من كثر عليه السهو في الصلاة فليقل إذا دخل الخلاء : بسم اللّه وباللّه أعوذ باللّه من الرجس النجس الخبيث المخبث
الشيطان الرجيم».
واستحباب مطلقها محتمل. وربما يستفاد من بعضها استحباب
الإخفات بها.
وعند التكشف مطلقاً؛ للخبرين «إذا انكشف أحدكم لبول أو غيره فليقل : بسم اللّه، فإنّ الشيطان يغضّ بصره».
(وتقديم الرجل اليسرى) عند الدخول لفتوى الجماعة،
مع
المسامحة في أدلة الندب والكراهة .
وهو في البناء واضح، وفي الصحراء مثلاً يتحقق بتقديمها إلى المجلس. وربما يخص بالأول، والتعميم نظرا إلى ما قدّمناه أقرب لفتوى البعض.
(و
الاستبراء ) للرجل في البول، توقياً عن نقض الطهارتين، كما يستفاد من
الإجماع المحكي عن
ابن إدريس ،
وفتاوي الأصحاب، والمعتبرة، منها : الحسن : «في الرجل يبول، ثمَّ يستنجي ثمَّ يجد بعد ذلك بللاً، قال : إذا بال فخرط ما بين المقعدة والاُنثيين ثلاث مرّات وغمز بينهما ثمَّ استنجى، فإن سال حتى يبلغ السوق فلا يبالي».
وعليها يحمل
إطلاق ما دلّ على عدم البأس بالبلل الحادث بعد البول.
وفيه
إشعار بعدم الوجوب.
وهو مع الشهرة العظيمة، وخلو الأخبار المستفيضة الواردة في
الاستنجاء من البول عن
الأمر به بالمرة، كالصحيح : «إذا انقطعت درّة البول فصبّ الماء»
بل وإشعار بعضها بانحصار الواجب فيه في غسل
الإحليل خاصة، كالموثق : «إذا بال الرجل ولم يخرج منه شيء فإنما عليه أن يغسل إحليله وحده ولا يغسل مقعدته»
فتأمل.
كافٍ في حمل الصحيحين
الآمرين به على
الاستحباب ، مع عدم صراحتهما، وإشعار ذيلهما بكون المقصود منه ما قدّمنا لا الوجوب.
ويؤيده الخبران المشعران بترك
مولانا الصادق وأبي الحسن عليه السلام إيّاه، ففي أحدهما : بال الصادق عليه السلام وأنا قائم على رأسه ( ومعي إداوة (
الأداوة : إناء صغير من جلد يتخّذ للماء )،
أو قال : كوز ) فلما انقطع شخب (الشخب ـ بالضم ـ : الجريان وبالفتح المصدر)
البول قال بيده هكذا : إليّ، فناولته، فتوضأ مكانه.
فسقط حجة القول بالوجوب، كما عن
ابن زهرة وابن حمزة،
وربما نسب إلى
الاستبصار ، وسياق كلامه في بابه يخالفه.
والأحوط مراعاته كيف كان.
والأحوط في كيفيته مراعاة تسع مسحات، بل لا يبعد عدم الخلاف فيه، كما سيأتي تحقيقه مستوفى في بحث
غسل الجنابة .
(والدعاء) بالمأثور في المعتبرة
(عند الدخول) والخروج (وعند النظر إلى الماء وعند الاستنجاء) مطلقاً و (عند الفراغ) منه.
(والجمع بين الأحجار والماء) مقدّماً الأول على الثاني، كما في
المرسل : «جرت السنة في الاستنجاء بثلاثة أحجار أبكار ويتبع بالماء».
وينبغي تخصيصه بغير المتعدي للأصل، و
اختصاص الخبر به، فتعديته إلى المتعدي ـ كما عن المصنف في
المعتبر ـ يحتاج إلى دليل، ولعل المسامحة لنا في أمثال المقام تقتضيه.
(و
الاقتصار على الماء إن لم يتعد) مخرجه إن لم يجمع، فإنه من الأحجار خاصة أفضل للمعتبرة، منها الصحيح : «قال
رسول اللّه صلي الله عليه وآله وسلم : يا معشر الأنصار ( إنّ اللّه ) قد أحسن الثناء عليكم فما ذا تصنعون؟ قالوا : نستنجي بالماء».
ومنها : «قال عليه السلام لبعض نسائه : مُري نساء المؤمنين أن يستنجين بالماء ويبالغن، فإنه مطهرة للحواشي ومذهبة
للبواسير ».
(وتقديم الرجل اليمنى عند الخروج) لما تقدّم.
والبدأة في الاستنجاء بالمقعدة قبل الإحليل للموثق : عن الرجل إذا أراد أن يستنجي بأيّما يبدأ، بالمقعدة أو الإحليل؟ فقال : «بالمقعدة ثمَّ بالإحليل».
رياض المسائل، ج۱، ص۱۰۲- ۱۰۷.