مسح الرجلين في الوضوء
احفظ هذه المقالة بتنسيق PDF
من
فرائض الوضوء مسح الرجلين إلى
الكعبين وهما قبتا القدم، ويجوز منكوسا، ولا يجوز على حائل من خف وغيره إلا للضرورة.
من
فرائض الوضوء مسح الرّجلين دون غسلهما بالضرورة من مذهبنا، والمتواترة معنى من أخبارنا
.
وما في شواذّها ممّا يخالف بظاهره ذلك
محمول على
التقية من أكثر من خالفنا، أو غير ذلك
ممّا ذكره بعض مشايخنا.
ومحلّه: ظهرهما إجماعاً، فتوىً وروايةً، وعن
مولانا أمير المؤمنين (علیهالسّلام): «لو لا أني رأيت
رسول اللّه (صلیاللهعلیهوآلهوسلّم) يمسح ظاهر قدميه لظننت أنّ باطنهما أولى بالمسح من ظاهرهما»
.
وما في الخبرين من مسح الظاهر والباطن أمراً في أحدهما
وفعلاً في الآخر
محمول على التقية، ولا مانع منه من جهة تضمنهما المسح، إمّا لأن القائلين بغسلهما ربما يعبّرون بمسحهما، وإمّا لأن منهم من أوجب مسحهما مستوعباً
، وإمّا لأجل
إيهام الناس الغسل بمسحهما كذلك، وربما يحمل على إرادة جواز الاستقبال والاستدبار، هذا مع قصور سندهما وشذوذهما.
وحدّه طولاً من رؤوس الأصابع إلى الكعبين إجماعاً كما في
الخلاف والانتصار والتذكرة، وظاهر
المنتهى والذكرى استنادا إلى ظاهر الكتاب، بجعل «إلى» غاية المسح. ولا يقدح فيه جعلها غاية للمغسول في اليدين بالإجماع، لعدم التلازم، نعم ربما ينافيه جواز النكس كما يأتي. مع أنه على تقدير كونها غاية للممسوح يدل على لزوم
الاستيعاب الطولي كما أن الأمر في غسل اليدين كذلك، هذا مضافاً إلى الإجماعات والاحتياط والوضوءات البيانية، ففي الخبر: أخبرني من رأى
أبا الحسن (علیهالسّلام) بمنى يمسح ظهر قدميه من أعلى القدم إلى الكعب، ومن الكعب إلى أعلى القدم، الحديث
.
وخصوص
الصحيح: عن المسح على القدمين، كيف هو؟ فوضع كفه على الأصابع فمسحها إلى الكعبين إلى ظاهر القدم،
الحديث. فتأمل.
وربما احتمل الاكتفاء فيه بالمسمى؛ بناءً على كون
الآية لتحديد الممسوح، بمعنى وجوب وقوع المسح على ما دخل في المحدود، تسوية بينه وبين المعطوف عليه، وللصحيح: «إذا مسح بشيء من رأسه أو بشيء من قدميه ما بين الكعبين إلى أطراف الأصابع فقد أجزأه»
.
ويضعّفان بما تقدّم، ويضعّف الثاني بالخصوص باحتمال موصولية ما المفيدة للعموم، والإبدال عطف على الموصولية من شيء، فيفيد بمفهوم الشرط توقف
الإجزاء على مسح مجموع المسافة الكائنة بينهما، وهو يستلزم
الوجوب، بل لعلّه الظاهر سيّما بملاحظة ما تقدم، فينهض دليلاً على لزوم الاستيعاب، فتأمل.
وعرضاً مسمّاه إجماعاً، كما عن
المعتبر والمنتهى وظاهر التذكرة
للصحيح المتقدم المعتضد بالأصل والإطلاق.
ويستحب بثلاث أصابع للخبر المتقدم في
مسح الرأس، وقيل بوجوبه
.
وعن
النهاية وأحكام الراوندي: تحديد الواجب بالإصبع
.
وعن ظاهر
الغنية تحديده بالإصبعين
. ومستند الجميع غير واضح، وفي الصحيح المتقدم إيماء إلى الوجوب بكل الكف، ولا قائل به، فيحمل على
الاستحباب، وعن بعض الأصحاب استحباب تفريج الأصابع
. ولعله لا بأس به للتسامح في مثله.
وفي وجوب مسح الكعبين وجهان، بل قولان، أحوطهما ذلك، وإن كان ظاهر بعض الصحاح المتقدم في كفاية المسمى في المسح والمعتبرة النافية لوجوب استبطان الشراكين
العدم.
•
الكعبان في الوضوء، وهما أي الكعبان قبّتا القدم أمام الساقين ما بين المفصل والمشط، مشط القدم: العظام الرقاق المفترشة فوق القدم دون الأصابع
عند علمائنا أجمع، كما عن
الانتصار والتبيان والخلاف
ومجمع البيان والمعتبر والمنتهى والذكرى
وابن زهرة،
وابن الأثير وغيره
، حيث نسبوا ذلك إلى
الشيعة.
ويجوز المسح هنا كالرأس منكوساً على الأشهر الأظهر، لما تقدّم، مضافاً إلى خصوص الخبر، بل الصحيح: أخبرني من رأى
أبا الحسن بمنى يمسح ظهر قدميه من أعلى القدم إلى الكعب ومن الكعب إلى أعلى القدم ويقول: «الأمر في مسح الرّجلين موسّع، من شاء مسح مقبلا ومن شاء مسح مدبراً، فإنه من الأمر الموسّع»
.
والصحيح المتقدم ثمّة المروي بطريق آخر هكذا: «لا بأس بمسح القدمين مقبلاً ومدبراً»
. خلافاً لمن تقدّم لما تقدّم؛ والجواب ما عرفت ثمّة
.
ولا يجوز على حائل من خفّ وغيره ومنه الشعر المختص على
الأحوط لندرة إحاطة الشعر بالرّجل، فلا يعمّه الإطلاق، وعموم الأرجل بالنسبة إلى المكلّفين، وكذا النهي عن البحث عمّا أحاط به الشعر
.
و
الأصل في المقام مضافاً إلى ما تقدّم في المسح الأول من
الإجماع منّا وغيره
النصوص.
إلّا لضرورة اتفاقاً على الظاهر؛ للعمومات، وأخبار الجبائر، منها خبر وضع المرارة على
الإصبع.
ومنها التقية؛ لخبر
أبي الورد المعتبر بورود المدح فيه
، ورواية
حمّاد عنه، واشتهاره بين
الأصحاب: عن الخفّين هل فيهما رخصة؟ فقال: «لا إلّا من عدوّ تتقيه أو ثلج تخاف على رجليك»
.
وما ورد في المعتبرة من عدم التقية في المسح على الخفّين
ومتعة الحج مع مخالفته الاعتبار والأخبار عموماً وخصوصاً يحتمل الاختصاص بهم: كما قاله
زرارة في الصحيح، وأنه عطف على قوله: الاختصاص لا حاجة إلى فعلهما غالباً للتقية، لعدم إنكار
العامة خلعهما للوضوء ولا متعة الحج، وإن كان فعلهما على بعض الوجوه مما يوهمهم الخلاف.
وفي حكمه أي المسح على الخفين، غسل الرّجلين، فيجوز للتقية، ولو دارت بينه وبين ما تقدّم قيل: هو أولى، كما عن التذكرة
لخروج الخفّ من الأعضاء.
وفي وجوب إعادة
الوضوء حينئذ مع زوال السبب من غير
حدث وجهان، بل قولان، أحوطهما: الأول لو لم يكن أقوى؛ لتعارض
أصالة بقاء الصحة بقاء الصحة بأصالة بقاء يقين اشتغال الذمة بالمشروط
بالطهارة، وعدم ثبوت أزيد من
الاستباحة من الخبر المجوّز له للضرورة، وهي تتقدّر بقدرها. وهو خيرة المنتهى ومقرب التذكرة
، وفي
التحرير ما ذكرناه
.
خلافاً للمشهور، لاختيارهم الثاني كما قيل
.
فلو زال قبل فوات
الموالاة وجب المسح لبقاء وقت الخطاب، كما عن مقتضى
المبسوط والمعتبر والمنتهى
، ويأتي العدم أي عدم وجوب
الإعادة، على الثاني.
رياض المسائل في تحقيق الأحكام بالدّلائل، الطباطبائي، السيد علي، ج۱، ص۱۳۶-۱۴۵.