موجبات حد الزنا
احفظ هذه المقالة بتنسيق PDF
الزنا الموجب للحدّ: فهو إيلاج
الإنسان فرجه في فرج امرأة من غير عقد ولا ملك ولا شبهة؛ ويتحقق بغيبوبة
الحشفة قبلا أو دبرا؛ ويشترط في ثبوت الحد:
البلوغ،
والعقل،
والعلم بالتحريم،
والاختيار؛ فلو تزوج محرمة
كالأم أو المحصنة، سقط الحد مع الجهالة بالتحريم، ويثبت مع العلم؛ ولا يكون
العقد بمجرده شبهة في السقوط؛ ولو تشبهت الأجنبية بالزوجية فعليها الحد دون واطئها؛ وفي رواية: يقام عليها الحد جهرا وعليه سرا وهي متروكة؛ ولو وطئ المجنون عاقلة، ففي وجوب الحد تردد، أوجبه
الشيخان ولاحد على المجنونة؛ ويسقط الحد بادعاء الزوجية، وبدعوى ما يصلح شبهة بالنظر إلى المدعى.
ولا يثبت
الإحصان الذي يجب معه
الرجم حتى يكون الزانى بالغا حدا له فرج مملوك
بالعقد الدائم أو
الملك، يغدو عليه ويروح، ويستوى فيه المسلمة والذمية؛ وإحصان المرأة كإحصان الرجل لكن يراعى فيها العقل إجماعا؛ ولا تخرج
المطلقة رجعية عن الاحصان، وتخرج
البائن وكذا المطلق؛ ولو تزوج معتدة عالما حد مع الدخول، وكذا المرأة؛ ولو ادعيا الجهالة أو أحدهما قبل على الأصح إذا كان ممكنا في حقه. ولو راجع المخالع لم يتوجه عليه الرجم حتى يطأ، وكذا العبد لو أعتق، والمكاتب إذا تحرر. ويجب الحد على الأعمى، فأن ادعى الشبهة فقولان، أشبهها: القبول مع الاحتمال. وفي
التقبيل والمضاجعة والمعانقة:
التعزير.
ويثبت الزنا بالاقرار أو البينة؛ ولابد من بلوغ المقر، وكماله، واختياره، وحريته، وتكرار
الإقرار أربعا؛ وهل يشترط اختلاف مجالس الإقرار؟ أشبهه: أنه لا يشترط؛ ولو أقر بحد ولم يبينه ضرب حتى ينهى عن نفسه؛ ولو أقر بما يوجب الرجم ثم أنكر سقط عنه، ولا يسقط غيره؛ ولو أقر ثم تاب كان
الإمام مجزى في الإقامة، رجما كان أو غيره؛ ولا يكفى في
البينة أقل من أربعة رجال، أو ثلاثة وامرأتين؛ ولو شهد رجلان وأربع نساء يثبت بهم
الجلد لا الرجم؛ ولا تقبل شهادة ست نساء ورجل، ولا
شهادة النساء منفردات؛ ولو شهد ما دون الأربع لم يثبت، وحدوا للفرية؛ ولابد في
الشهادة من ذكر المشاهدة، كالميل في المكحلة ولابد من تواردهم على الفعل الواحد في الزمان الواحد والمكان الواحد. ولو أقام الشهادة بعض حدوا لو لم يرتقب إتمام البينة؛ وتقبل شهادة الأربعة على الاثنين فما زاد؛ ولا يسقط الحد
بالتوبة بعد قيام البينة؛ ويسقط لو كانت قبلها، رجما كان أو غيره.
أمّا
الزنا الموجب للحدّ فهو: إيلاج
الإنسان وإدخاله فرجه وذكره الأصلي في فرج امرأة محرّمة عليه أصالةً من غير
عقد نكاح ولو متعةً بينهما ولا ملك من الفاعل للقابل، ولا
شبهة دارئة، وضابطها: ما أوجب ظنّ
الإباحة، بلا خلاف أجده، وبه صرّح في
الغنية، ولعلّه المفهوم منه عرفاً ولغةً.
وإطلاق العبارة وإن شمل غير المكلّف، إلاّ أنّه خارج بما زدناه من قيد
التحريم؛ مع احتمال أن يقال: إنّ التكليف من شرائط ثبوت الحدّ بالزنا لا أنّه جزء من مفهومه، فلا يحتاج إلى ازدياد قيد التحريم من هذا الوجه، وإن احتيج إليه لتحقيق معنى الزنا؛ لعدم تحقّقه عرفاً ولغةً إلاّ به، وإلاّ فدخول المجنون بامرأة مثلاً لا يعدّ فيهما زناءً ما لم تكن المدخول بها محرّمة عليه أصالةً.
وقولنا في التعريف: أصالة، يخرج المحرّمة عليه بالعرض بنحوٍ من
الحيض وشبهه بعد حلّيتها عليه بأحد الأُمور الثلاثة، فإنّه لا يعدّ زناءً لغةً ولا عرفاً ولا شرعاً، ولذا لا يجب عليه حدّه إجماعاً.
ويتحقّق الدخول الموجب بغيبوبة
الحشفة أو قدرها من الذكر قُبُلاً أو دُبُراً بلا خلاف أجده، وبه صرّح
الحلّي في شمول الفرج للقبل والدبر
؛ لإطلاق الأدلّة فتوًى وروايةً، ففي الصحيح
وغيره
: «إذا أدخله فقد وجب الغسل والمهر والرجم» فتأمّل.
والأصل في تحريم الزنا وثبوت الحدّ به بعد إجماع الأُمّة الكتاب والسنّة المستفيضة، بل المتواترة الآتي إليها الإشارة في تضاعيف الأبحاث الآتية.
•
شروط حد الزنا، يشترط في ثبوت
الحد:
البلوغ،
والعقل، والعلم بالتحريم،
والاختيار؛ فلو تزوج محرمة كالأم أو المحصنة، سقط الحد مع الجهالة بالتحريم
، ويثبت مع
العلم؛ ولا يكون
العقد بمجرده شبهة في السقوط
؛ ولو تشبهت الأجنبية بالزوجية فعليها الحد دون واطئها
؛ وفي
رواية: يقام عليها الحد جهرا وعليه سرا
، وهي متروكة؛ ولو وطئ المجنون عاقلة، ففي وجوب الحد تردد، أوجبه
الشيخان؛ ولاحد على المجنونة
؛ ويسقط الحد بادعاء الزوجية، وبدعوى ما يصلح شبهة بالنظر إلى المدعى
.
•
حد الإحصان، ولا يثبت
الإحصان الذي يجب معه
الرجم حتى يكون الزانى بالغا حدا له فرج مملوك
بالعقد الدائم أو
الملك، يغدو عليه ويروح
، ويستوى فيه المسلمة والذمية؛ وإحصان المرأة كإحصان الرجل لكن يراعى فيها العقل إجماعا؛ ولا تخرج المطلقة
رجعية عن الإحصان، وتخرج
البائن، وكذا المطلق
؛ ولو تزوج معتدة عالما حد مع الدخول، وكذا المرأة؛ ولو ادعيا الجهالة أو أحدهما قبل على الأصح إذا كان ممكنا في حقه
.
ولو راجع المخالع إمّا لرجوعها في
البذل، أو بعقد مستأنف لم يتوجّه عليه الرجم حتى يطأ زوجته؛ لزوال الإحصان بالبينونة، وخروج الاختيار عن يده، والرجوع غايته أنّه كعقد جديد أو نفسه، وهو بمجرّده لا يوجب الإحصان ما لم يدخل، كما مرّ؛ والنصوص به زيادة على الصحيح المتقدّم مستفيضة:
منها الصحيح: عن الرجل يزني قبل أن يدخل بأهله، أيرجم؟ قال: «لا»
.
والصحيح: عن قول الله عزّ وجلّ «فَإِذا أُحْصِنَّ»
، قال: «إحصانهنّ أن يدخل بهنّ» قلت: إن لم يدخل بهنّ أما عليهنّ حدّ؟ قال: «بلى»
.
والموثّق: عن البكر يفجر وقد تزوّج ففجر قبل أن يدخل بأهله؟ فقال: «يضرب مائة، ويجزّ شعره، وينفى من المصر حولاً، ويفرّق بينه وبين أهله»
ونحوه الخبر
.
وكذا العبد لو أُعتق، والمكاتب إذا تحرّر لا يتوجّه عليهما
الرجم حتى يطئا زوجتهما أو مملوكتهما في حال الحرّية؛ لعدم
الوطء حالتها المشترط في ثبوت الرجم كما مضى، ولخصوص الصحيح: في العبد يتزوّج الحرّة ثم يعتق فيصيب فاحشة، قال: فقال: «لا رجم عليه حتى يواقع الحرّة بعد ما يعتق»
.
ويجب الحدّ على
الأعمى مطلقاً، جلداً كان أو رجماً، ولا يدفعه عماه إجماعاً؛ لعموم الأدلّة.
فإن ادّعى
الشبهة، ففي قبول دعواه ودر الحدّ بها قولان، أشبههما: القبول مع الاحتمال والإمكان في حقّ مثله، وعليه الأكثر كما في
المسالك، بل المشهور كما في
شرح الشرائع للصيمري، بل عليه عامّة المتأخّرين وفاقاً منهم للحلّي، لكنّه قيّده بما إذا شهد الحال بما ادّعاه، بأن يكون قد وجدها على فراشه فظنّها زوجته أو أمته، قال: ولو شهدت الحال بخلاف ذلك لم يصدَّق
.
وهو موافق للقوم إن أراد بشهادة الحال بخلافه:
الشهادة بالقطع؛ وضعيفٌ إن أراد بها الشهادة بنحوٍ من المظنّة؛ لعدم ارتفاع الشبهة الحاصلة من دعواه بمجرّده وإن ضعفت معه، فقوله على هذا التقدير ضعيف.
ونحوه في الضعف تقييد
التنقيح قبول قوله بكونه عدلاً
؛ إذ لا وجه له أصلاً بعد حصول
الشبهة الدارئة للحدّ بدعواه جدّاً.
والقول الثاني للشيخين والقاضي
والديلمي، فلم يصدّقوه في الدعوى، قالوا: لأنّه قد كان ينبغي له أن يتحرّز ويتحفّظ من الفجور
.
وهو كما ترى، فإنّ وجوب التحرّز المزبور على تقدير تسليمه لا يدفع الشبهة المحتملة الدارئة، ومخالفته ليس زنا، ولا يوجب القطع بقصده إيّاه وعلمه به كما لا يخفى.
وحيث قد عرفت اعتبار إيلاج الفرج في الفرج في تعريف الزنا لغةً وعرفاً وشرعاً، ظهر لك أنّه ليس في
التقبيل والمضاجعة والمعانقة وغير ذلك من الأُمور المحرّمة حدّ، بل
التعزير خاصّة، فيناط بما يراه الحاكم، وفاقاً للنهاية
، وعليه المتأخّرون كافّة كما في المسالك
، وادّعى عليه الشهرة المطلقة
الماتن في
الشرائع وجماعة
، بل عليه الإجماع في الغنية
.
للمعتبرة المستفيضة
، وفيها الصحاح والموثّق وغيرها، الواردة في الرجلين أو الرجل والمرأة يوجدان في لحاف واحد أنّها يضربان دون الحدّ، كما في الصحيح منها
، أو مائة سوط غير سوط، كما في باقيها.
وظاهرها وإن أفاد تعيّن المائة إلاّ واحداً وهو ينافي كونه تعزيراً منوطاً برأي الحاكم إلاّ أنّ
إطلاق الصحيح والإجماع الظاهر والمحكيّ وعدم قائل بتعيّن مضمونها أوجب حملها على ما إذا رأى الحاكم تعيّنه؛ مع أنّه ورد: الضرب ثلاثين ثلاثين، في الرجلين المجتمعين تحت إزار واحد
.
وقال في الخلاف: روى أصحابنا في الرجل إذا وجد مع امرأة أجنبيّة يقبّلها ويعانقها في فراش واحد: أنّ عليهما مائة جلدة، وروى ذلك عن
عليّ (علیهالسّلام)؛ وقد روي: أنّ عليهما أقلّ من الحدّ
.
وظاهره التردّد، أو ترجيح الأوّل، ولا وجه له؛ لرجحان
الرواية بدون الحدّ بالكثرة، والشهرة العظيمة، وحكاية الإجماع المتقدّمة، وبها يجاب عن
الإجماع المستشعر من عبارته على ترجيح الرواية بتمام الحدّ، وهي الصحيح: «إذا وجد الرجل والمرأة في لحاف واحد جُلِدا مائة»
ونحوه آخر
وغيره
.
وحملها
الشيخ على وقوع الزنا أيضاً وعلم به الإمام جمعاً. ولا بأس به، بل متعيّن؛ لندرة القائل بها كما مضى، وربما يحكى عن
المقنع والإسكافي.
وعن
المفيد: تعيّن التعزير من عشرة إلى تسعة وتسعين
. ونحوه عن غيره، مبدلاً العشرة بالثلاثين
.
ومستندهما غير واضح، عدا الإجماع في الغنية على الأوّل، حيث ادّعاه عليه في كلّ تعزير
، ولكن ادّعى الشهرة المتأخّرة على الثاني بعض الأجلّة
.
•
ثبوت الزنا بالإقرار، يثبت الزنا على كلّ من الرجل والمرأة بالإقرار
، ولابد من
بلوغ المقر، وكماله، واختياره، وحريته، وتكرار الإقرار أربعا
وغيره
؛ وهل يشترط اختلاف مجالس
الإقرار؟ أشبهه: أنه لا يشترط؛ ولو أقر بحد ولم يبينه ضرب حتى ينهى عن نفسه
؛ ولو أقر بما يوجب
الرجم ثم أنكر سقط عنه
، ولا يسقط غيره
؛ ولو أقر ثم تاب كان
الإمام مجزى في الإقامة، رجما كان أو غيره
.
•
ثبوت الزنا بالبينة، ولا يكفى في إثبات الزنا بالبينة أقل من أربعة رجال، أو ثلاثة وامرأتين
،
والسنّة المستفيضة
؛ ولو شهد رجلان وأربع نساء يثبت بهم
الجلد لا الرجم
؛ ولا تقبل شهادة ست نساء ورجل، ولا
شهادة النساء منفردات
، ولا ريب في شذوذه، كما صرّح به بعض
الأصحاب؛ ولو شهد ما دون الاربع لم يثبت، وحدوا للفرية
، فقال سبحانه «لَوْ لا جاؤُ عَلَيْهِ بِأَرْبَعَةِ شُهَداءَ فَإِذْ لَمْ يَأْتُوا بِالشُّهَداءِ فَأُولئِكَ عِنْدَ اللهِ هُمُ الْكاذِبُونَ»
؛ ولابد في
الشهادة من ذكر المشاهدة، كالميل في المكحلة
؛ ولابد من تواردهم على الفعل الواحد في الزمان الواحد والمكان الواحد
. ولو أقام الشهادة بعض حدوا لو لم يرتقب إتمام البينة
؛ وتقبل شهادة الاربعة على الاثنين فما زاد
؛ ولا يسقط
الحد بالتوبة بعد قيام البينة
؛ ويسقط لو كانت قبلها، رجما كان أو غيره
.
رياض المسائل في تحقيق الأحكام بالدّلائل، الطباطبائي، السيد علي، ج۱۵، ص۴۳۴-۴۷۲.