واجبات التخلي
احفظ هذه المقالة بتنسيق PDF
الأمور التي تجب مراعاتها علي المتخلي هي وجوب
ستر العورتين و حرمة
استقبال القبلة واستدبارها وجوب غسل مخرج البول بالماء.
(فالواجب) على المتخلي بل مطلقاً (ستر العورتين) قبلاً ودبراً عن الناظر المحترم، بالإجماع والكتاب والنصوص.
في المرسل : عن قوله تعالى (قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُم ْ)
فقال : «كلّ ما كان في كتاب اللّه من ذكر حفظ الفرج فهو من الزنا إلّا في هذا الموضع، فإنه للتحفظ من أن ينظر إليه».
وعلى التحريم يحمل لفظ
الكراهة في بعض الأخبار،
مضافا إلى عدم ثبوت كونه حقيقة في المعنى المصطلح.
(ويحرم) عليه حين التخلي، أو مطلقاً ولو حال
الاستنجاء على الأحوط كما في الخبر
(استقبال القبلة) بمقاديم
البدن خاصة، أو الفرج أيضاً على الأحوط (واستدبارها) بالمآخير مطلقاً (ولو كان في
الأبنية على الأشبه) وعليه الأكثر، بل عن الخلاف والغنية
عليه
الإجماع .
للمستفيضة
وإن قصرت أسانيدها لانجبارها بالشهرة مع حكاية اتفاق الطائفة مؤيّداً بالاحتياط، ووجوب تعظيم القبلة، وما دلّ على حرمة الأمرين عند المباشرة، بل ولعن فاعلهما عندها
فمع جميع ذلك لا حكم للأصل هنا.
اشتمال بعضها على بعض المكروهات غير ضائر، وإن هو إلا كالعام المخصص سيما بعد ملاحظة ما ذكرناه.
و
إشعار بعض الحسان بالكراهة بمجرده غير صالح لصرف ظواهر المستفيضة إليها، سيّما مع عدم التكافؤ.
والحسن ـ المتضمن لبناء الكنيف مستقبل القبلة في منزل
مولانا الرضا عليه السلام ـ مع عدم تكافئه لما تقدّم غير واضح الدلالة على جواز
الاستقبال ، مضافاً إلى قوة احتمال بناء بابه إليها.
فسقط حجج القول بالجواز مع الكراهة مطلقاً، كما ربما نسب إلى
المقنعة ،
أو في البنيان خاصة كما نسب إلى سلّار.
(ويجب غسل) ظاهر (مخرج البول) لا باطنه إجماعا (ويتعيّن الماء لإزالته) فلا يجزي غيره مطلقاً.
بإجماعنا المحكي عن جماعة،
والصحاح المستفيضة.
منها : «ولا يجزي من البول إلّا الماء».
ومنها : الأخبار الدالة على وجوب غسل الذكر على من صلّى قبل غسله من دون
استفصال ، ففي الصحيح في التارك لغسله : «بئس ما صنع، عليه أن يغسل ذكره ويعيد صلاته ولا يعيد وضوءه».
وبعض الأخبار المنافي لذلك
مع ضعفه وشذوذه وعدم وضوح دلالته وعدم مقاومته لما تقدم مؤوّل بتأويلات جيّدة، أقربها الحمل على التقية،
لاشتهاره بين العامة.
وأمّا ما في الموثق : إني ربما بلت فلا أقدر على الماء ويشتد ذلك عليّ، فقال : «إذا بلت وتمسحت فامسح ذكرك بريقك، فإن وجدت شيئا فقل هذا من ذاك».
فليس بمناف لما تقدم كما يتوهم، إذ مع حصول الطهارة بالتمسح لا وجه لمسح الذكر بالريق بعده، ولا قول «هذا من ذاك» بعد وجدان البلل.
وظني أن المراد به بيان حيلة شرعية يتخلص بها عمّا يوجد من البلل بعد التمسح، بأن يمسح الذكر دون المخرج بالريق ويجعل وسيلة لدفع اليقين بنجاسة ما يجده من البلل بعد ذلك باحتمال كونه منه لا من الخارج من المخرج
التفاتا إلى ما ورد في المعتبرة من عدم نقض يقين الطهارة بالشك في حصول النجاسة، فهو بالدلالة على خلاف ما توهم أشبه.
وفيه دلالة حينئذ على كون المتنجس منجّساً مطلقاً، لا على الخلاف كما توهّم.
مضافاً إلى ضعفه في نفسه ومخالفته الإجماع وغيره من الأدلة، كالمعتبرة المستفيضة الآمرة بغسل
الأواني والفرش و
البسط متى تنجس شيء منها،
وليس ذلك إلّا لمنع تعدي نجاستها إلى ما يلاقيها برطوبة ممّا يشترط فيه الطهارة. ولو كان مجرّد زوال العين فيها كافياً لعرى
الأمر فيها بذلك عن الفائدة، لعدم استعمال شيء منها في مشروط بالطهارة، ولأشير في خبر منها بكفاية التمسح. فتأمّل.
وصرف الحيلة في الموثق إلى دفع اليقين بنقض الوضوء السابق بالبلل الذي يحس به بعد التمسح بفرض كون البلل المحسوس من الريق دون المخرج، ضعيف.
أولاً : بعدم التعرض للوضوء وعدم
الاستبراء فيه.
وثانياً : بأولوية الجواب بالاستبراء حينئذ من الأمر بالحيلة المزبورة.
وثالثاً : بعدم المنافاة بين حصول هذه الحكمة وبين القول بتعدي النجاسة فجعله لذلك دليلا لعدم تعديها فاسد بالبديهة.
ورابعاً : بأن هذا
الاحتمال بعد تسليمه ليس بأولى ممّا ذكرناه من الاحتمال، فترجيحه عليه وجعله دليلاً غير واضح.
وبالجملة فشناعة هذا التوهم أظهر من أن يبيّن.
(وأقلّ ما يجزئ) من الماء هنا (مثلاً ما على الحشفة) على الأشهر؛ للخبر.
وضعفه ـ لو كان ـ بالشهرة قد انجبر، وإلّا فهو حسن على الأظهر، وهو حجة في نفسه على الأصح، والعمل عليه متعيّن كيف كان.
والأظهر في تفسيره كون المراد بالمثلين الكناية عن الغسلة الواحدة، بناءً على
اشتراط الغلبة في المطهّر، وهو لا يحصل بالمثل.
وبه يظهر وجه القدح في تفسيره بالغسلتين،
وما قيل في دفعه تكلّف مستغنى عنه.
ومنه يظهر كون النزاع بين المشهور وبين من قال بكفاية مسمّى الغسل ـ تمسكاً
بالأصل والإطلاقات ـ لفظيا، كما نقل التصريح به عن البيان.
إلّا أن يقال بحصول الثمرة فيما إذا تحقّق المسمّى بالمثل ونصفه، فظاهر القول الأخير كفايته، وظاهر الأول العدم تمسّكا بالخبر.
هذا، والقول بالغسلتين إن لم نقل بقوته فلا ريب في أنه أحوط للشبهة، وللأخبار الآمرة بالمرّتين في غسله من الجسد
والثلاث أكمل، للصحيح : «كان يستنجي من البول ثلاث مرّات».
(و) كذا يتعيّن (غسل) ظاهر (مخرج الغائط) لا باطنه إجماعا للموثق : «إنما عليه ما ظهر منها وليس عليه أن يغسل باطنها»
وفي معناه الصحيح.
(بالماء) إن تعدّى الخارج إلى محل لا يعتاد وصوله إليه، ولا يصدق
اسم الاستنجاء على إزالته، إجماعا كما عن المعتبر
للخبر «يكفي أحدكم ثلاثة أحجار إذا لم يتجاوز محل العادة».
وكذا مع
استصحاب نجاسة خارجية مع الخارج على الأحوط بل الأقوى، صرّح به شيخنا في
الذكرى .
(وحدّه :
الإنقاء ) كما في الحسن : قلت له : للاستنجاء حدّ؟ قال : «لا، حتى ينقى ما ثمّة».
وربما فسّر بزوال العين و
الأثر .
والمراد به على الأظهر : الأجزاء الصغار التي لا تزول بالأحجار، لا اللون ـ كما توهّم ـ لدلالته على بقاء العين
لمنع الدلالة أوّلاً، ثمَّ منع كون تلك العين الباقية على تقدير تسليمها غائطاً ثانياً، والنقض بعدم البأس بلون الدم بعد
إزالة عينه ـ كما في الخبر المعتبر ـ
ثالثاً.
ولا عبرة بالرائحة الباقية على المحل أو اليد خاصة إجماعاً كما حكي
للأصل، ولذيل الحسن المتقدم، قال : فإنّه ينقى ما ثمّة ويبقى الريح، قال : «الريح لا ينظر إليها»، وربما حد بالصرير وخشونة المحل حتى يصوت.
وهو كما ترى.
(وإن لم يتعدّ المخرج تخيّر) في التطهير (بين الماء والأحجار) إجماعاً؛ للمعتبرة المستفيضة.
وكذا غيرها من الأجسام الطاهرة المزيلة للعين، على الأشهر الأظهر، بل عن
الخلاف عليه الوفاق
لعموم الحسن السابق، والموثق،
والنبوي : «إذا مضى أحدكم لحاجته فليمسح بثلاثة أحجار، أو بثلاثة أعواد، أو ثلاث حثيات من تراب».
وخصوص الصحاح في الكرسف والمدر والخرق والخزف انظر
، وإشعار الأخبار الناهية عن العظم والروث
به.
خلافاً للإسكافي في الآجر والخزف.
وما تقدّم حجة عليه.
ولسلّار فيما ليس أصله أرضاً،
وفسّر في البيان بما ليس بأرض ولا نبات.
وهو أحوط.
(ولا يجزئ أقلّ من ثلاثة أحجار) أو ما قام مقامها إذا لم يحصل النقاء به إجماعا.
(ولو نقي بما دونها اعتبر
الإكمال ثلاثاً) وجوباً على الأشهر الأظهر.
لاستصحاب النجاسة، و
الاقتصار في استصحاب الأجزاء الباقية بعد
الاستجمار في الصلاة ونحوها على القدر المجمع عليه، وورود الأمر بالتثليث والنهي عمّا دونه في العامية
المنجبرة بالشهرة والأصول المتقدمة، والصحيحين المتضمنين لجريان السنّة به،
كالمرسل : «جرت السنّة في الاستنجاء بثلاثة أحجار أبكار»
مع
إطلاق الإجزاء عليه في أحدهما، وخبر آخر: «يجزي من الغائط المسح بلأحجار ولايجزي من البول إلاّ الماء» لأن أقل الجمع ثلاثة
المقتضي لعدمه فيما دونه.
خلافاً لجماعة،
فاكتفوا بالأقل مع حصول النقاء به؛ التفاتاً إلى الحسن السابق، والموثق : «يغسل ذكره ويذهب الغائط».
وهما ـ مع قصورهما عن المقاومة لما تقدم ـ غير صريحي الدلالة؛ لاحتمال الحسن الاستنجاء بالماء كما يشعر به ذيله، و
إجمال الموثق فيحمل على الطريق المعروف من السنّة.
وممّا ذكر يظهر عدم كفاية ذي الجهات الثلاث عنها، وفاقا لجماعة.
خلافاً لآخرين؛
لاعتبارات هيّنة واستبعادات ظنّية غير لائقة بالأحكام الشرعية التعبدية.
(وتستعمل الخرق) جمع خرقة ونحوها (بدل الأحجار) وفاقاً للمعظم لما تقدّم، وفي وجوب
إمرار كل من الثلاث على مجموع المحل، أم
الاكتفاء بالتوزيع، قولان، أصحّهما : الأول، يعرف وجهه ممّا تقدم من الاُصول وأخبار التثليث، لعدم تبادر المقام منها.
ولو لم ينق بها وجب الزيادة عليها إجماعاً، تحصيلاً للنقاء المأمور به في الأخبار.
ويستحب الوتر مع حصول النقاء بدونه للنبويين، في أحدهما : «من استجمر فليوتر، فإن فعل فقد أحسن، ومن لا فلا حرج».
(ولا) يجوز أن (يستعمل) النجس بغير
الاستعمال إجماعاً، كما عن
المنتهى قيل : لخبر الأبكار.
ولا ما يزلق عن النجاسة لعدم تحقق النقاء. والأحوط مراعاة الجفاف، بل قيل بوجوبه.
ولا (العظم ولا الروث) بإجماعنا المحكي عن الفاضلين وظاهر
الغنية ،
والمعتبرة المنجبرة بالشهرة، منها : «من استنجى برجيع أو عظم فهو برئ من
محمّد صلي الله عليه و آله و سلم ».
ومنها : «لا تستنجوا بالروث ولا بالعظام، فإنه زاد إخوانكم من الجن».
وعن
التذكرة احتمال الكراهة للأصل، وضعف المعتبرة.
وهو كما ترى.
(ولا الحجر المستعمل) لما تقدّم.
ولا المطعوم إجماعاً، كما عن المنتهى
لفحوى علّة المنع في العظم، وخصوص الخبرين في الخبز.
وفي الخبر : سأله عن صاحب له فلّاح يكون على سطحه الحنطة والشعير، فيطؤونه ويصلّون عليه، فغضب وقال : «لو لا أني أرى أنه من أصحابنا للعنته».
ولا المحترم، كورق المصحف ونحوه ممّا كتب عليه اسمه سبحانه، أو اسم أحد الأنبياء أو
الأئمة : لفحوى ما دلّ على منع مسّ المحدث بالجنابة مثلا في الأوّلين، وكونه
إهانة موجبة للكفر لو فعل بقصدها في الجميع، مضافاً إلى فحوى الخبر المذكور في الحنطة والشعير.
وكالتربة الحسينية على مشرّفها السّلام لما ذكر، وللخبر الطويل عن أمالي الشيخ.
وفي الإجزاء مع الاستعمال وجهان، والأحوط : العدم، وفاقاً لجماعة.
وقيل : نعم.
وهو مشكل، وقد روي عن
النبي صلي الله عليه وآله تعليل النهي عن العظم والروث بأنهما لا يطهّران.
فتأمّل.
رياض المسائل، ج۱، ص۹۲- ۱۰۲