وجوب ستر العورة فی الصلاة
احفظ هذه المقالة بتنسيق PDF
(الثانية : يجب) ستر العورة في الصلاة مطلقا، وفي غيرها إذا كان هناك ناظر محترم، بإجماع العلماء كافّة، كما حكاه جماعة حدّ
الاستفاضة ،
والنصوص به مع ذلك مستفيضة، بل
متواترة ، منها : «عورة المؤمن على المؤمن حرام».
وهو شرط في الصلاة عند علمائنا وأكثر العامة، كما صرّح به جماعة حدّ الاستفاضة،
وهو ظاهر جملة من المستفيضة الآتية في صلاة العراة منفردين وجماعة، حيث أسقطت معظم الأركان من
الركوع والسجود والقيام بفقد الساتر، ولو لا كونه شرطا للصحة لما ثبت ذلك.
وهل شرطيته ثابتة مع المكنة على
الإطلاق ، أو مقيّدة بالعمد؟الأصح الثاني، وفاقا للأكثر على الظاهر، المصرّح به في كلام بعض،
للأصل ، وعدم دليل على الشرطية على الإطلاق، وخصوص الصحيح : عن الرجل يصلّي وفرجه خارج لا يعلم به، هل عليه
الإعادة ؟ قال : «لا إعادة عليه وقد تمت صلاته».
خلافا للإسكافي، فيعيد في الوقت.
ولا دليل عليه، مع أن الشرطية إن ثبتت على الإطلاق وجب الإعادة مع تركه على الإطلاق.
وللشهيد قول آخر
لا أعرف وجهه، وإن استحسنه في
المدارك بعد اختياره المختار،
وهو الفرق بين نسيان الستر
ابتداء فيشترط، وعروض التكشّف في الأثناء فلا.ويجب الستر بعد العلم بعدمه في الأثناء قولا واحداً.
ويجزي (للرجل ستر قبله ودبره) على الأشهر الأقوى، بل عليه عامة متأخّري أصحابنا، بل ومتقدميهم أيضا، كما يفهم من الأصحاب، حيث لم ينقلوا الخلاف إلّا عمن يأتي، مؤذنين بندورهما وشذوذهما، كما صرّح به الشهيدان في
روض الجنان والذكرى،
وفي الخلاف والغنية أن عليه
إجماع الفرقة،
وفي السرائر أن عليه إجماع فقهاء
أهل البيت ،
وهو الحجة.مضافا إلى
الأصل ، وظواهر النصوص المستفيضة، منها : «العورة عورتان : القبل والدبر، والدبر مستور بالأليتين، فإذا سترت القضيب والبيضتين فقد سترت العورة».
ومنها : عن الرجل بفخذه أو أليتيه الجرح، هل يصلح للمرأة أن تنظر إليه وتداويه؟ قال : «إذا لم يكن عورة فلا بأس».
ومنها : «الفخذ ليس من العورة».
وفي آخر : «أن الركبة ليست من العورة» ولم نعثر عليه في كتب الحديث. ورواه بهذا المتن في الذكرى عن محمد بن حكيم.
ولكن ما روي عنه في
التهذيب ، هكذا : «إن الفخذ ليست من العورة»..
وقصور الأسناد والدلالة في بعضها مجبور بالشهرة، وعدم قائل بالفرق بين الطائفة.
(وستر ما بين السرة والركبة أفضل) كما هو المشهور، بل في الخلاف الإجماع عليه.
وأوجبه القاضي،
ولعله للخبر المروي في
قرب الإسناد للحميري : «إذا زوّج الرجل أمته فلا ينظر إلى عورتها، والعورة ما بين السرة والركبة».
وفيه ـ مع عدم وضوح السند، وعدم المقاومة لما مرّ ـ ظهوره في عورة
الأمة لا الرجل، أو العورة المطلقة على بعد، فهو على التقديرين مخالف للإجماع فتوى ونصا.على أن المرأة مطلقا جميع جسدها عورة إلّا الوجه وما شابهه مما سيأتي إليه
الإشارة .وتقييده بالرجل بعيد عن سياقه، ولو سلّم فلا يبعد حمله على
التقية ، فإن القول بذلك نسبه في المنتهى إلى مالك والشافعي وأحمد في إحدى الروايتين، وأصحاب الرأي وأكثر الفقهاء،
ويعضده أن الراوي حسين بن علوان وهو عامي.
وفي الخبر : أن
أبا جعفر عليه السلام اتّزر بإزار وغطّى ركبتيه وسرّته، ثمَّ أمر صاحب الحمام فطلى ما كان خارجا من
الإزار ، ثمَّ قال : «اخرج عنّي» ثمَّ طلى هو ما تحته بيده، ثمَّ قال : «هكذا فافعل».
وفيه دلالة على
استحباب ستر الركبة أيضا، كما عن ابن حمزة.
وإنما حمل على الفضيلة لما مرّ من الأدلّة؛ مضافا إلى أنه روي ـ في مثل هذه الحكاية التي تضمنها ـ : أنه عليه السلام كان يطلي عانته وما يليها، ثمَّ يلفّ إزاره على طرف إحليله ويدعو قيّم الحمّام فيطلي سائر بدنه.
وربما يحكى عن
الحلبي أنه جعل العورة من السرة إلى نصف الساق.
وفيه نظر، فإن المحكي عنه في المختلف موافقته للقاضي، إلّا أنه قال : ولا يمكن ذلك إلّا بساتر من السرة إلى نصف الساق ليصح سترها في حال الركوع والسجود.
وهو ـ كما ترى ـ ظاهر في موافقته القاضي.
وإيجابه الستر إلى نصف الساق لا ينافيه، لظهور عبارته في أنه من باب المقدمة لا من حيث كون الركبة فما دونها من العورة، ولعلّه لذا ادعى الفاضلان
الإجماع على أن الركبة ليست من العورة في
المعتبر والمنتهى والتحرير والتذكرة،
فلا وجه لتلك الحكاية.
والمراد بالقبل هو : القضيب والبيضتان دون العانة، وبالدبر : نفس المخرج دون الأليين ـ بفتح الهمزة والياء بغير تاء، كما قيل،
تثنية الألية بالفتح أيضا ـ كما صرح به جماعة،
من غير خلاف بينهم أجده إلّا من الفاضل في التحرير، فظاهره التردد في جعل البيضتين من القبل،
وهو شاذّ يردّه أول المستفيضة ، مع شهادة العرف بأنهما من العورة.
رياض المسائل، ج۲، ص۳۷۴-۳۷۸.